موريتانيا...المافيا وأدوات النجاح

أحد, 12/22/2019 - 19:13
لبات ولد الفاظل

في دولة "الخفافيش " إذا لم يكن لديك على الأقل (ضابط أو وزير أو برلماني أوإداري ) 

ذو نفوذ ومركز إستراتجي بين أصدقائه الذين يحسبون له ألف حساب خوقا منه وطمعا فيه فأعلم أنك "نكرة "ولامحل لك من الإعراب لأنك لاتستحق أي شيئ ولست مؤهلا له بلا حق وحظوظك ضعيفة في جميع مجالات الحياة ،فعزاؤك الوحيد أنك مسلم ولك عقيدة راسخة في ذهنك مفادها (أن الفضل بيد الله يؤتيه لمن يشاء والله ذو الفضل العظيم)

هذا الإقتباس من الآية الكريمة هو الذي يبقيك على قيد الحياة متمسكا بخيوطها الضبابية التي تحول دون النظر لواقعك الحاضر وتحجب عنك رؤية المستقبل.

وسواء إن كنت مواطنا عاديا أومثقفا أوفكرا أو كفاءة أو سياسي مخضرم عالي الجودة فلايشفع لك ذلك نظرا لإفتقادك إلى الأدوات اللازمة فالنجاح لايصنع بالأقلام ولا بالأفكار والتوظيف لايصنع كذلك بالكفاءة .

أن تكون ناجحا يعني أن يكون إلى جانبك فردا من تلك المافيا (ضابطا أو وزيرا أو برلمانيا أو إداريا ) فالمافيا لابد من دعمها بإعتبارها مفتاح للنجاح والإندماج في عالمها 

شرط أساسي لخلق المزيد من الفرص للعائلة والأقرباء.

المثقفون مهمشون والجاهلون مكرمون والأيادي البيضاء منفيون لأن لاوجود لهم في عالم المافيا (حيث سرقة المال العام والنهب والحيل وأنواع الألاعيب كلها) لذلك فإن الأرضية غير مهيئة لهم فهذا ليس حيزهم ولامجالهم.

فإذا كنت ترغب أن تكون صاحب ولاء وثقة مطلقة عند أفراد تلك "العصابة " فكن كاذبا ومنافقا وجحودا ساكت عن الحق أعمى وأطرش فهذه الصفات تكفيك لأن تكون صالحا في نظرهم.

وإذا أصابك ولع التطور السريع في الوظيفة وتسعى إلى القفز للأعلى دون أن تمر بالسلم الإدارية المعهودة فتمسك بأساليب النجاح وأسلك الطريق القصير المؤدي له ( حيث الرذيلة والخبث والسرقة وخيانة العباد والبلاد).

هذه هي أدوات النجاح الباهر والتطور الفائق في موريتانيا "المنهكة" الذي كان ومازال قائما فرموز فساد الأمس حاضرون بيننا اليوم يخترقون ويحتلون المراكز الحيوية للدولة وهذا دليل قاطع على صدق وجهة نظرنا في أدوات النجاح.

فموريتانيا البلد ذات المساحة الكبيرة والتعداد السكاني القليل والثروات النفيسة الهائلة والمتنوعة (كالصيد والحديد والذهب والنحاس ) إضافة إلى الثروات الأخرى التي لم تستغل بعد والموقع الإستراتجي الذي تحتل بفضل جبهاتها البحرية النادرة التي تعادل جبهات الولايات المتحد الأمريكية وعائدات إستغلالها التي تفوق ميزانيات بعض الدول سنويا بغض النظر عن الإمكانيات الأخرى ، لكن كل هذا لم يشفع لموريتانيا "الهزيلة" وشعبها الفقير الذي يقل معدل الدخل الفردي يوميا عن دولارواحد لأكثر من (80%) وهنا يطرح السؤال نفسه أين ذهبت تلك الثروات كلها ؟

مع العلم أن الدولة لم تدخل حربا ولم تنفق المليارات في المشاريع التنموية ولم تعمل على تحديث القطاعات الحيوية (كالصحة والتعليم )فضلا عن تحسين البنية التحتية الرديئة للبلد التي يرثى لها حقا وشبكاتها الحضرية المناقضة للخطط الجغرافية المعتمدة داخل الحيز الجغرافي المراد بمعنى أن المواصفات المصنفة عالميا لاتتوفر عليها بنيتنا التحتية وهذا يحيلنا إلى القول بأن هذه البنية التحتية هي أقرب في مضمونها "للعشوائية" او (الخطة بدون خطة ) كما يسمونها الجغرافيون إذا لم تنتمي لخطة معينة.

هذه هي نتيجة ما أوصلتنا إليه تلك العصابات التي يتقاسم أفرادها ثروات البلد في ظل إنعدام الديمقراطية الناتج عن غياب وعي المجتمع الموريتاني الأمر الذي يقود أيضا إلى إنعدام العدالة الإجتماعية التي تضمن توزيع الثروات بشكل عادل.

فتلك المافيا هي التي تستحوذ على كل شيئ وتسيطرعليه لتقصي الجميع من حقوقه حتى في أبسطها تستنزف خيرات الوطن وتنعم بها بينما بقية الشعب الموريتاني بالكاد يحصل على قوته اليومي فالفرق إذن كبير بين "الغنى الفاحش" لأفراد العصابات الذي أصبح كل منهم مليونيرا بين عشية وضحاها وبين "الفقر المدقع" الذي تعاني منه الأغلبية من جراء سيطرة (الهمجيون المتغطرسون أصحاب السوابق السيئة ) الذين أوصلوا البلد إلى نهاية النهاية من "الجهل والتخلف والفقر" حتى إن هذا البلد موريتانيا بكاملها ليست واردة مقارنتها بإحدى والولايات لجيراننا الأفارقة فضلا عن مقارنتها بجيراننا العرب الأشقاء الذين يتقدمون علينا بأشواط ليست بالقليلة تاركين بذلك فراغا شاسعا بيننا ثم يلحق المتأخرون وفي مقدمتهم موريتانيا التي لم تخنها إمكانياتها الذاتية الخاصة وإنما خانوها الخائنون .

هذا هو واقنا بلدنا المعاش نكتبه بواقعية نزولا عند إرضاء الضمير ومن زاوية قول الحق والحق وحده نقول واللعنة بعد ذلك على الكاذبين.

لبات ولد الفاظل .

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف