الــتــضــحــيــة فــي زمــن الــخــداع

جمعة, 04/03/2020 - 18:02

هناك نوع من التضحية نسميها (التضحية الغبية) وهي أن نستمر في التضحية لمن يستغلنا ويستغفلنا ويهيننا ويمثل علينا ويستهزئ بنا ويظلمنا ومع هذا نحن نضحي من أجله، وقد رأيت حالات كثيرة من هذا النوع، لكن الصواب هو (التضحية الواعية الذكية ) بمعنى أننا نضحي بإرادتنا لشخص يستحق التضحية إما لتقديرنا أو لأنه يبادلنا التضحية، ولهذا نحن نقول: إن التضحية مع الأصدقاء وبين الزوجين والأولاد لها حدود.

 أما التضحية للوالدين فالحساب مفتوح وليس لها حدود بسبب فضلهما علينا وإن قصرا معنا لأنهما سبب وجودنا، ومنذ فترة مرت علي قضية لزوج أهمل زوجته وبيته وأولاده وتحملت زوجته كل المسؤوليات وصارت تلعب دور الأب والأم في بيتها حتى في الجانب المالي فهي تتعب وتكدح في عملها وتصرف على بيتها وأولادها.

 أما زوجها فهو مرفه ينام بالنهار ويسهر بالليل فاستشارتني يوما أنه يلح عليها لاستلام بطاقة البنك الخاصة بها فقلت لها: إياك ثم إياك أن تعطيه فهو لا يستحق ذلك ولو سلمته حسابك فهذا يسمى استغلالا وظلما وهذه هي (التضحية الغبية) ، فنحن نضحي لمن يضحي من أجلنا ولا مانع أن نعطي الكثير لمن يعطينا القليل ونحتسب ذلك عند الله تعالى، لكن أن نضحي لمن لا يضحي من أجلنا ويهيننا فهذا استخفاف بنا واستغلال لنا لا نرضاه أبدا.

 أذكر أن مخطوبة سألتني كيف أعرف أن خاطبي سيضحي من أجلي فقلت لها : من الصعب معرفة ذلك، لكن حاولي أن تجمعي معلومات عن أخلاقه بشكل عام واسألي عن تضحيته لوالديه أو إخوانه أو أصدقائه فإن كان مضحيا فيعني هذا أنه في الغالب سيضحي من أجلك، ويمكننا أن نختبر الآخرين في التضحية كأن نضحي من أجلهم ثم نرى ردة فعلهم على مواقفنا فإذا قدروها وبادلونا بتضحية أخرى فيعني ذلك أنهم  يستحقون أن نستمر في عطائنا لهم.

 أما لو رأينا أنهم لا يضحون من أجلنا فنتحاور معهم لنلفت نظرهم لتضحياتنا من غير أن نمن عليهم فربما يكونوا غافلين عن تضحيتنا أو ربما يحدثونا عن تضحياتهم التي لم نرها، ولكي تنجح أي علاقة بين اثنين لابد لها من تضحية لأن التضحية تعمق الحب وتزيده في الحياة وبعد الوفاة، كما حصل بين النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) والسيدة خديجة - رضي الله عنها - فقد قامت علاقتهما على الحب والتضحية من أول يوم، واستمر ذلك في حياتهما وحتى بعد وفاتهما لما قدمته من تضحيات عظيمة من أجله وأجل دعوته فقد صبرت على الأذى وطلقت ابنتيها وحوصرت اقتصاديا في شِعب أبي طالب ودعمت النبي (صلى الله عليه وسلم) بمالها وأحسنت تربية البنات وفتحت له بيتها بمكة المكرمة وسخرت له علاقاتها الاجتماعية لنصرة مشروعه، فمواقفها تصلح لأن تكون مدرسة للتضحية تدرس لكل من يريد تعلم الحب وتضحياته  فلنتأمل ذلك

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.  

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف