حُبُّ عَلِيٍّ عقلٌ وحِكمةٌ.. في فِكرِ المحَقِّقِ الصرْخيِّ

أحد, 06/17/2018 - 11:55

في الواقع كان-عليه السلام- يهتم بتنمية الشخصية الإنسانية ويركِّز على الجانب الفكري ويُوَليه مكانة خاصة انسجامًا مع النهج القرآني الذي يؤكد على التفكير والتأمل ويرفض الجهل والتقليد.

وبهذا يدرك الإمام علي (عليه السلام) أنّ الإنسانَ الذي ينشد التغيير الاجتماعي ويسعى له عليه أنّ يتمتع بخصائص تؤهله لذلك ومن اهمها: الحرية التي تنطلق من عبودية الفرد لله ليكون حرًا في كل المواقع التي ارادها الله تعالى فيملك حق التصرف بنفسه وبما حوله متى شاء وكيف شاء على الشكل الذي رسمه الله وهو جلب المنافع المشروعة ودرء المفاسد الممنوعة (ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرًا) وحتى تتأكد هذه الحرية يقدِّم الإمامُ علي-عليه السلام- الوسائل التربوية التي تساعد على ذلك: تحرير الداخل من كل العبوديات الأرضية (المـال، الجـاه، السلطان، الغريزة) لينصرف الى عبادة الله الواحـد الذي منحه العقل ليهـذب الشهوة والحكمة لينظم الغـريزة والهـداية ويقـاوم الغوايـة..

ومن هذا الجانب كان الحبُّ أسمى من العشق؛ فإن العشقَ هو غليان ضرير وارتباط منشأه العمى، أمّا الحبُّ فإنه ارتباطٌ واعٌ وعن بصيرة وضاحة زلال. إنّ العشقَ غالبًا ما ينبع من الغريزة وكل ما ينبثق من الغريزة فلا قيمة له، إلَّا أن الحبَّ يشرق من الروح وحيثما ترتفع الروح سموّا يُحلّق معها.

يتجلى العشق غالبًا في قلوب وفي أشكال وفي ألوان مشابهة، وله صفات وحالات ومظاهر مشتركة، لكن الحبَّ يتمظهر في كل روح بصورة خاصة ويصطبغ بلونها؛ لأنّ الأرواحَ على خلاف الغرائز، لكلِّ منها لون وارتفاع وبعد وطعم وعطر خاص بها، 
ومن هذا المنطلق فقد اوضح الأستاذ المحقِّقُ الصرخيُّ في بحثه الموسوم عن حبِّ عليٍّ ( عليه السلام ) هو الإيمان والمصلحة والملاك وهذا جزء من كلامه الشريف جاء فيه:

((جعلَ الشارعُ المقدَّسُ حبَّ عليٍّ حبًّا من الله وحبًّا لله، وأنّه علامةُ الإيمان وأنَّ الإيمانَ ينتفي بانتفاء هذا الحبّ وفي المقابل جعل البغض المقابل له علامة النفاق واستحقاق العقاب والنار، فهلْ فَعَلَ اللهُ -تعالى- ذلك عن عاطفةٍ وهوى وترجيحٍ من غيرِ مرجّحٍ؟!! أو هو عقلٌ وحكمةٌ ومصلحةٌ وملاكٌ وعلّةٌ واستحقاق؟!!))

مقتبس من المحاضرة {8} من بحث : "ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد "بحوث : تحليل موضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي للمرجع المحقق
8 ذي القعدة 1437هـ - 12 / 8 / 2016م
https://e.top4top.net/p_891smfvv1.jpg

إذًا: فإنّ فلسفةَ الإمام علي-عليه السلام- وعدالته تتلاقى مع عـدالة السماء التي لا تظلم، بل تساوي بين الناس في الحقـوق والواجبات وترفض أنْ يكون لأحد أي تمييز على آخر إلا بالتقوى والعمل الصالح.

احمد الركابي
 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف