الدولة العميقة قائمة

سبت, 11/10/2018 - 20:23

 توقيع رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي، على كتاب تعيين نوفل أبو الشون مدير مكتب رئيس الوزراء السابق، لإدارة مكتبه، أثار عدة تساؤلات طرحها الشارع العراقي، عن التغيير وأحاديث عبدالمهدي وغيره عن الإصلاح وإزالة الدولة العميقة، لكنه أصدر قرار صارماً لمحاسبة المتورطين في تسريب كتاب التعيين.

الدولة العميقة التي يتحدث عنها رئيس مجلس الوزراء وغيره، تبدأ من رئيس مكتب رئيس مجلس الوزراء في كل دورة، وموظفين كبار مرتبطين برؤساء الوزراء السابقين، الى أن تتجذر بموظفين صغار.

عبدالمهدي لم ينف خبر التعيين ولم يؤكده، وكل ما حصل هو حديث عن تسريب لكتب رسمية تخص أسرار الدولة، والأخطر أنه حصل من مكتب رئيس مجلس الوزراء، وما يمكن توقعه تسريب معلومات وبيعها، لجهات داخلية أو خارجية، سواء كانت أمنية أو سياسية.

 توجيهات عبدالمهدي الصارمة، جاءت بعد تناول وسائل إعلام عدة ومواقع تواصل إجتماعي، لكتاب مصور يثبت تعيين أبو الشون، وأكتفى بمتابعة تسريب الكتاب، ولم يحدد الى الآن الجهة التي قامت بالتسريب، بل ما هي العقوبة المتوقعة في حال تسريبات في مواقع آخرى، بعضها تتعلق بأسرار الدولة، وآخرى تخبر الجانب بالمشتكي عليه، وتبلغه لكي يهرب أو يغلق ملف الإتهام بوسائل ملتوية، ثم مطاردة المبلغ، تصل الى طرده في شكوى مرؤوس على رئيس فاسد، ومواطن على مجرم قاتل.

التساؤلات مقنعة نوعاً ما للشارع العراقي، سيما وأن الطبقة السياسية تتحدث عن الإصلاح وضرورة التغيير، والفساد يحوم حول معظم المناصب التنفيذية، وسطوة جهات لها اليد الطولى، بمعظم القرارات التي تجاوزت الدستور، وإخترعت مناصب تنفيذية ترتبط بحلقات مخالفة  وعميقة لحماية الفساد.

إن تسريب الكتاب من مكتب رئيس مجلس الوزراء، يقابله تنامي إنتقاد الرأي العام لعدة ظواهر، ورفض عدة أفعال سياسية، أهمها عدم تلمس الشارع للتغيير الحقيقي، ولا جدية القوى السياسية، وهذا ما برز بطبيعة ترشيحات الوزراء، والمحاصصة الحزبية الواضحة، دون إعتماد القوى السياسية على معيار الكفاءة والنزاهة وقبول الأطراف السياسية، فيما لم يتمعن عبدالمهدي كثير بإعتماده على القوى السياسية، وإنحناءه وأن كان مؤقتاً لرغباتها، فضلاً عن شكوك بقاء الدولة العميقة بفعل هكذا نوايا، التي تقف عائق أمام أية طموحات، وستعارض ولن تُفعل أية أطروحات طرحها عبدالمهدي سابقاً.

ظاهرة تسريب الكتب الرسمية سيما السرية منها، نتيجة لوجود صراعات فساد في اصغرها، وسياسية في أكبرها، وتعيق عمل الحكومة من أدنى مفاصلها الى أعلاها، كوسيلة للإبتزاز المالي والسياسي، وخطوات عادل عبدالمهدي أن كانت صارمة وجادة التطبيق، ستكون وسيلة ردع لظاهرة مستعصية تفشت في معظم مفاصل الدولة، والأدهى ذهاب التفسيرات التأويلات والإضافة والحذف على  شكل الكتاب الرسمي، وتستخدم كلها لتحقيق مآرب سياسية، لكنها تدل بنفس الوقت عن خروقات في عمل المؤسسات، ولن يتخلص عبدالمهدي من هكذا إشكالات، إلاّ بشجاعة القرار لمواجهة الدولة العميقة، التي تأسست على أساس مصالح حزبية وفساد إداري، وصارت تحرك الدولة بمعطيات دولة عميقة تجر عجلة الدولة  الى الوراء، وإلى حيث يكمن الفساد، لتكون السلطة التنفيذية في ذروة التخبط وسوء الإدارة.

 

 

واثق الجابري

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف