الحكامة الجيدة تعتبر خيارًا واجب التنفيذ

أحد, 11/06/2022 - 18:29

من قال إن منافسة الآخرين خيرٌ بالمجمل؟ مثلُها بل أخطر منها يُعدّ مفهوم الحكامة الجيدة أحد أهم المصطلحات التي تداولتها الأوساط الثقافية والإدارية في حقل التنمية منذ بداية التسعينات، بل منذ نهاية الثمانينات، فقد استُعمل لأول مرة من قبل البنك الدولي سنة 1989، والذي عدّ أنّ الحكامة هي أسلوب في ممارسة السلطة لتدبير الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد لأجل التنمية"، ويعرّف برنامج الأمم المتحدة مفهوم الحكامة الجيدة بأنّها: نمط جديد من العلاقات والمؤسسات التي تشترك بها مصالح المجموعات والأفراد، وتمارس الواجبات وتعطى الحقوق، ويُفصل في الخلافات والنزاعات، بحيث تقوم على تجاوز التراتبية الهرمية، وتشجع التشارك بين جميع الأطراف والإدارات، كما وتشجع على حسن التنظيم بشكل ذكي، وتوزيع المسؤوليات بحكمة، وصقل القدرات والمواهب ودعم التواصل الداخلي والخارجي.

هناك ضرورة لتوضيح مفهوم الحكامة الجيدة وما ترمي إليه حتى يسهل تتبع دلالاتها وعمقها، فقد بدأ مفهوم الحكامة في الناحية الاقتصادية ينشأ في حقل التنمية الاقتصادية مع الباحث رونالد كاوسي سنة 1937، مؤكدًا أنّ العودة إلى التنظيم الهرمي يشكل دور أساسي في ترسيخ العلاقات والتعاون بين الموظفين في لمؤسسات، مما يزيد من الفاعلية بالنسبة للعديد من العمليات، حيث يعمل السوق على تنويع تكاليف المعاملات، وبعد أربعين سنة تمكن ويليام سان من تأسيس نظرية تدعى "تكلفة المعاملات"، والتي استعملت مصطلح الحكامة كمجموع لعمليات التنسيق الهادفة إلى تنظيم النظام الداخلي للمؤسسة، بما يسمح للعلاقات التعاقدية بتقليص حجم تكاليف المعاملات المالية، بما فيها عبء التنظيم الهرمي.

صارت الحكامة الجيدة تعتبر خيارًا واجب التنفيذ، لما يترتب عليها من تكامل في الأدوار بين القطاع الخاص، إضافةً لمؤسسات المجتمع المدني، وكذلك الإدارة الحكومية؛ لأنّ تحسين علاقة الإدارة الحكومية مع المواطنين تكون عبر إعادة الثقة بين الإدارة والمواطن، وبالرفع من مستوى الجودة والانتاجية والأداء العام، وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها للمستفيدين، وتبسيط إجراءات الوصول إليها، وتحسين جودة الترحيب وتسهيل الإجراءات البيروقراطية ودعم الإدارة الالكترونية، وذلك يصعب تحقيقه بغير العمل على ترسيخ مفهوم الحكامة الجيدة باعتبارها رافعة للتطوير ولتنمية الإدارة العمومية، وذلك لجعل الإدارة حيادية في خدمة الجميع، ولضع حد للشطط وأساليب التعسف في استعمال صلاحيات السلطة، وانتهاج أنظمة جديدة قائمة على أسس دولة الحقوق والالتزام بالقانون، وأيضًا فإنّ تحديث الإدارة المالية سيسهم بشكل مؤكد في تحسين نتائج التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.

 في ظروف غياب التنمية الإدارية لا يمكن إنشاء إدارة عامة متطورة لتلبية حاجيات المواطن والمستفيدين، وخاصة أنّ المفهوم التنموي أصبح مفهومًا شاملًا مؤخرًا، ولم يعُد قاصرًا على الاهتمام فقط بالشكل التقليدي المنبثق من منظومة النمو المرتبط بقضايا ومعاناة الأفراد والمجتمع من شح المصادر والموارد الاقتصادية، بل نجد كذلك بأنّها اهتمت بضرورة إنجاز تغييرات بنيوية ومؤسسية لزيادة توفير الموارد للمجتمع والفرد، فالاهتمام لم يعد يقتصر على إنشاء رأس مال اقتصادي، ولكن أيضًا رأس مال قيمي ثقافي واجتماعي ورمزي.

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف