عزوف كبير للمستثمرين الأجانب عن الاكتتاب في الطرح العام الأولي لشركة "أرامكو" السعودية

سبت, 12/07/2019 - 07:49

عزف مستثمرون أجانب كثر، عن الاكتتاب في الطرح العام الأولي لشركة "أرامكو" السعودية، في رد فعل مخالف للخطة الطموحة التي نسج خيوطها ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، لفتح أبواب الاستثمار الأجنبي في بلاده.

وعلى الرغم من إعلان شركة النفط العملاقة، أن الطرح الأولي لأسهمها سيكون الأكبر في التاريخ، فمن المتوقع، أن ينأى العديد من المستثمرين العالميين، الذين يركزون على الأسواق الناشئة بأنفسهم، عن أسهم "أرامكو" في سوق الأوراق المالية في الرياض لدى استهلال تداولها، والذي يتوقع أن يبدأ في الأسبوع المقبل.

كشفت ذلك، معلومات حصلت عليها "رويترز"، من 26 شركة، لإدارة الأصول من خارج منطقة الخليج، يتجاوز مجموع ما تديره من استثمارات معا 7 تريليونات دولار.

وبلغت حصيلة الاكتتاب، حسبما أعلنت "أرامكو"، نحو 25.6 مليار دولار، ليتجاوز طرح أسهم شركة "علي بابا" الصينية، في نيويورك، عام 2014.

وبناء على ذلك، تبلغ قيمة شركة "أرامكو" 1.7 تريليون دولار، وهو رقم لا يزال أقل بكثير من الهدف الذي كان "بن سلمان" يسعى إليه، وهو تريليونا دولار.

وقال أغلب مديري الصناديق النشطة، أنهم سينأون بأنفسهم على الأرجح عن الطرح الأولي، وذلك استنادا لمخاوف ملحة تتعلق بمخاطر ضعف الحَوكَمة، والعوامل البيئية والجيوسياسية في المنطقة.

كما قال جميع مديري الصناديق الخاملة، الذين يتبعون مؤشرات بعينها، بدلا من أخذ قرارات استثمارية تتعلق بأسهم بعينها، أنهم لن يشتروا أسهم "أرامكو" في الطرح العام الأولي.

غير أن النسبة الأكبر منهم، سيصبحون بطبيعة الحال مستثمرين بشكل غير مباشر في الشركة، عندما تقرر مؤسسات المؤشرات مثل "إم إس سي آي"، و"فوتسي راسل"، و"ستاندرد آند بورز"، إدراج أسهمها في مؤشراتها، وهو الأمر الذي قد يحدث في أواخر الشهر الجاري.

ورغم أن ردود مديري الاستثمار، تعطي مؤشرا لطلب المؤسسات الاستثمارية، فإنها "لا تتيح سوى نظرة محدودة على الإقبال العالمي"، إذ أنها تتعلق إلى حد كبير بالاستثمارات التي تبت فيها صناديق مفتوحة للمستثمرين الأفراد.

وفي كثير من الأحوال يتم استثمار مبالغ أضخم بكثير على أساس خاص، لحساب مستثمرين كبار، مثل صناديق التقاعد، وصناديق الثروة السيادية.

حيرة الشراء

هذا الموقف السلبي تجاه المشاركة في الطرح الأول، لم يكن متوقعا على الإطلاق، فما من أحد من الخبراء في عالم الاستثمار، توقع أن يكون الاهتمام العالمي بأسهم عملاق النفط فاترا، عندما أحدث ولي العهد السعودي ضجة في عالمي الطاقة والمال عام 2016 لدى إعلانه خطط إدراج "أرامكو"، أكبر شركات العالم ربحية، بما في ذلك إدراجها في بورصات عالمية، من خلال أكبر طرح عام أولي في التاريخ.

يقول الدبلوماسي البريطاني الذي عمل في السابق في السعودية ومدير شركة "فالانكس أسينت" للاستشارات "تشارلز هوليس": "عندما تم الإعلان عن ذلك، كان السعوديون وخاصة ولي العهد يتطلعون إلى شيء من شأنه أن يضع أرامكو على خريطة المستثمرين العالميين، ومن الواضح أن شيئا من ذلك لم يحدث".

وبلغ مجموع طلبات المشاركة في الاكتتاب من المؤسسات الاستثمارية 106 مليارات دولار، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 4.6 مرة على الأسهم المعروضة.

لكن لم يتم الكشف عن النسبة التي يمثلها المستثمرون من خارج المنطقة في هذا الإقبال.

وكان آخر تحديث ينشر عن ذلك، الجمعة الماضي، وأظهر أن إقبال المؤسسات الاستثمارية الأجنبية بلغ 10.5% من إجمالي الأسهم المطروحة، وقيمتها 38.4 مليار دولار.

استطلاع

تواصلت "رويترز"، مع 66 مديرا استثماريا من خارج منطقة الخليج لهم جميعا استثمارات في الأسهم السعودية، بنسبة لا تقل عن 5% من محافظهم الاستثمارية، أو تزيد استثماراتهم فيها بأكثر من 1%  عن مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة، وذلك وفقا لتحليل بيانات من مجموعة "مورننغستار" للبحوث المالية في الولايات المتحدة.

كما تحاورت مع عشرة آخرين من المستثمرين البارزين غير الخليجيين لم يكن أي منهم على تلك القائمة.

ومن إجمالي 18 مديرا لاستثمارات نشطة، قدموا معلومات، قال 12 مديرا أنهم لا يعتزمون المشاركة في طرح "أرامكو" العام الأولي.

وقال 5 إنهم لم يحسموا رأيهم بعد، بينما قال الأخير إنه سيستثمر في الطرح.

وقال 7 من المستثمرين الخاملين الـ8، أنهم سيشترون على الأرجح أسهم "أرامكو" عند إدراجها في المؤشرات التي يتبعها كل منها، لكنهم لن يشاركوا في الطرح العام الأولي.

وقال المستثمر الثامن إنه لن يستثمر في أسهم "أرامكو" على الإطلاق.

مخاوف

ونطاق مخاوف المستثمرين النشطين نطاق عريض، فالبعض يرفض ببساطة الاستثمار في شركات النفط.

بينما يتوجس آخرون من تدخل الدولة في إدارة الشركة، أو من سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، أو من المخاطر الجيوسياسية التي أصبحت في صدارة العوامل بفعل الهجوم الذي وقع على منشأتين نفطيتين لـ"أرامكو"، في سبتمبر/أيلول الماضي.

وتقول متحدثة باسم شركة "فينانسيه دي بروفيسيونل" الاستثمارية الكندية، التي تملك حصة تمثل 2.15% في الأسهم السعودية من خلال صندوقها الاستثماري المتخصص في الأسواق الناشئة: "بالنظر إلى نشاطها الأساسي، وأثر مساهمتها في الانبعاثات الكربونية العالمية، واتِّباعا لسياستنا الاستثمارية التي تتصف بالمسؤولية، ليس لدينا أي اهتمام أو خطة للاستثمار في أرامكو السعودية".

ويضيف محلل أسهم قطاع الطاقة لدى شركة "أليانز غلوبال انفستورز" الاستشارية "روهان ميرفي"، أن رأيه في الشركة لم يتغير، وأنه "من المستبعد أن تستثمر شركته في أسهمها"، مستندا في ذلك إلى مخاوف تتعلق بالحَوكَمة وحقوق مساهمي الأقلية والمخاطر الجيوسياسية.

ويقول بعض مديري الصناديق في الجانب الآخر، أن "أرامكو"، التي تملك قاعدة تقوم على التكاليف المنخفضة، لها دور قيادي في قطاعها، وأن عملياتها تنخفض فيها معدلات الانبعاثات الكربونية، كما أن لديها عائد ربحي مغر.

ولكن رغم ذلك قد يكون السعر النهائي عاملا رئيسيا.

إلغاء عروض الترويج

من جانبه، يقول مدير المحافظ في شركة "فييرا كابيتال" التي تستثمر حوالي 80 مليون دولار في الأسهم السعودية عبر أربعة صناديق "دومينيك بوكور إنغرام"، وفق بيانات "مورننغستار"، إنه لم يتخذ قرارا بعد في أمر المشاركة في الطرح العام الأولي.

ويضيف: "من الواضح أنها شركة نفطية كبيرة لأنها تنتج كمية كبيرة من النفط، ولديها احتياطيات كبيرة كما تملك واحدا من أدنى معدلات تكاليف الإنتاج في العالم. ولكن السؤال المطروح دائما هو: ما الذي ستدفعه مقابل ذلك؟ وهذا ما نعكف عليه في الوقت الحالي".

ستتوقف القيمة الدقيقة لإقبال مؤسسات الاستثمار الخاملة على أسهم "أرامكو"، بعد إدراجها في المؤشرات القياسية مثل "إم إس سي آي"، على تقييم الشركة، وهي مسألة مثار خلاف مع المصرفيين بعد أن انخفض التقييم من القيمة المأمولة عند تريليوني دولار، إلى ما بين 1.6 و1.7 تريليون دولار.

وقدر مصدران مصرفيان على صلة وثيقة بالصفقة، أن الاستثمارات الخاملة في الأسابيع القليلة الأولى بعد إدراج الأسهم في المؤشرات، ستتراوح بين 3 و5 مليارات دولار، بناء على كيفية حساب المؤشرات المختلفة للنسبة القابلة للتداول من أسهمها.

وبدا أن "أرامكو" بدأت تدرك الأمر الشهر الماضي، عندما ألغت العروض الترويجية الدولية للطرح العام الأولي.

وجاء القرار بعد أن قال مصرفيون، إنه لا يوجد استعداد يذكر لدى المستثمرين الأجانب للاستثمار عند التقييم المرغوب.

وفي نشرة الاكتتاب في الطرح العام الأولي، التي صدرت في 685 صفحة، سعت "أرامكو" لتهدئة بعض المخاوف التي قد تكون لدى المستثمرين، وذلك بالإعلان عن خطط لزيادة الإنفاق على الطاقة المتجددة، وتقليل استهلاكها من الطاقة.

وتناولت أيضا مخاطر أخرى محتملة مثل الهجمات الإرهابية والشكاوى المتعلقة بالاحتكار، وكذلك حق الحكومة في تقرير أقصى حد ممكن للإنتاج، وتوجيه "أرامكو" لتحمل مشروعات خارج نشاطها الأساسي.

ويقول رئيس فريق الاستثمار في أسهم الأسواق الناشئة في شركة "نيوتن انفستمنت مانجمنت" للاستشارات "روب مارشال لي"، إن السعوديين "يبذلون قصارى جهدهم لكي يجعلوا الطرح مقبولا، وهذا سيكون على ما يرام لبعض أنواع المستثمرين، لكن ليس بالضرورة لمن هو مثلنا".

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف