الـنفـاق ضـعـف فــي الإيمــان وتـدمـيـر للـمـجـتـمـع

سبت, 10/26/2019 - 13:45
عمر دغوغي الإدريسي

تتغلغل بين الناس في مجتمعنا العربي ظاهرة عجيبة تندرج تحتها الكثير من الأفعال، وهي أسوأ ما يمكن أن يوصف بها الإنسان، وربما تتسبب هذه الظاهرة في انهيار المجتمعات وإصابتها بالشلل والخلل، وتغزو ظاهرة ومرض "النفاق الاجتماعي" العديد من المجتمعات العربية، وتدب كالسرطان في جسد الناس على عدة أشكال، كالتصنع والتلون والكذب والخداع في العلاقات بهدف الظهور الآخرين من أجل المصالح الشخصية، فما هو النفاق الاجتماعي؟ وما الذي يميزه عن المجاملة؟ وما حكمه شرعاً؟ وكيف يمكن علاجه و اجتنابه، وما واجب الأمة تجاه ذلك؟

إن النفاق الاجتماعي يتعلق بسلوك اجتماعي وعلاقات فردية، وأمراض اجتماعية تؤثر بقوة المجتمع وتماسك أفراده ، موضحاً أن النفاق الديني هو قول باللسان أو الفعل بخلاف ما في القلب أو ستر الكفار وإظهار الإيمان.

أن النفاق عموماً مذموم لافتاً إلى تحذير النبي صلى الله وعليه وسلم من ذلك بقوله: (تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ) (رواه البخاري).

وأشير إلى أن ذا الوجهين يأتي كل طائفة بما يرضيها، فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها ، أن بعضهم يفعل ذلك لمصلحة دنيوية أو مصلحة اجتماعية –أستدل - بقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا كان لَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ) (رواه البخاري) .) 

ويلعب النفاق دوراً بارزاً في تقويض الدولة الإسلامية  حيث يدبّ في جسد الأمة كما يدب السرطان في جسد الناس، حيث يجعلها جثة هامدة عن طريق إحداث الفتنة والاضطرابات والفرقة، والعمالة مع أعداء الإسلام في هدم الإسلام والمسلمين.

 أن الناس أصناف متعددة، منهم الصريح ومنهم المداهن: "فإذا داهنت أو جاملت الفاسق توهّم السامع بعكس ما هو فيه، واقترفت خطأ، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإسلام، إِذَا فَقهُوا وَتَجِدونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأتِي هؤُلاَءِ بَوَجْهٍ وَهؤُلاَءِ بِوَجْهٍ) (رواه البخاري).

إن النفاق الاجتماعي يكون عند بعض الأشخاص في السكوت عن الخطأ بحجة المصلحة، أو خوفاً من فقد ثقة المُجَامل، يقول الحسن البصري: "تولى الحجاج العراق وهو عاقل كيّس، فما زال الناس يمدحونه حتى صار أحمقاً طائشاً سفيهاً". وعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الغائرة بَيْنَ الغانمين، تَعِيرُ إلى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً) (رواه مسلم).

 و يتجلى مرض النفاق في مجتمعنا في العمل، وحتى في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا ينبغي أن يكون هذا النفاق على حساب الدين، فلا نبيح محرماً ولا نفتي إرضاء للمسئول، ولا نغير حكم الله.

أن النفاق الاجتماعي من علامات الساعة  قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع) -يعني العبيد والسفلة من الناس (رواه الترمذي بسند صحيح).

النفاق الاجتماعي مذموم، ويدل على ضعف إيمان بعض الناس وقلة خوفهم من الله تعالى، عازياً انتشاره لضعف الثقة بالنفس عند بعض الناس، والطمع المادي، والشعور بالنقص، إلى جانب دور بعض وسائل الإعلام التي تغذي هذا المرض".

حثّ النبي صلى الله وعليه وسلم للإخلاص والصدق في القول والعمل، والنهي عن الكذب والغش والتدليس والنفاق الاجتماعي لقوله عليه السلام: (عليكم بالصدق، فإنّ الصدق يهدي إلى البر، وإنّ البر يهدي إلى الجنة، وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقًا، وإياكم والكذب، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النار، ومازال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّابًا) (رواه مسلم).

النتائج السلبية للنفاق الاجتماعي، وهي تغيير السلوك والشعور بالنقص، وقلة الثقة والظلم، وحرمان الآخرين من حقوقهم، والابتعاد عن قيم العدول والمساواة.

معالجة ظاهرة النفاق من خلال نشر الثقافة والعلم في أوساط الشباب، والتركيز على الإنجازات البشرية، وترك المظاهر الخداعة.

أهمية التركيز على المضمون، وعدم الاعتناء بالشكليات، والرجوع للقيم والمبادئ الدينية التي تحرم النفاق، وتحري الصدق والصفات الحسنة، والأخلاق الحميدة والحياء، مستدلاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بالخير) (رواه الشيخان).

لتعرية المنافقين ومن يبالغون في مدح الناس والسلاطين بالباطل لتحقيق بعض مصالحهم الشخصية لإذلال الناس واستعبادهم للملوك والرؤساء،أشير إلى أهمية تحذير الأجيال من المنافقين، وتنشئتهم بشكل سليم، بعيداً عن التملق والخداع

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف