كردستان دولة أزمة

أربعاء, 10/04/2017 - 01:01
زاهد الخليفة

لطالما سعى الكُرد وعلى مدى مئة عام تقريباً للانفصال وإقامة دولة كُردية قومية هذا الحلم الذي دأبوا على تحقيقهِ منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى وضلوا ينتهزون الفرص كلما كانت الظروف الإقليمية مناسبة. اليوم هُناك عِدة أسباب تُشجّع على إقامة دولة كُردية منها الدافع قومي فالكُرد الذين يُقـارب عددهم أربعين مليون موزعين بين العرب والتُرك والفُرس يستندون إلى جملة من المبادئ القانونية والسياسية تنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وسبب آخر وهو التخلص من دولة تعاني من الأزمات والحروب إذ يعد هذا الوقت مناسباً للانفصال في ظل ضعف الحكومة المركزية كونها دولة أحزاب مبنية على أساس المُحاصصة ناهيك عما يعصف بها من طائفية وتدخل دول الجوار في شؤونها الداخلية. فالمركزية والانفراد بالقرار وإنهاء التبعية أمر مهم بالنسبة للأكراد وسبب رئيسي للانفصال هذا من جانب أما الجانب الأخر والأهم هو الهيمنة على حقول كركوك الغنية بالنفط والغاز مع احتياطي يقدر ب ( 60 ) مليار برميل وهذا يعني تأمين اقتصادها في حال الانفصال، وهناك دوافع خفية تتلخص بدعم هذا المشروع من قِبل بعض الدول التي تدعم التقسيم في المنطقة .
لكن يجب أن يأخذ الكرد حكومةً وشعبـاً أموراً أخرى بالحسبان فيما لو أصبحوا دولة ، في مقدمتها رفض دول الجوار ( سوريا وتركيا وإيران ) أقامة هذهِ الدولة رفضاً قاطعاً فهذا التحول سيُحدث حالة من الحِراك مِمن ينتمونَ لنفس القومية في تلك الدول ولقناعة هذه الدول الثلاث بأن إقامة دولة كُردية سيُشكل مطالبات بإقامة دولة قومية موحدة من شأنها أن تُفتت وحدتها كما هو الحال في العراق حالياً . فضلا عن رفض العراق لأسباب وحدوية ، ناهيك عن عدم الاعتراف دولياً وفي مقدمتها الدول العظمى كما أظهرها الإعلام بدون نوايا حقيقية والدول العربية وجامعتها التي لا ترحب بإقامة دولة على أساس قومي .
الانفصال سوف يسبب أزمة اقتصادية للدولة الكردية الحديثة وفي مقدمتها تصدير النفط حيث إنها لا تملك منفذا بحرياً يسهّل عملية التصدير كما إن غلق الحدود مع العراق يعني إنهاء وقطع جميع التعاملات التجارية التي لطالما استفادَ منِها الإقليم منذُ سقوط النظام مع إغلاق الخطوط الجوية ستؤدي تلك الخطوة إلى إضعاف الجانب السياحي بشكل كبير، بالاضافة الى المواجهة عسكرياً على المناطق المتنازع عليها وهذا يعني فتح جبهة قتال غير معلومة الامد. كل هذه الأسباب تنبئ بعسر ولادة هذه الدولة حيث انه لا يمكن أن تقيم دولة بمعزل عن العالم ، فالدول تكون قوية باتحادها مع منظومات أخرى ، ففي خضم العولمة والاتفاقات الدولية يشترط التحرك بخطوات مدروسة وعدم اتخاذ قرارات فردية من شأنها أن تزيد الطين بلّه . فبعد إجراء استفتاء الانفصال مع إصرار شديد رغم طلب التأجيل من قبل الأطراف المعنية والدول المذكورة آنفاً يمكن القول بأن الحكومة القائمة في كردستان فقدت بهذهِ الخطوة  الكثير من الامتيازات وإنها استخدمت أخر أسلحتها في الضغط على الحكومة المركزية وقوبلت بالرفض والفشل. فما هي الخطوة الأخرى التي من الممكن أن تكون أكبر مما حصل ؟

زاهد الخليفة

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف