هل ترغب أميركا في تغيير النظام القطري؟

خميس, 06/15/2017 - 20:58
قطر

تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة من التوتر، بعد قطع عدد من الدول العربية، ومنهم السعودية والإمارات، العلاقات الدبلوماسية مع قطر. كشفت هذه الخطوة، بجانب عدد من التصعيدات الأخرى، واحدة من المشاكل التي تواجهها المنطقة.

بسبب عدم شفافية سياسة الخليج، انتشرت الشائعات عن سبب حدوث هذه الأزمة الآن، وما قد يحدث بعد ذلك. فيما بدأ البعض الحديث عن مؤامرات بعيدة المدى، وادعت إحدى الصحف المصرية وجود محاولة اغتيال وزير قطري.

لا تعتبر الخطوات التصعيدية أمرًا حديث العهد، فهو تكرار لما حدث في 2014 بعد تنفيذ عدة إجراءات شبيهة ضد قطر، وتم الوصول في النهاية لحل الأزمة بعد شهور من التفاوض، لكن يبدو أن الوضع الحالي أكثر صعوبة وتم تدبيره بعناية ولذا يجب النظر إليه بجدية أكبر.
الغضب الداخلي

يبدو أن هناك إجماعًا على استمرار وجود غضب داخلي ضد قطر.

في أعقاب ثورات الربيع العربي، شهدت منطقة الشرق الأوسط عودة "الإخوان المسلمين"، وهو ما اعتبرته السعودية والإمارات تهديدًا وجوديًا لنظامهم، ليس فقط بسبب تمتعهم بالدعم الشعبي، ولكن أيضًا لتقديمهم حكمًا إسلاميًا بديلًا يستغني عن حكم الممالك الخليجية.

بدأت قطر في تمويل جماعة الإخوان في مصر، وقدمت لقادتهم تغطية دولية من خلال شبكة الجزيرة، وهو ما وضع الرياض وأبو ظبي في حالة من القلق ودفعهم لتنظيم انقلاب عسكري في مصر، العام 2013؛ لتحجيم قطر والإخوان. نجحت الدول الخليجية إلى حد ما في هدفها، لكن استمرار دعم الدوحة للإخوان تسبب في تعظيم الخلاف مع دول الخليج.

استمر القلق الخليجي بسبب مزاعم دعم قطر لمختلف الميليشيات في المنطقة. دخل بعضها في مواجهة مباشرة مع الجماعات الموالية للسعودية والإمارات أو حلفائهم في الحروب المنتشرة في المنطقة، بينما اختارت قوى الغرب غض بصرها عن هذه التحالفات المزعومة؛ رغبة منها في التخلص من معمر القذافي وبشار الأسد. في الواقع اعترف رئيس الأركان القطري في تشرين الاول 2011 بوساطة الدوحة بين "الناتو" وقوات المتمردين.

قاد ذلك إلى أوضاع يمكن وصفها بـ “حرب أهلية خليجية” عن طريق قوات الوكالة في أكثر من منطقة. في سورية، تتنافس مجموعات كاملة من الميليشيات المدعومة من قطر ضد ميليشيات مدعومة من السعودية.

لماذا توترت الأوضاع الآن؟
بدأ عدد من المحللين في تحليل أسباب زيادة حدة الأوضاع الآن، ومن بينها تعزيز العلاقات الذي حدث مؤخرًا بين إسرائيل والسعودية والإمارات؛ رغبة منهم في وقف دعم قطر لـ "حماس". من الواضح أن استضافة الدوحة لمؤتمر "حماس"، الشهر الماضي، ساهم في توتر الأوضاع، وهو ما يفسر الهجوم القوي ضد قطر، الذي حدث في أحد المؤتمرات في واشنطن.

من الأسباب الأخرى التي ساهمت في تفاقم الوضع، هو تواصل الدوحة مع طهران، وهو ما أغضب الرياض وأبو ظبي بعد التقارير التي أفادت بإجراء اتصالين بين الأمير تميم والرئيس الإيراني، حسن روحاني، الأمر الذي أشار إلى وجود علاقات قوية بين البلدين. علاوة على ذلك، ظهر في إبريل الماضي غضب كبير بسبب التقارير التي أشارت لإلقاء دبلوماسيين قطريين حفنة من الأموال في مطار بغداد لميليشيات مرتبطة بطهران، في مقابل تسليم مجموعة من القطريين الذين اختطفوا قبل عام.

الحافز الحقيقي
رغم أن مثل هذه الأسباب كانت عوامل مساهمة في تأجيج الأزمة، إلا أن الحافز الأهم هو الدور الذي لعبته الإدارة الأميركية.

شعرت المملكة العربية السعودية أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون أكثر حزمًا من الإدارة السابقة، حتى مع رغبة فريق الرئيس الأميركي في الضغط على السعودية لشراء أسلحة، واستثمار أموالها في البنية التحتية المادية الأميركية، في الوقت الذي يتعرض فيه الاقتصاد السعودي لضربة قوية؛ ما جعلها في حاجة لاستثمار أموالها في مشاريعها الخاصة.

ربما أعطى ترامب الضوء الأخضر بالتحرك ضد قطر، بعد لقاء فريقه الرئاسي في كانون الاول 2016 مع أمير أبو ظبي. حينها ناقشوا الوضع القطري الإيراني، ثم استكمل ذلك على هامش رحلته الرئاسية للسعودية.

من وجهة نظر الرياض وأبو ظبي، كان ذلك بمثابة الإذن الذي احتاجوه للتحرك ضد جارتهم، ووضع حد لسياسات الدوحة الخارجية التي تأتي عكس مصالحهم.

أما من وجهة نظر البيت الأبيض، فمع توفير السعودية والإمارات ضمانات لحقوق أميركا في المنشآت العسكرية في قطر، لدى الولايات المتحدة الكثير للفوز به في هذا الوضع.

من المؤكد أن أي تغيير للنظام في الدوحة، أو على الأقل تجميد سياستها الخارجية، سيساعد على التخلص من الصداع المستمر في قلب السياسة الأميركية. مع استمرار وزارة الخزانة الأميركية في جمع أدلة تربط بين السعودية والكويت بالمنظمات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة، وُجد ارتباط بعض المواطنين القطريين بهذه المنظمات، وهو ما أدى إلى تزايد الضغوط على وزارة الدفاع لنقل المنشآت العسكرية خارج قطر، إلا أن البنتاجون أكد أنه لا يملك خيارات حيوية مثل قطر.

في هذا السياق، فإعادة تغيير النظام في الدوحة على أيدي السعودية والإمارات هو ما تحتاجه وزارة الدفاع الأميركية للتخلص من الضغوط الداخلية.

عن "ميدل إيست آي"

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف