أيــن هــي غــيــرتــنــا علــى ديــنــنــا

ثلاثاء, 05/05/2020 - 03:27

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز مخاطبا رسوله الكريم محمدا صلوات الله وسلامه عليه" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وقال عز من قائل "وإنك لعلى خلق عظيم" صدق الله العظيم، وتجسيدا لهذه الإرادة الإلهية الأعظم، جاء في الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

في ظلال هذا العبق الإيماني الذي لا يجاري، تفجر ينبوع النبوة والدعوة المحمدية الشريفة حتى عمت أرجاء المعمورة كافة، وقوامها رحمة للناس كافة، وخلق نبوي عظيم يمكن للإنسان أينما كان، أن يتقرب لله تعالى من خلال محاولة التخلق به، وتلك هي القاعدة الكريمة، كلما جسد شخصية القدوة الحسنة والنموذج السليم للإنسان المؤمن الذي بمقدوره أن يثير إعجاب الآخرين بالتزام الإيماني، وبالعقيدة التي بها تؤمن.

نسوق هذه البديهة ونحن نرى حال بعض المسلمين اليوم، وبالذات الطيبون والبسطاء الذين يسيئون بدافع الغيرة والحمية ومن حيث لا يدرون لمبادئ العقيدة الإسلامية السمحة، من خلال مقاربة الغلو والتطرف، وعلى نحو يخدم أعداء الإسلام الذين يحاولون عبثا وبدهاء، توظيف تلك الممارسات لا ظهار الإسلام كم لو كان دين تطرف وانغلاق ورفض للآخر، والإسلام بريء من ذلك بالمطلق، بل هو الدين الذي يدعو دستوره العظيم "القرآن الكريم" إلى المبادرة لفعل الخير بديلا للشر لاستقطاب قلوب الآخرين، مصداقا لقوله تعالى "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".

نعم نسوق هذا ونحن نسأل الله أن يعيدنا جميعا إلى جادة الصواب وأن يجعل غيرتنا على ديننا الحنيف سببا للإصرار على تقديم هذا الدين لآخرين كما هو بعيدا عن كل مظاهر الشطط والانغلاق والإقصاء والعنف، وهي مظاهر يمقتها الإسلام ولا مكان لها في ثناياه.

ندرك أن ما يتعرض له الإسلام من حملات التشكيك والاتهام والإساءة بات أمرا لا يطاق في هذا الزمن الصعب، والتي كان آخرها تلك الإساءة المقيتة لمقام وشخص الرسول الكريم رسول الرحمة والخلق العظيم، محمد النبي العربي الهاشمي الأمين، إلا أننا ندرك وفي الوقت ذاته، أن لهذه الإساءات المقيتة أهدافها الشريرة، عندما يمارسها حاقدون مارقون بلقون "الطعم" لبعضنا بهدف استفزازهم وإخراجهم عن طورهم ودفعهم لارتكاب ممارسات غير ذات صلة بالعقيدة الإسلامية، كالقتل والإحراق والهدم، تعبيرا عن السخط، كي يفرح أولئك المارقون الحاقدون بتلك الممارسات، وتقديمها للبشرية على أنها والعياذ بالله من أخلاق الإسلام والمسلمين.

وهي بلا شك مكيدة يرى فيها بسطاء العالم كما لو كانت مثالب تمارس باسم الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لقد ألصقوا تهمة الإرهاب بنا زورا وبهتانا،وصورونا على أننا شعوب ذات عقول متحجرة لا مكان للتحضر العلم في حياتنا، متجاهلين أن أول كلمة جاء بها الوحي على أشرف الخلق صلوات الله وسلامه عليه، هي كلمة "أقرأ" في زمن كانوا هم فيه أبعد خلق الله عن مبادئ الإنسانية الحقة، يغطون في ظلام دامس تحكمه أبشع سلوكيات عرفتها البشرية منذ فجرها.

نهيب بعلمائنا وشيوخنا الأجلاء، وبسائر القائمين على أمر العرب والمسلمين، ومنهم أولئك الذين أخذهم الانشغال بالسياسة عن الاهتمام المطلوب بأمور الدين، لأن نعمل معا على تقديم الإسلام على حقيقته، باعتبار دين الرحمة والكرامة والعدل والحق والحرية وأعمار الأرض وإعلاء شأن لإنسان بتقربه من الله جل في علاه، فالمسلم الحق ليس شاتما ولا حاقدا ولا هداما ولا ظالما، وإنما متسامحا رحيما بناء عادلا، قوته الحقيقية في تقديم ذاته كقدوة حسنة ومثل أعلى ونموذج طيب، وليس غريبا أن الزمن الراهن بات يؤكد طبيعيا، أن الإرادة الإنسانية القائمة على الإيمان الراسخ، هي أقوى من كل جبروت السلاح والمال والكثرة،وإن الإرادة ذاتها أقدر على صنع المعجزات عندما يكون سلاحها الإيمان والحلم الصدق والعدل والخلق الحسن، وإن أعتى القوى المادية في المقابل، تقف عاجزة أمام هكذا إرادة.

ختاما في الحديث الشريف "ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب"، والله من وراء القصد

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف