اكثر من مليون و نصف المليون سعودي هاربون من المهلكة

جمعة, 09/27/2019 - 15:41

أثار الناشط السياسي والخبير في الشؤون السياسية السعودية د. حمزة الحسن قضية هجرة السعوديين الى الخارج والتي لم تبدأ الآن ولكنها تصاعدت منذ 2016 بعد عام من تولي سلمان حكم البلاد، في حين كان هناك رفض لمجرد الاعتراف بها فضلا عن دراستها وفي حينها كان الحديث عن نصف مليون، ثم مليون مواطن ثم مليون و نصف المليون سعودي يعيشون في الخارج.

واستعرض د. الحسن في سلسلة تغريدات قيّمة على حسابه بتويتر اسباب هجرة ابناء الجزيرة العربية من بلادهم عازياً السبب الى موجة العنف الرسمي في المهلكة السعودية التي تجاوزت الخطوط الحمراء بكثير حيث  تصاعدت الموجة منذ اغلاق منافذ الاصلاح السياسي، بما فيها المطالبة بها عبر العرائض، فأودع الاصلاحيين السجون. في عهد سلمان، وصار الوضع اكثر سوءأً. اضافة إلى أن هناك مدناً وقرىً مُسحت من الخريطة واستُخدمت الأسلحة الثقيلة ضد المواطنين.

واضاف د. الحسن: في عهد سلمان وصبيّه -ولي العهد- تم الإستسهال في الدم، والاعتقال لأتفه الأسباب، وحرمان المواطن بكبسة زر تعطّل كل حياته هو وعائلته، فلا هو قادر على استخدام حسابه ولا بطاقته الشخصية، لا تعليم ولا صحة ولا سفر ولا أي شيء. هذا قمع غير مسبوق حتى بالمقارنة الى الدول القمعية".

وتابع د. الحسن موضحاً أن القمع السعودي بمثابة قنبلة عنقودية او انشطارية جعلت الألوف يفرون الى الخارج، طمعا في الاستقرار النفسي والاجتماعي، وفرارا من قمع الجزّار - ابن سلمان-.

واضاف: قبل مدة، قال مجلس الشورى ان هناك نصف مليون سعودي يعيشون في الامارات وحدها! الكفاءات تهرب كما رؤوس الاموال: مهندسين، اطباء، اساتذة جامعات.. الخ.

عقدان من القمع الشديد المتواصل والمتصاعد نوعا وحجما، خلّف وراءه ضحايا كثر: شهداء وجرحى ومعتقلين ومهاجرين ومهجّرين. تصاعد هجرة السعوديين بشكل رهيب منذ بدأ عهد الطاغية سلمان وابنه، مؤشر على ان الوضع غير طبيعي، وان الارهاب الرسمي تصاعد كالصاروخ. يهاجر الناس لسبب اقتصادي او سياسي!

ولفت د. الحسن إلى ان موجة القمع الرسمي أدت الى هجرة ثلاثة أنواع من المسعودين الى الخارج:

 الأول ـ الهجرة الى داعش في اليمن وسوريا والعراق وغيرها. هذه الهجرة خاصة بالتيار السلفي، الذي تغذّى على التكفير، وثقافة الإقصاء، وجاء القمع ليشجع على الهجرة (والجهاد)! فالحكومة بعيد ٩/١١ ، وبعد أن بدأ العنف المصنّع محلياً يضرب في الداخل.. شجعت على تصدير القاعديين! نتذكر جهد مشايخ السلطة وبعض مشايخ الصحوة في اقناع القاعديين بالمغادرة للجهاد في العراق! الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء حينها، قال بضرس قاطع: الجهاد في العراق لا المملكة!

يومها ظهر فارس بن شويل الزهراني الذي أُعدم لاحقاً وقال ان المشايخ قالوا له: القتال في العراق وليس المملكة. ورد بأنه في المهلكة باق على ثغر من ثغور الجهاد! يمكن تسمية هذا النوع بـ (تصدير الهجرة الجهادية)!

أما النوع الثاني فيوضح د. الحسن انه يشمل كل المناطق والأطياف المذهبية بما فيها أصحاب الأموال والكفاءات, كما يشمل النساء، فراراً من الإختناق الاجتماعي، بل الخنق، الذي مارسته الوهابية بتواطؤ مع آل سعود.

الآن يقولون ان السبب هو المشايخ فقط، والصحوة الملعونة! التي دعمها فهد! هناك اليوم ـ حسب التقديرات شبه الرسمية ـ ما يزيد على مليون ونصف مليون سعودي يعيش في الخارج ولا يحبذ العودة اليها.

ويؤكد د. الحسن بحسب معلوماته أن الاعداد في تزايد، وزادها القمع الأمني حدّة. كما زادها التباطؤ الاقتصادي، وتغيير هيكلية الاقتصاد ناراً، بعد ان تقلصت العقود الحكومية، وعدم تسديد الدولة ما عليها لرجال الاعمال، مع زيادة الضرائب، والتدخل الرسمي الفظّ في تفاصيل الحياة الاقتصادية، واعتماد الإجبار والتهديد والإبتزاز! إضافة الى ذلك فإن الشعور بالعجز، وفقدان الأمل باصلاح الداخل في الحقول السياسية والاجتماعية والقضائية والتعليمية، والفشل في إيقاف تغوّل المؤسسات الأمنية أدى الى الفرار، من بلد لا يشعرون بالراحة والأمن فيه، ولا يستطيعون تغييره! تركوه لابن سلمان يمارس العبث فيه اكثر فأكثر!

واستدرك د. الحسن موضحاً أنه ليس معظم أفراد المليون والنصف هؤلاء بالضرورة مؤيدين لإزالة النظام السياسي، ولكنهم ضد منتجه, فهم يعتبرون المملكة بلداً متهالكاً في الخدمات، يعشعش فيه الفساد وتُنتهك فيه أبسط الحريات الشخصية، ويُقمع فيه المرء لأتفه الأسباب حتى ولو مشى الى جانب الحائط!

كان الاعتقاد، بأن الوفرة المالية تعوّض عن الاصلاح السياسي. وتجعل المرء يتحمل قدراً من القمع، وتقييد الحريات، ولكن الى حدود. سلمان وابنه، صعّدا من القمع بنسب ألفية، فأصبحت البلاد فعلاً بلا قانون، وتبين لاحقاً ان غياب الاصلاح السياسي قد أشاع العنف والاضطراب وحول حياة الافراد جحيماً.

ولفت د. الحسن الى أن هجرة المواطنين المسعودين قد بلغت اليوم ذروتها، حيث يجتمع القمع الأمني، والحرمان الاقتصادي، والأزمة السياسية، والحروب، وغياب الحدود الدنيا من أمن الأفراد، وحرية التعبير. كل هذا جعل البلاد في حال انسداد في تحقيق الأهداف، وتخلف عن الركب، وتراجع في النفوذ والدور. لذا صرخ كثيرون: هاجروا!

أما عن هجرة المعارضين السياسيين، او حتى المختلفين في الرأي وهو النوع الثالث فيقول د. الحسن:  أصبح المواطن عرضة للإعتقال لسنوات طويلة لأتفه الأسباب. امتلات سجون ابن نايف، ثم سجون ابن سلمان، بدعاة الإصلاح والناشطين الحقوقيين وغيرهم. اليوم تتم المحاسبة بأثر رجعي، والتهديد بالقتل والتعذيب علني في تويتر!

المباحث تهدد الافراد والكتاب وتخرسهم تحت طائلة الاعتقال، وتنشر اسماء عبر الذباب الالكتروني بان فلان سيعتقل، وتمهد لذلك بهجمات اعلامية عليه، وبما نشره قبل عشر سنوات من تعليقات تويترية! اختفى اصحاب الرأي، او صمتوا، فلا تسمع منهم شيء ابداً. راقبوا تويتر واسألوا: اين فلان وفلان؟

اليوم يصبح المواطن بلا هوية بين ليلة وضحاها! ليس فقط لا يستطيع السفر، بل تجمد كل خدماته، وحسابه البنكي، ويصبح هو وعائلته مشلولين عن الحركة. لا يستطيعون السفر، ولا القيام بأي عمل يتطلب موافقة رسمية. فكل شيء معطل. حتى الأبناء الجدد لا يمكن اضافتهم في بطاقة العائلة هذا قمع غير مسبوق.

وختم د. الحسن سلسلة تغريداته عن المهاجرين من الشعب المسعود قائلاً : وهكذا فالمواطن امام خيارين، إما أن يبقى في المهلكة رهينة بيد آل سعود، او يخرج؛ فعلى الأقل يستطيع أن يصرخ، أن يُعلم الناس بأنه يتألم! هؤلاء من هاجروا ليسوا من (الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها), هناك جمهرة من المواطنين فروا من المهلكة، لا طمعا في عيش رغيد، بل لان لديهم رسالة وقضية يدافعون عنها. وتجد هؤلاء في العديد من الدول وهم في تزايد، كما تشير احصاءات الامم المتحدة. وهناك جمهرة اخرى من الطلبة المبتعثين أنهوا دراستهم، ولم يعودوا؛ وبعضهم بدأ بممارسة دور حقوقي أو سياسي.

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف