تــربية الأبــنــاء علــى أســس ديـنـيـة

خميس, 11/11/2021 - 00:27

تربية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأم والأب بشكل عام، لا يمكن إغفال دور كل منهما بحجة أو بأخرى، فمثلا لا يمكن أن يتنصّل الأب من دوره بحجة انشغاله في العمل وعدم تواجده في المنزل، كذلك لا يمكن للأم الموظفة أن تلقي بمسؤوليتها على عاتق طرف آخر كالخادمة مثلا، فانشغال الأبوين في العمل يمكن تعويضه باغتنام أي فرصة للتواجد في المنزل.

 

فمسؤولية الوالدين تجاه أبنائهم لا تقتصر على إنجابهم وإطعامهم وكسوتهم، فكل تلك الأمور تغذي الجانب المادي وتعتني بالشكل الخارجي لهم، وهو أمر محبب دعا إليه الإسلام وأثنى على من أخلص فيه، إلا أنّ تغذية الجانب الروحي لا تقل أهمية عن توفير سبل الحياة المعيشية لأبنائنا، فحب الأبناء يجب أن يتغلف بحبهم في الله و تربيتهم وإعانتهم على معرفة الله حق معرفته من خلال تنشئتهم دينيا وتعليمهم بأمور دينهم ودنياهم.

 

فالجانب الديني وتكريس مفاهيم الدين كتعليم الصلاة وفريضة الصيام والحجاب وغيرها يحتاج من المربين صبراً وفناً في التعامل، ليُقْبل الأبناء على ممارسة العبادات والشعائر الدينية بكل طواعية، ولنا في أهل بيت النبوة قدوة حسنة، فقد حث الرسول (ص) في الحديث الشريف الذي يقول: (حق الولد على والده إذا كان ذكراً أن يستفره أمه ويستحسن اسمه ويعلمه كتاب الله ويطهره ويعلمه السباحة وإذا كانت أنثى أن يستفره أمها ويستحسن اسمها ويعلمها سورة النور).

يهتم الآباء كثيرا بجانب التعليم المدرسي و الأكاديمي لدى أبنائهم، فيلحقونهم بدورات تعليمية في الرياضيات والإنجليزي، لكن البعض منهم يغفلون إلحاق أبنائهم بدورات تعليمية لمبادئ التجويد والتلاوة، و مما يؤسف له أن يعزز الوالدين لدى أبنائهم التعلق الشديد بالدنيا، ويبعدونهم عن التعرف و تعلم مبادئ الإسلام.

 

قد يقول الكثيرون إن العبء الأكبر في تعليم الأبناء مبادئ الدين كتعليم الصلاة وتحبيب الفتاة إلى الحجاب وإلحاقها بدورة التكليف، وحث الأبناء على أداء الفروض الواجبة كالصيام وما إلى ذلك، يقع على عاتق الأم بحكم التصاقها بالأبناء والتصاق الأبناء بها، لكن ذلك لا يعني التقليل من مسؤولية الأب في توجيه ابنته فيما يخص حجابها أو صداقاتها و استغلال أوقات فراغها، وكذا اصطحاب ابنه إلى المسجد، وتعليمه الصلاة، وإيقاظه من نومه لأداء فريضة الصبح، والبحث له عن دورة تكليف تعينه على فهم دينه، وبالتالي مساعدته على طاعة الله وبهذا نصل إلى الهدف الأسمى من علة الخلق في قوله تعالى ((وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون)).

 

مسؤولية المجتمع 
يقول الرسول الأعظم (ص) : (لكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وهنا ينبغي الإشارة إلى أن التربية الدينية لا تقع على عاتق الأبوين فقط، فبيئة المجتمع المحيط بأبنائنا لها دور كبير ، كالبيئة المدرسية مثلاً فالمعلم مربٍ وملقن في بيئته ، ولا يمكن إغفال دور الأجداد والأقارب وذوي الأرحام ، والأصدقاء في ترسيخ المفاهيم الدينية ، فقد يكون لهم أحيانا دور يفوق دور الآباء، بسبب تعلق الأبناء بهم ، بالإضافة إلى ذلك قرناء السوء وتأثيرهم السلبي ، لذلك فإشراف الوالدين على مثل هذا النوع من التعرض المتشعب القنوات له دور كبير في غربلة بعض السلوكيات، والمبادئ التي لا تتناسب وتعاليم الدين الإسلامي ولا يرتضيها الوالدان لأبنائهم، فوجود الأبناء هو امتداد لوجود الآباء، وكونهم صالحين أتقياء يضيف شرفاً للوالدين واختلال تربيتهم الدينية يؤدي إلى إخراج جيل فاسد يضيف شقاء إلى الآباء والى المجتمع ككل.

 

وأخيرا لا يمكن التغاضي عن دور وسائل الإعلام في التربية ، فالبرامج المختلفة لها دور كبير في تغير وإضافة مفاهيم عديدة على عقليات المربين وعلى سلوكيات الأبناء ، فملاحظة البرامج التي يشاهدها الأبناء أمر في غاية الأهمية، هذا إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني التي قد ينخرط فيها الأبناء والمربون ومدى تأثيرها سلبا أو إيجابا على عملية التربية الدينية ، فعلى الآباء والمربين الالتفاف حول أبنائهم وإعانتهم على تقوية صلتهم بالله عز وجل، ونصيحتهم لاختيار ما هو أفضل لهم.

 

نصائح 
احرص أيها المربي على حصول ابنك على المعلومات الدينية من مصدرها الصحيح بسؤال أهل الاختصاص.

 
تكلم وتحاور مع أبنائك أيها المربي، لتبني جسرا من الثقة بينك وبينهم وتعرف مشاكلهم ومن ثم تضع يدك على حلها.

كن رحيما بأبنائك، فإنهم أمانة بين يديك فالعطف والصبر عليهم يجعلهم يحبونك ومن ثم يطيعونك ومن هنا تستطيع أن تغرس فيهم حب التعاليم الدينية.

 

 احذر تأثير الخادمة على تربية أبنائك واعلم أنها خادمة وليست مربية.

 

 كن قدوة لهم، فأداؤك الصلاة في أوقاتها وحرصك على أداء واجباتك التي تقربك من الله ينمي في أبنائك حبهم إلى الله.

اعتني بأبنائك جسديا وروحيا، واختر لهم الكتب الإسلامية التي تنمي فيهم التعلق بالمبادي الإسلامية.

 
مرحلة التكليف مرحلة مهمة في حياة الأبناء، فيجب على الآباء التمهيد لهذه المرحلة ، وتوفير رسائل عملية لهم بعد توجيههم دون إجبار على الاختيار.

 
احرص أيها المربي على وضع جهاز التلفزيون والحاسب الآلي في مكان مفتوح مثل غرفة المعيشة، لتضمن ملاحظة أبنائك ، لما لهما من تأثير كبير على سلوكيات الأبناء.

اعنِ نفسك بالقراءة والبحث أيها المربي لتعمل على ترسيخ المفاهيم الدينية لدى أبنائك باختيار أساليب إسلامية والابتعاد عن المفاهيم التي لا تتوافق وروح الإسلام السمح في التربية.

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف