تفجيرات بيروت .. كارثة حلت بلبنان على المدى القصير .. لكنها ستولد فرصاً ذهبية استراتيجية ونهايات وجودية لأعداء لبنان والإقليم  

جمعة, 08/07/2020 - 07:10

 لن يكون ما بعد تفجيرات بيروت مساء يوم الثلاثاء الموافق 4 آب 2020 ، كما قبلها ؛ قولاً واحداً ، على كل الصعد  الإقليمية ، والدولية ؛ العسكرية والسياسية والأمنية ولإقتصادية ، و " الإنسانية " والجغرافيا (..) .  

كان ( الثمن ) باهظاً وأليما ومؤلما ومرعبا و( مستهجنا ) وهجينا .. كل ما يخطر على البال ولا يخطر .. من البذاءة والنذالة والسفاهة  والسفالة والإجرام  ، ومع كل هذا (غباء ) منقطع النظير ، فقد قطعت ( جهيزة قول كل خطيب ) وفلسفة كل محللٍ ومنظر، وبات عند ( جهينة الخبر اليقين ). 

ورغم ذلك، ثمة أسئلةٍ تطرح (يكاد المريب أن يقول خذوني ) .. فـ تل ابيب تنفي مسؤوليتها دون أن يسألها أو يتهمها أحد ؛ لحظتها ، والفاسد السارق الكذوب نتنياهو ينافق ويرفع العلم اللبناني ، فيما ترتعد فرائصه ، رعبا مما ارتكبت يداه  ، ومما سيلي فعلته.  

أما التاجر المبتز (الآيل للسقوط) ان داخليا (إنتخابياً ) أوخارجياً ( عسكريا ) بنتيجة حرب ، قبل نهاية العام 2020  .. ، فليس لديه علم بما حدث في بيروت (هكذا بكل أريحية) ويستكمل انه لا يستبعد ان يكون ماحدث بنتيجة هجمات .. كم هو عبقري بهذا الاستنتاج الموغل بالعمق . 

ماكرون جاء لبيروت ، بعد زيارته لها  قبل أيام  من التفجيرات ، والتي عرض فيها مساعدات مشروطةً بقبول (نصائح) مؤسسات رأس المال العالمية،  المرتبطة بقبول صفقة القرن وإدارة الظهر كلياً لمحور المقاومة وضمنها إيران والإجهاز على المقاومة (إن استطاع)والمشاركة في معاقبة سورية وتطبيق قانون قيصر عليها ، وعدم مفاصلة اسرائيل في استخراج البترول من مياهه الإقليمية ، وغير ذلك . 

جاء هذا الماكر ماكرون ، ليسترد لبنان على حد تعبيره ، ممن ؟ من أمته وشعبه وشرعيته ، وقياداته الوطنية ، لعل لبنان بعد التفجيرات الموجعة تهتز فرائصه فتسلّم قياداته لماكرون الزمام ، ليسلّمها بدوره للتاجر المبتز  فيحقق نصراً أشد ما يكون حاجة له في الداخل والخارج أمام صورته المهزوزة  محلياً وعالمياً ؟  

وهو حال ينطبق على الفاسد الكذوب السارق نتنياهو ، الأشد حاجة للبقاء حيث هو ، وقد استنفد الفرص،وإنقلب الشارع الإسرائيلي عليه،(بعد أن كان يخطط ويشارك في إسقاط دول عربية ) ولم تعد أمامه من فرصة لتجديد تحالفاته مع الأكثر منه خسة .  

أما اللبنانيون الذين يستمدون قوتهم من خارج لبنان، وليس من الشعب اللبناني  الأصيل المقاوم، هجانة و فتناً مذهبية وتعصباً وقدرات مالية رجعية ورأسمالية غربية ، والذين قبل أن تنطفيء نيران التفجيرات، كانت بياناتهم جاهزة تطالب بمشاركة دولية في التحقيقات المتعلقة بما ارتكبت أيديهم .. وأيدي صنائعهم وما آلت إله الأمور من نتائج كارثية ومأساوية .  

لقد كان التوقيت المسبق لإعلان قرار المحكمة الدولية بشأن إغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ،  بحيث يلي التفجيرات ، مقصوداً ومبرمجاً ، حيث كان يتوقع ويفترض أن يستشهد سيد المقاومة حسن نصر الله أو على الأقل قادة كبار من المقاومة ، فتتولد ردة فعل غير محسوبة تقود إلى فتنة كبيرة وحرب أهلية ، أو القبول بصفقة القرن وما يستتبع، لكن الذي حدث أن رئيس حزب الكتائب  قتل بنتيجة التفجيرات، ليزداد ارتباكهم ارتباكاً ، وهكذا كان لا بد من تأجيل إعلان قرار المحكمة الدولية .  

لقد طال صبر المقاومة، على الرد، كما طال صبر روسيا إزاء استفزازات ذاك الفاسد الكذوب السارق ، وإن كانت التصريحات الروسية ؛ باتت تتخذ لهجة أشد حدة ووضوحاً. 

وفي ضوء تفجيرات بيروت بات حرياً بمحور المقاومة والأصدقاء إعادة  دراسة كل المعطيات ومختلف السيناريوهات على الأرض، وإعادة النظر بالاعتبارات التي كانت تُتخذ في حسابات الرد وعدم الرد، فما حدث تجاوز المعقول وغيرالمعقول وتجاوز كل الخطوط والألوان ، ووضع الأمور في نصابٍ مختلف ، وفق قواعد مختلفة غير مسبوقة، تتعامل مع الواقع وفق سياسة الأرض المحروقة فتصيب فيمن تصيب الأصدقاء و(الحلفاء) معاً دون أدنى اعتبار . 

إن وضع الأسئلة التالية يحدد مرتكب التفجيرات كأن نتساءل  : من المستفيد من ارتكابها ؟ من القادر على ارتكابها ؟ من الذي يمتلك المعلومات الاستخبارية والتجسسية الكافية لإرتكابها ؟ من هو (الكيان) الذي كثّف طلعات طيرانه المسيّر  فوق لبنان وبيروت في الأيام السابقة على التفجيرات، من هي الأطراف التي حذرت وهددت لبنان من مغبة الإستمرار  في خطه السياسي الصديق للمقاومة ؟  ماذا يقول خبراء التفجيرات وماذا تقول فيديوات التفجيرات ، وأخيراً من الذي لديه المعلومات عن كميات وأماكن تخزين الأمونيا في مرفأ بيروت ؟ ومن تجاوز القانون وسمح بتخزينها منذ سنة 2014 ؟ ومن الجهة التي سربت او ساعدت على تحديد  مكان تخزينها بدقة . 

لقد أفشلت سورية قطار الخريف الأمريكي وحالت دون أن يستكمل مسيرته ونجاحاته في غير قطر عربي ، فجرّبوا معها كل أنواع  الحروب وكان آخرها قسد والاحتلالين الأمريكي والتركي وقانون قيصر ، وقبله افتعلوا أحداثاً تخريبية في جناحي سورية : العراق ولبنان ، ولكن أمكنهما الخروج منها بسلام الى حد بعيد ، والآن عادوا ثانية لإستهداف سورية مجددا من خلال توأمه ؛ لبنان ، ومحاولة استدراج المقاومة الى لبنان والتخلي عن سورية في سيناريو خبيث .       

رغم كل شيء ، بكلمات أقول ،أن تفجيرات بيروت كارثة حلّت بلبنان؛ من صنع أعدائه واعداء الأمة، لكنها كارثة ستكون على المدى القصير فقط .. وستولّد فرصا ذهبية لإلحاق كوارث استراتيجية ونهايات وجودية ؛ على المدى المتوسط ، لمدبري التفجيرات وداعميهم وعملائهم في لبنان والإقليم . 

 محمد شريف جيوسي  

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف