هل قرر ولد عبد العزيز اتباع سياسة الأرض المحروقة مع خصومه في النظام الحالي؟(ملف خاص)

أربعاء, 01/27/2021 - 17:27

بدأت أطراف قريبة الصلة بالنظام السابق حرب تسريبات تسعى بها في اللحظات الأخيرة قبل مواجهة القضاء إلى تشويه سمعة بعض كبار المسؤولين والشخصيات السياسية في نظام صديقه السابق الرئيس ولد الشيخ الغزواني.

 

من المستفيد؟

 

تزامنا مع قرب إحالة ما بات يعرف إعلاميا ب"ملفات العشرية" إلى القضاء برز إلى السطح تكتيك جديد ضمن محاولات أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز  التشويش على الخطوة في مسعى لإظهار الأمر برمته كما لوكان "خصومة سياسية".

آخر الهجمات المضادة  لأنصار الرئيس السابق تداول عدد من نشطاء التواصل الاجتماعي قبل يومين لمحتوى مكالمة هاتفية مثيرة للنائب البرلماني ومقرر  لجنة التحقيق البرلمانية والوزير الأول الأسبق يحي ولد أحمد الوقف.

مضمون المكالمة يوحي برغبة المتصل في مساعدة ولد الوقف بصفته مقررا للجنة التحقيق البرلمانية في تحييد موظف مرموق خلال حكم الرئيس ولد عبد العزيز عن الإدانة البرلمانية.

ولد الوقف كما يظهر في التسجيل المتداول عبر بلهجة مجاملة اجتماعية عن "تأخر أحد المشمولين في الاتصال به عكس مشمول آخر اتصل به قبل صياغة التقرير بيومين".

اللافت في مكالمة ولد الوقف المسربة قوله "تم إخراج أحدهما من ملف التحقيق  بطريقة عليه أن يقدرها ويثمنها، أما الثاني فلم يتم إخراجه من الملف لأن صلته به أكثر تعقيدا" .

 

الوزير الأول الاسبق ولد الوقف أكد في تصريح صحفي نسبة التسريب إليه قائلا إن "الاتصال كان بعد انتهاء التحقيق ولا شيء فيه" على حد قوله.

تسريب مكالمة ولد الوقف يأتي بعد أقل من أسبوع من تسريب مكالمة أخرى مطولة بين رجلي الأعمال محمد ولد بوعماتو و السيناتور السابق محمد ولد غده.

مضمون مكالمة رجلي الأعمال اللذين اشتركا في خصومة ابن عمهما الرئيس السابق ولد عبد العزيز تلخص في التعريض ببعض رجال المال الذين برزوا خلال العشرية الماضية.

 

استغراب وإدانة

 

حرب التسريبات الحالية بغض النظر عن  تجريمها من الناحيتين القانونية والأخلاقية تشير إلى أن الرئيس السابق ولد عبد العزيز لم يعد لديه ما يخسره بعد أن أصبحت كل الدلائل تشير إلى أنه في طريقه إلى المحاكمة، لذا فإنه برأي محللين لجأ إلى شيطنة خصومه الأشد شراسة من خلال نشر محادثاتهم الهاتفية لتشويه صورتهم أمام الرأي العام المحلي.

بالنسبة للوزير الأول الأسبق ولد الوقف فإن ولد عبد العزيز سبق وأن سجنه بعد الإطاحة بالرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ويحاول أنصار الرئيس السابق الترويج لسعي ولد الوقف من خلال عمله مقررا للجنة التحقيق البرلمانية لتوريط ولد عبد العزيز ومقربيه بدوافع انتقامية.

على الجانب الآخر فإن رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو الذي عاش منفيا خلال سنوات من حكم الرئيس السابق أعلن قبل أيام عن دعمه المطلق لرئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني وهو سبب كافي لترصده من قبل ولد عبد العزيز الذي تظهر المكالمات المسربة أنه ما يزال يملك "دلالا" معينا في دوائر مؤسسة الحكم يسمح له بترصد خصومه والنيل من نزاهتهم في وقت حساس من خلال نشر محادثاتهم الهاتفية.

وزيادة على ضعف المحتوى المسرب وتهافته، برأي مختصين فإنه يفتقر إلى الاعتبار القانوني الذي يجعله في حكم المعدوم، أما مختلف الاعتبارات الأخرى التي تعتبر انتهاك الخصوصية، وتسجيل المكالمات الخاصة، في محاولة لحجب الحقائق الماثلة والواضحة، وهي أن لجنة التحقيق البرلمانية وما تبعها من تحقيق الشرطة، أثبت أن البلد كان تحت بالوعة فساد كادت أن تأتي على الأخضر واليابس، وغادر عناصرها الفاعلون بأموال هائلة كان يمكن أن تستثمر في بناء مستشفيات أو مدارس أو حقول تداوي مريضا أو تعلم طفلا أو تسهم في الاكتفاء الذاتي.

لقد اتضح أن حجم الفساد كان أكبر من كل ما كنا نتخيل، وأن إصرار السلطة الرسمية بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على محاربة الفساد، وعلى ترك القضاء الحر يقول كلمته الفصل، هي ما يزعج الثوار الجدد الذين يحاولون ركوب موجة التسريبات التي لن تعيد إليهم سلطة ولن تحميهم من مواجهة القضاء، ولم تمنع من استعادة مال الشعوب المنهوب.

ويقول مراقبون إنه مما لا شك أنه عندما ضاق الخناق على الرئيس السابق لجأ أنصاره  إلى  تلك الحيل الصبيانية، والتشويهات المتعمدة، واستغلال الوفيات التي تقع بين الحين والآخر بسبب وضعية كورونا، وظروف الإغلاق العالمية.

 

من جهته قال نائب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم الخليل الطيب إنه لدى الرئيس السابق ولد عبد العزيز "شبكة للتجسس يحتفظ بها لنفسه ويسلطها على خصومه السياسيين للتنصت على مكالماتهم الهاتفية وتسجيل بعض تلك المكالمات لتسريبها ساعة يشاء!" حسب قوله.

ولد الطيب أكد في تصريح لأحد المواقع الإخبارية مساء السبت أن المكالمات المسربة "تشكل دليلا على امتلاك الرئيس السابق محمد ولد عبد الغزيز لشبكة تجسس تعمل خارج القانون” وفق تعبيره.

ودعا القيادي في الأغلبية الحاكمة إلى “تفكيك هذه الشبكة، وتطبيق القانون على المتورطين في انتهاك خصوصيات المواطنين، والاعتداء عليهم”.

تصريحات ولد الطيب جاءت في خضم ما تداوله نشطاء على مواقع التواصل خلال الأيام الماضية من تسريبا تضمنت مكالمات هاتفية خاصة لشخصيات سياسية واقتصادية بارزة فى البلاد بينهم الوزير الأول الأسبق يحي ولد أحمد الوقف ورجل الأعمال محمد بوعماتو.

بدوره قال الخبير القانوني والمحامي محمد المامي مولاي اعل إن "تداول الصوتيات المسجلة من مكالمات الأفراد دون إذنهم ونشرها عبر الوسائط الإلكترونية يعد جريمة".

وأضاف ولد مولاي اعل أن "مضامين هذه التسجيلات لا يمكن الاعتداد به كدليل على ما يحتمل أن تكون قد تضمنته من وقائع مجرمة، إلا إذا اعترف أصحاب التسجيلات بنسبتها لهم، حينها يكون الاعتراف هو الدليل وليس التسريب".

وقال ولد مولاي اعل إن المادة: 24 من القانون رقم: 2016/07 المتعلق بالجريمة السبرانية نصت على أنه: "يشكل مساسا متعمدا بالحياة الشخصية التسجيل عن قصد دون علم الأشخاص المعنيين، بأي وسيلة وعلى أية دعامة، سواء كانت صورا، أو أصواتا، أو نصوصا، بغية إلحاق الضرر بهؤلاء الأشخاص، ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنة، وبغرامة من 100.000 أوقية إلى مليون أوقية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يعاقب القيام عن قصد بنشر – عبر نظام معلوماتي - تسجيل الصور أو الأصوات أو النصوص، المذكورة في الفقرة السابقة، بالحبس من شهرين إلى سنة، وغرامة من 200.000 اوقية إلى مليون أوقية، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

الصحفي شنوف ولد مالوكيف قال إن المعلومات التي بين يديه تؤكد أن "مصدر التسريب هو محيط الرئيس السابق"، موضحا أن هذه المعلومات تشير إلى تجنيد فرد يعمل في جهاز أمني وفي وحدة حساسة.

ويؤكد أن الشكوك حامت حول هذا العنصر الأمني "قبل أن يتم اعتقاله مع أفراد آخرين وبعد التحقيق معه انكشفت علاقته بالرئيس السابق ومحيطه، لكنه استطاع الفرار بعد ذلك خارج البلد"

ويرى ولد مالوكيف أن الظاهر من التسريبات أنها "محاولة لخلط الأوراق حيث بات الرئيس السابق متأكدا من أن مسار التحقيق في شق العدالة، وأصبح قريبا جدا منه وأن الملف بات جاهزا ويحتوي على الكثير من التهم".

من جهته يعتبر الصحفي سيد أحمد ولد باب أن التسريبات توضح أن "محمد ولد بوعماتو كان تحت المتابعة اللصيقة منذ وصوله لموريتانيا، وربما المصطفى ولد الإمام الشافعي"، مضيفا: "الدولة عميقة وزاكيه ورسائلها للجميع جد واضحة".

المحامي محمد ولد امين شدد على أن القضاء مطالب بفتح تحقيق في هذه التسريبات ليوضح أن التجسس على الناس "جريمة يطالها القانون وهتك سرية مراسلاتهم وتخابرهم لا يمكن أن يمر بسهولة دون عقاب".

كما أكد على ضرورة أن يتم التحقيق "في سعي أي عضو في اللجنة لحماية أي متهم مهما كان منصبه، وله أن يستأنس بفحوى المكالمة ليتحقق من أي تواطؤ جرمي".

 

كما رأى المدون الشيخ ولد مزيد أن "الموضوع يتجاوز منكافات السياسيين إلى أمن قومي!"، داعيا إلى التركيز على الجانب المتعلق بحماية الخصوصية من الانتهاك في هذه القضية.

وتداول الموريتانيون خلال الأيام الأخيرة العديد من التسجيلات والمكالمات المسربة كانت أولها لرجل الأعمال محمد ولد بو عماتو والسيناتور السابق محمد ولد غده، كما تم تداول مكالمة قيل إنها لنائب رئيس الحزب الحاكم يحي ولد أحمد الوقف، وكما ظهرت اليوم عدة تسجيلات جديدة.

ملف خاص من جريدة العرب العدد 52

 

بقية الصور: 
Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف