الحياة الجامعية بين الأمس واليوم

خميس, 02/16/2023 - 20:20

 

الحياة الجامعية بداية لحياة دراسية جديدة مليئة بالكثير من الشغف والجمال، إنها مرحلة جديدة ومختلفة على الطالب الذي كان معتادًا على حياة المدرسة النمطية التي لا تخلو من الملل أحيانًا، ثم أصبح لديه حياته الجامعية المليئة باالمغامرات والمسؤولية العظيمة التي تضع الشخصية على المحك، فيصبح الهم الأول له هو إثبات الجدارة.

 ففي الجامعة يُطلب من الطالب أن يعتمد على نفسه أكثر، وكأنه غادر حياة الاتكال التي كانت سابقًا وأصبح مسؤولًا عن نفسه، وقد يكون مضطرًا لقطع مسافات طويلة للوصول إلى جامعته، وقد يحتاج إلى السكن بعيدًا عن أهله فيختبر الشوق إليهم، بالإضافة إلى الضغط الدراسي الكبير الذي يُضاعف المسؤولية، ويُشعر الطالب بأنه في دوامة ما بين الدراسة والمسؤولية.

الحياة الجامعية فضاءٌ من التعارف والثقافات، ووسيلة يتعرف بها الطالب الجامعي على العديد من الأشخاص القادمين من بيئات وخلفيات اجتماعية وثقافية واقتصادية وحتى سياسية مختلفة، وهذا له الكثير من الأثر الإيجابي على حياة الطالب الجامعي، ولقد لمستُ هذا كثيرًا في حياتي الجامعية التي فتحت أمامي آفاقًا كثيرة من تكوين الصداقات، وشعرت أنني أقطف من كلّ بستانٍ وردة. 

الحياة الجامعية وفرت لي بيئةً مليئةً بكلّ ما هو جديد، مما دفعني لعيش الكثير من الأجواء وممارسة العديد من الأنشطة الثقافية والتعليمية، وتعرفت إلى أصدقاءَ كُثر، وصنعت علاقاتٍ عديدةً قد يستمر بعضها إلى آخر العمر، وهذا جعل الحياة الجامعية جميلة تستحق التجربة، علّني أخرج من حياتي الجامعية بتميزٌ يفتخر به أمي وأبي.

 في الحياة الجامعية استطعتُ أن أمارس حياتي الاجتماعية بطريقة رائعة وكأنني أُسلِّطُ مجهرًا على المجتمعات المختلفة، فالطالب الجامعي يأخذ العلم في مكان يضمُّ طلبة من مختلف الجنسيات والأماكن، مما ولد لديّ رغبةً كبيرةً بالتعرف على الثقافات المختلفة ومحاولة الاندماج معها، وهذا بحدّ ذاته يوسع مداركه ويزيد من اطّلاعه وقدرته على الحديث والنقاش، وبالفعل لمستُ هذا كثيرًا.

 بعض الجامعات تهتم بتنمية الجانب الثقافي لمختلف طلبة الجاليات الذين يدرسون في الجامعة، ولمست هذا جيدًا في حياتي الجامعية الزاخرة بالكثير من الأنشطة التوعوية والتطوعية، مما ساعدني في الانسجام مع الزملاء، ومنحني فرصة ثمينة للتعرف على تراث البلدان المختلفة التي عرضها الزملاء من مختلف البلدان في البيئة الجامعية، لذلك لم أفوت أي فرصة مشاركة في مثل هذه الأنشطة.

 في الحياة الجامعية استطعتُ أن أعبر عن رأيي في الكثير من الأشياء وأن أمارس نوعًا من تحمل المسؤولية الكبير، وقد مارست حقي في التعبير كثيرًا، وأتاحت الحياة الجامعية لي زيادة مستوى ثقافتي وأن أصقل شخصيتي، وزادت مستوى اندماجي الاجتماعي، فتغيرت أفكاري نحو الأفضل. 

الجامعة تعلم الطالب فنَّ الحياة وليس فقط تعلمنا الدروس، إنَّها مكان مذهل لتعلم كلّ شيء، كما أنها تعطينا تصورًا واضحًا حول مستقبلنا، وتعرفنا على أشخاص يحملون الكثير من الأفكار المختلفة التي تثرينا وتجعلنا أعرفَ وأخبر، إذ كثير من الطلاب الجامعيين يجدون في الجامعة طريق المستقبل، لأنهم يجدون أيادٍ تمتدّ لهم وتُساعدهم في الوصول إلى مرادهم كالأساتذة الجامعيين وبعض الزملاء. 

ينظر الناس إلى المجتمع الجامعي نظرةً مليئةً بالأمل لأنهم يعلمون جيدًا أنّ المستقبل كلّه يعتمد على هؤلاء الطلبة الذين تميزوا في المدرسة وواصلوا حياتهم الدراسية في الجامعة كي يثبتوا أحلامهم، فالجامعة مكانٌ لتحقيق الأحلام والوصول إلى الطموحات، والرائع فيها أنها تجمع جميع التخصصات في نفس المكان، لهذا من الرائع حقًًا أن أجالس في الجامعة زملاء من مختلف الميول والتخصصات العلمية. 

كي تكون الحياة الجامعية مليئةً بكلّ ما هو مفيد ورائع، وكي تكون تجربةً مثيرة وذكريات مليئةً بالمعرفة والعلم والتميز، علينا أن نطلق العنان لأنفسنا، وأن نسعى لإثبات شخصياتنا، كالمشاركة في انتخابات مجلس الطلبة الجامعي والرياضات وأن نحرص على أن نكون أعضاء فاعلين في اللجان الثقافية والاجتماعية، وأن نشارك في الأنشطة التطوعية التي تجعلنا معروفين في البيئة الجامعية. 

أحببت حياتي الجامعية كثيرًا لأنها جعلتني أكثر نضجًا، فسنوات الحياة الجامعية من أجمل ذكريات العمر التي لا تمحوها السنين من الذاكرة مهما طالت، لهذا من الرائع أن يكون الطالب في هذه السنوات متميزًا دراسيًا واجتماعيًا، ومن الرائع أيضًا أن يحافظ على صداقاته فيها وأن يوطّد علاقاته بزملائه وأساتذته.

 حرصت في حياتي الجامعية أن أكون أنموذجًا للطالب المثالي في كلّ شيء، وأن أكون شخصًا مؤثرًا، كما علينا ألّا ننسى أن بين أيدينا كنزٌ ثمين وهو مكتبة الجامعة التي تحوي الآلاف من عناوين الكتب، وعلينا أن نستغلّها قدر الإمكان لأنّ هذا ينعكس على شخصياتنا في المستقبل، فنكون أشخاصًا ناضجين وذوي فكر رائع. 

على الرغم من أنّ الحياة الجامعية تكون محملة بالمسؤوليات الكبيرة، لكنها تصبح أسلسَ إذ أحب كلّ واحدٍ فينا جامعته وكان مندمجًا مع أجوائها، وأقام علاقاتٍ طيبةً مع الزملاء والأساتذة، فنحن بهذا نشعر بالكثير من الطاقة الإيجابية وعلينا أن نوازن كل أمورنا أثناء الدراسة.

 المطلوب منا اليوم من حيث كونُنا طلبة جامعيين أن نكون أكثر وعيًا، وألّا نفرط أبدًا في أي لحظة من سنواتنا الجامعية بل نستثمرها بما هو مفيد، لأن الحياة الجامعية فرصة رائعة لإثبات الكثير من التميز والإبداع، والطالب الذي يعي مصلحته جيدًا يحرص على هذا التميز بكل ما يملك من قوة، وبكلّ ما لديه من عنفوان الشباب واندفاعه

بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف