محو الأمية.. السياسية

أربعاء, 07/10/2019 - 01:02

عرضت إحدى الفضائيات، برنامجا سياسيا مدته ساعة وفي وقت الذروة، وبعنوان "الجدل بين النظام البرلماني والرئاسي".. ورغم أن القوى السياسية مشغولة بتقاسم بالدرجات الخاصة وجدل المحاصصة، ولا وجود لجدل بهذا الشكل، إلاّ إن أرادت القناة إثارة هكذا جدل؟!
إستضاف البرنامج ثلاثة ضيوف من النواب السابقين، الذي خسروا الإنتخابات الأخيرة وأحدهم خسر حتى قبلها..
إنصب الحديث في معظمه على كيل الإتهامات للعملية السياسية والنظام السياسي، وتحدثوا بإسهاب عن الفساد وسوء الخدمات والإختلافات السياسية، ومن يتابع هكذا برنامج سيصاب باليأس والإحباط، ويتوقع مستقبلا سوادويا للعراق، بل ولن يتوقع من هكذا طبقة سياسية أن ترسم أملا للمستقبل.
أحد الضيوف قاضٍ وعضو مجلس حكم ووزير سابق، والآخر نائب وكان مقرراً للبرلمان، والثالث كبقية الخاسرين الذين يذمون العملية السياسية ليل نهار، فأوردوا من الأخطاء الدستورية والممارسات السياسية، وكأنهم يقولون أن العملية السياسية في تراجع، بينما كانت قبل سنوات أفضل.. والواقع يثبت أن العكس هو الصحيح.
يتحدث نواب آخرون عن النظام السياسي ومفاهيمه، بصورة مغايرة عن واقعه، وبآراء شخصية تنم عن عقيدة سياسية وتفكير محدودين، كذلك النائب الذي يعتقد أن النظام الرئاسي أفضل من البرلماني.. فهو بإعتقاده أن في النظام الرئاسي فاسد واحد بينما في البرلماني مئات؟!
لا ندري أن كان هذا النائب يعلم أن النظام الرئاسي يعطي للرئيس نفس صلاحيات رئيس وزراء، وهناك برلمان وإنتخابات، ووزراء ومحافظين ومجالس محافظات ودرجات خاصة، وكلها بنفس سياق النظام البرلماني، وهذا الإعتقاد إلاّ إذا كان النائب يعي ان النظام الرئاسي دكتاتوري ويتمناه؟!
إن المغالطات التي تخالف الدستور، ناجمة من عدم معرفة النواب والسياسين بمفاهيم علوم السياسة، فبعضهم حتى لا يفرق بين السلطة الإتحادية والمحلية، ولا يعرف واجبات السلطات الثلاث، وهمه كيفية الحصول على مغنم سواء كان منصبه تنفيذي أو تشريعي، وبذلك تبدأ التفسيرات التي تروج من خلال وسائل إعلام، في حين أن هذا المسؤول إعتمد على ثقافة سماعية، جزء منها يمليه عليه عقله الباطن المنصب على المغانم، أو توجهات رئيس حزب بنفس التفكير.
معظم السياسين أميين سياسيا، ومنهم من لا يعرف أبجدياتها وعلومها بشكل إكاديمي، وهؤلاء ليسوا مستعدين للتعلم والمطالعة وقراءة المصادر والتجارب الدولية، بل منهم من يعتقد وبعد ان وصل موقعه الجديد، أنه أكثر علمية حتى ممن كان أعلى منه شهادة وعلمية.
من المفترض إدخال هؤلاء الأميين دورات للتعريف بمفاهيم السياسة والنظام السياسي العراقي والدستور، ومن واجب الإعلام, نشر الثقافة والفكر بأصولها العملية والثقافية، لا أن تنشغل القنوات بضجيج ساسة منهم من تعمد تشويه العملية السياسية، وآخر أمي لا يعرف أبجديات السياسة.
أمية السياسة أخطر من أمية القراءة والكتابة، بل سنرى جهلاء يحكمون السياسة.

 

 

واثق الجابري

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف