صمود اليمن كشف الأوراق وسيغير وجه المنطقة

خميس, 03/28/2019 - 16:31
 قيس السعيدي

ما الذي سيضيفه عام خامس من العدوان على اليمن إلا مزيداً من الإخفاقات والفشل المزمن لدول العدوان. ولن يزيد اليمن واليمنيين إلا استبسالاً وصموداً وحباً لوطنهم وتلاحماً مع جيشهم  الذي وجد عدوه وعرف عقيدته الوطنية.

أرادوها حرباً خاطفة حتى لا تكون مزعجة انسانياً وأن تمضي بسرعة وصمت. وأعدوا وحشدوا لذلك  شهوراً، لكن حشودهم تحطمت على صخرة الصمود اليمني. فاليمني عشق الحروب لانه لم يذق طعم الهزيمة منذ زمن الرومان مروراً بالاحباش والعثمانيين وليس انتهاءً بالبريطانيين.

وصل الحد منتهاه وفشل العدوان أصبح جلياً. وما بحثُ المعتدين عن سبيل للخروج من المستنقع اليمني إلا إشارة للاعتراف بالفشل في إخضاع اليمن. وكانت ورقة الحديدة والساحل الغربي هي الورقة الاخيرة التي حاولت دول العدوان لعبها وفرصة لتحجيم سلطة صنعاء والضغط عليها لاجبارها للرضوخ لمطالب دول العدوان، والخروج بما يحفظ ماء الوجه المُراق اصلاً.

على مدى اربع سنوات مرت جلبت دولة الإمارات والمملكة السعودية أصناف الجيوش من مرتزقة محترفين استأجرتهم عندما ادركتا أن حجم خسائرهما البشرية فوق طاقتيهما بعد ضربة صافر الشهيرة بعد مضي خمسة اشهر فقط من عمر العدوان، أي في سبتمبر 2015م. لكن المرتزقة الأجانب لم يصمدوا امام الجندي الحافي في جبهات القتال، وفر من تبقى منهم وعادوا الى بلدانهم عندما وجدوا أن ارواحهم أغلى من اكوام الدولارات. فلجأت السعودية والإمارات لتجنيد أبناء الجنوب اليمني في هذه الحرب القذرة وبإستغلال بشع لظروفهم الاقتصاديةبسبب الحصار التي تفرضه دول العدوان على اليمن، وحاجاتهم للمال كما استغلت الظروف السياسية والاقتصادية لدولة السودان. ووضعت أبناء المحافظات الجنوبية والسودانيين كحائط صد أمام زحوفات الجيش واللجان الشعبية اليمنية في جبهات الحدود. 

لكن لو التفتنا الى الإنجازات التي حققها اليمنيون من تطوير لسلاحهم من صواريخ متعددة المديات وطيران مسير متعدد المهام والإمكانات في ظل حصار بري وبحري وجوي مطبق.  فهذه الإنجازات تعاظم الفشل لدى دول العدوان وتسحق كل أمل لديهم بالانتصار على اليمن.

ولا ننسى الدور الذي يقوم به الإعلام الحربي من توثيق للبطولات التي يسطرها الجيش اليمني واللجان الشعبية. وأضهر الجنود الحفاة الذين يمتلكون كرامة وعزة عوضت هزال أجسادهم ، هؤلاء الميامين تغلبوا على أقوى الوحدات الخاصة من أمريكا وبريطانيا كما نشرت مؤخرا الصحف الغربية. كما إنه نجح بشكل باهر في إدارة الحرب النفسية بعرضه لتلك الإنجازات لدرجة اننا أصبحنا نشعر بالشفقة على الجنود والمرتزقة المساكين الذين ليس لهم لا ناقة ولا جمل في هذه الحرب. 

سال حبر كثير عن الأهداف الحقيقية للعدوان على اليمن. فمن جهة المعتدين كان تبريرهم هو إعادة اليمن إلى الحضن العربي وقطع يد إيران وحفاظا على الأمن القومي العربي.

لكن تبريراتهم هذه كانت سخيفة لدرجة أنها لم تنطلي على أطفال المدارس. 

فاليمن أصل العرب ولا يستطيع أحد المزايدة على عروبة اليمن واليمنيين. أما عن قطع يد ايران ومنعها من العبث في اليمن فاستطيع ان أقول أن السعودية والإمارات وغيرهما من دول العدوان لو أنها كانت متأكدة من الوجود الايراني في اليمن لما تجرأت على مهاجمة اليمن. 

ولو كان لإيران دورا تلعبه في اليمن لما تجاهلها المبعوثين الدوليين في رحلاتهم ومشاوراتهم. ولو كان لإيران تأثيرا على الأحداث لما غابت عن نُسخ المحادثات بين الأطراف في جنيف والكويت وبييل واستوكهولم.

أما في ما يتعلق بالأمن القومي العربي فالقواعد الامريكية منتشرة في دول العدوان وقيادة الأسطول الخامس الأمريكي تتواجد في دولة البحرين. وهذه القواعد الأمريكية هي أكبر مهدد للأمن القومي العربي وهي السبب في ابتزاز الدول العربية ونهب ثرواتها وارتهان قرارها وسلب ارادتها. وبسبب هذه القواعد أصبحت هذه الدول مرتهنة للسيد الأمريكي الذي بدوره لا يحيد عن حماية مصالح الكيان الصهيوني وأمنه.

وسابقاً، سعت دول العدوان على اليمن إلى تدمير العراق بدعمها للغزو الأمريكي، وعملت على تدمير سوريا وشجعت الكيان الصهيوني على تدمير لبنان ومقاومته وما زالت تتآمر عليه بسبب مواقفة من القضية العربية المركزية. كما لا يخفى الدور التي لعبته دول العدوان في تدمير ليبيا واستدعاء الناتو لتمزيق ليبيا. ومن يدري من هي الدولة العربية التالية  لو لم تطول الحرب على اليمن. 

لم تحرك دول العدوان ساكنا وهي ترى الأرض العربية تُوزع وتُهود وأعداء العرب ينتهكون المقدسات ويرتكبون الجرائم بحق الشعب الفلسطيني. فعن اي أمن قومي عربي يتباكون.

لم يساورنا شك في الدور الصهيوني في الحرب على اليمن بل والمشاركة المادية والتواجد البشري والدعم الوجستي للكيان الصهيوني منذ اليوم الأول للعدوان. فقد صرحت صحف الكيان أن عدد من المرتزقة المشاركين في العدوان قد  دربتهم وحدات اسرائيلية. 

الحرب على اليمن جاءت كمقدمات وإعداد لأرض معركة قادمة. فأهداف هذه الحرب هي السيطرة على مضيق باب المندب  وحمايته عبر السيطرة على جزيرة سوقطرى اليمنية. بالإضافة الى إيجاد منفذ للملكة السعودية على بحر العرب لتصدير نفطها والالتفاف على مضيق هرمز الذي تتحكم فيه إيران، وهو ما تعمل عليه المملكة اليوم عبر محاولتها للسيطرة على محافظتي المهرة وحضرموت. 

تسببت هذه الحرب بسقوط الأقنعة عن التقدميين والليبراليين واليسار الذي ارتمى في حضن الرجعية وأظهرت التبعية التي كانت مغلفة بالسيادة الزائفة وكشف مؤتمر وارسو عن وشائج الارتباط بالصهيونية. دعّم هذا الانكشاف الحاضنة الشعبية لموقف المناهضين للعدوان وزاد الإلتفاف حول الجيش واللجان الشعبية وترسخت صدقية المجاهدين ونُبل الهدف.

إن العمل الثوري الحقيقي والذي يصنع التاريخ هو ما يقلب الطاولة ويحرك الراكد ويدفع نحو مرحلة جديدة ويؤسس لفكر يستنهض الهمم ويشحذها. ولأن السلاح هو الذي يرسم الحدود والحرب هي التي تُنشئ الدول، فإن هذه الحرب قد أسست لتغييرات جيوسياسية لها ما بعدها واثرت عميقا في وجدان وطريقة التفكير لدى شعوب المنطقة وقد تُلهم لثورات تعيد الحق لاصحابه وتصحح اتجاه البوصلة نحو العدو الحقيقي للامة.

 

 قيس السعيدي

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف