أسطورة سبابه..

جمعة, 03/22/2019 - 17:22

كان يتألم كثيرا ولكنه يخفي ذلك الالم خلف أبتسامه المعهودة ، التي طالما علت محياه فسر تلك الابتسامة التييقابل  المجاهدين بها جعل كل من يعرفه يتوق للقائه مرة اخرى، أبو هاشم الحسيني ينادي على الطبيب قبل الدخولالى غرفة العمليات أهم شيء ان السبابة تعمل.

 

في أثناء أصابة الاولى في منطقة سيد غريب وتعرض كلتا يداه لخطر البتر الا ان جل أهتمامه كان السبابة التيتضغط على الزناد، سيدي ما بالك توصي كثيرا بسبابتك، لانها الوسيلة الوحيدة التي من خلالها أستطيع العودةللجهاد.

 

 غرفة العمليات, يخضع السيد عبد الرضا لعملية كبيرة ليديه المتهشمتين..ورائحة المعقمات تجوب المكان,تشعر نابالتوتر جدا ..

القلق والشعور بالخوف يجتاح قلوب جميع الاطباء الذين تكفلوا بمعالجة يده, تكاد يد ابو هاشم  ان تتعفن, والسواداخذ من اليد مأخذا..وهم يسابقون الزمن, ويدركون الخطر الذي يحوم حول يده اليسرى, وهو ادرك اهمية سلامة يدهاليمنى على اليسرى فبادرهم قبل اخضاعه للتخدير قائلا بصوتِ يتقطع من شدة الالم:

- ارجوكم اتركوا يدي اليسرى, عليكم باليمنى.. هي التي احتاجها..

وبتعجب قال له الطبيب المتولي علاجه:

- ستتعفن يدك اليسرى ان لم نسرع في معالجتها, لايمكننا تقديم اليمنى عليها

- بل اتركوها, يدي اليمنى اكثر اهمية, بها امسك السلاح, وباصبعي السبابة اضغط على الزناد.. هي الاهم.. عليكمباصبعي .. عليكم به قبل كل شيء..

اصبعه السبابة كان هاجسه الوحيد, وهمه الاكبر..

لم يتوقف عن طلبه حتى بدأ يغيب عن الوعي شيئا فشيئا..

الأطباء يجدون فرصة علاجه داخل البلاد صعبة فيطلبون منا السفر الى الخارج،  وخلال يومين تم ترتيب اورقالسفر فكان من حسن حظي ان طلبني بالأسم لأكون مرافقا له، وبدأت جولة أخرى من القلق والخوف حتى أن أحدالأطباء قال له بالنص "لن تقطع يداك ولكن لن تستطيع حمل أكثر من 2 كيلو غرام بهما"، دكتور اريد خمسة فقطوزن البندقية، ياالهي ماهذا الأصرار لدى هذا الرجل، دخلنا لغرفة العمليات وكانت وصية للطبيب ؛ أهم شيء دكتورأن يدي اليمنى تعمل والسبابة سالمة، ماذا يقول هذا الرجل يداه تكاد تقطع وهو يوصي بالسبابة، أنتهت رحلة العلاجوعاشت السبابة تنتظر الى أن عادت الى الجهاد .

بالأصرار والعزيمة التي لم ارى في حياتي مثلها، حتى كان اليوم المعود موعد الفراق مابين السبابة ومعشوقتهاالبندقية في يوم أستشهاده وانا أتمعن في تلك الملامح لفت أنتباهي السبابة لازالت واقفة في وضع ضغط علىالزناد،  فكانت بحق أسطورة تستحق أن تذكر.

 رحمن الفياض..

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف