الدولة الموريتانية بين ''الخيال والعدم''

جمعة, 01/10/2020 - 19:42
لبات ولد الفاظل

لقد أخطأ الفرنسيون في تقييمهم حين منحوا لموريتانيا الإستقلال ،ولقد كان العاهل  المغربي ''الحسن الثاني''على حق في دعواه وتوجهه ونظرته الدونية للدولة الموريتانية الفاشلة في كل شيئ حتى الخطابات السياسية ، ولقد صدقت مقولة الرئيس المصري ''أنور السادات'' حين قال تلك المقولة الشهيرة التي لم ولن تمت وستبقى في سجل التاريخ وذاكرة تاريخ كل موريتاني ينبض قلبه بالحياة المفعمة بالمشاعر الصادقة تجاه هذا الوطن في كل مرة يتذكر فيها هذا التصريح شديد اللجهة على خلفية الإنتقادات العربية للإتفاق المصري الإسرئيلي ، حيث كان على هذا النحو من السخرية والإساءة يقول الراحل :"الآن أصبحت مصر تنبحها الكلاب وتنهشها الذئاب حتى دويلة موريتانيا التي إذا حضرت لاتستشار وإذا غابت لاتنتظر" لقد صدقت إساءة الرجل فأصابت ''كبد الحقيقة'' رغم منتقديها الكثر من أمثال الخونة والمنافقين والكاذبين بشهادة من ''الواقع الملموس'' الذي لم يقلب الحقيقة رغم إنتقاداتها غير المجدية ليطول عمرها عبر مراحل الدولة الحديثة .

هذه الدولة التي لاتستحق أن تكون دولة ، كونها تتعارض مع هذا المفهوم الذي عجز حكامها عن فهمه فهما دقيقا وشاملا بإستثناء القلة ممن كان لهم ''مشروع بناء دولة'' يخطئون مرة ويصيبون أخرى يتعثرون ويتقدمون ، ولكن الأهم من ذلك كله أنهم ''أصحاب رؤية'' تهدف لبناء مشروع ''دولة وطنية'' للجميع ذات أسس ثابتة لاتتأثر بحسابات القبيلة ولا العشيرة ولاتلعب فيها المحسوبية والجهوية دورا جوهريا وفعالا كما كان ومازالا موجودا رغم وعود محاربتهما الكاذبة من الوافدين إلى السلطة الذين لايضيفون إلا أساليب خداع جديدة مغايرة للأولى من أجل البقاء في السلطة وتحقيق المزيد من الرفاهية ''للعائلة والأقرباء والقبيلة'' بإعتبار أن موريتانيا في نظرهم مجرد  "متجر تجاري" تحسب على هذا وأذاك فينهبها ويفسدها ويرفع من فاتورة خسارتها ، فتصعب إعادة هيكلتها من جديد لأن من ذهبوا ومن قدموا ومن هم في طريقهم إلى السلطة لايحملون مشروع وطني وهم خائنون بالفطرة ''كأسلافهم'' الذين لم يقدموا الجديد لهذا الوطن بحكم تصرفاتهم الهمجية التي توحي إلى أنهم ''غرباء'' عليه ولاتربطهم به أي صلة فالولاء والإنتماء للقبيلة تلك التي ولدت ونمت وعاشت داخل أحضان هذا الوطن الذي يفتقد لدولة لها كيان مستقر ونظام سياسي ذو خبرة تدعمه المسؤولية والشعور بالذنب تجاه هذا الوطن الذي يصارع وحده ويكافح كل أساليب الهدم والدمار، تلك هي مخلفات عتاة اللصوص والمجرمون إبان حكمهم الذي يجسد دولة "دولة الخيال والعدم"الدولة الفوضوية التي لاتسير ولاتحكم نفسها بنفسها ، بل تتقاسمها القبيلة التي تحرص على إدارتها داخليا مع من يفوقها قوة والذي يحرص هو الآخر على إدارتها خارجيا ألا وهي الأيادي الأجنبية ، ليبقى من يصف نفسه بالحاكم أو يصفوه ''كلابه'' مجرد ''دمية'' وضعت على الهرم إذا نظرت له من بعيد يخيل لك بأنه قائد حسن الهيئة ولكن تلك الصورة سرعان ماتتبدد وتتسرب حين تقترب أكثر وتمعن النظر من جديد لتكتشف أنك على خطأ وأن حاسية النظر قد خدعتك بصورة ذلك القائد الذي في الحقية أشبه بدمية أبلاستيكية معاصرة تتم برمجتها من حين لآخر،ويبقى الوطن في محاولة يائسة لإنجاب قائد حقيقي يشعر بالإنتماء "الروحي والوطني" للوطن فيبادر بطرح حجر الأساس للدولة الوطنية ذات النظام السياسي المدني القوي الذي يوجد فيه المعني الحقيقي في الصالح العام عوضا عن الخاص ومراعاة لضرورة الحاجة إلى إنشاء مشاريع بناء يعلق عليها الأمل لأبناء هذا الوطن وأحفاده تشعرهم بالكرامة وتستحق أن يضحى من أجلها لأنها ليست مشاريع خاصة لهذا الزعيم أو ذاك وأقربائه وأنسابه من السياسيين والقبليين لعل هذه ميزة صغيرة تصنع كل الفارق .

لبات ولد الفاظل

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف