كيف بنيت الاهرامات

ثلاثاء, 08/22/2023 - 10:54

بقلم / صباح الزهيري

 كل من يدخل مصر كسائح او زائر ينتابه الفضول لزيارة الأهرامات وغالبا ما تكون هذه الوجهة الهدف من زيارة هذا البلد ، فالأهرامات واحدة من عجائب الدنيا السبع ، فيها الكثير من الغرائب التي حيرت العلماء فوقفوا عاجزين أمام كشف أسرار بنائها، وظلت اللغز المحير الذي نسج حوله الناس أساطير مختلفة . أذكر بهذا الخصوص جلسة سمر في فناء السفارة السودانية في أنجامينا عاصمة تشاد حضرها عدد من الدبلوماسيين العرب أثناء فترة عملي فيها (1989 -  1992) ... كان موضوع الأهرامات محورها وكان محدثنا السفير المصري في تشاد وهو سليل عائلة مصرية قبطية ومن الجيل الأرستقراطي القديم , وكان مصريا صميميا ومتحدثا بارعا كنا ننصت لحكاياته كما ينام الأطفال على قصص وروايات جداتهم ...

 

أذكر انه أجاب عن تساؤل احد زملائنا عن الأهرامات بقوله أنه ترجع فكرة بناء الأهرامات إلى اعتقاد المصريين القدماء في خلود الروح ، وإلى اعتقادهم في البعث مرة أخرى وبوجود حياة أبدية مستمرة تأتي فيما بعد، لهذا بنى المصريون القدماء مقبرة حصينة توضع فيها الجثة بعد تحنيطها، وتزود بمجموعة كاملة من حاجيات الميت كالأدوات وقطع الأثاث وأنواع الأطعمة والشراب التي كان يستعملها في حياته اليومية، حتى إذا رجعت إليه الحياة، عاد الإنسان إلى حياته مجهزا بكل ما يحتاجه، أما بالنسبة لتك الصور التي تم نقشها على جدران المقبرة ، فإنها مناظر من حياتهم اليومية، تبعث على النشاط والحيوية وتبعث السرور لدى الأموات بعد استرجاع الحياة . وأضاف ان أكثر ما يشد الانتباه في الأهرامات “أبو الهول” الذي يزيد عمره عن 4500 سنة، حيث شهد كل لحظات الفرح ولحظات الألم التى مرت بها مصر، ولذلك سيظل هذا الأخير أكبر ما يميز تاريخ مصر القديم والحديث ورمزا للهوية المصرية، لقد اختلفت القصص والروايات عن أهم تمثال نحته فنان الملك “خفرع” وهو عبارة عن جسد أسد رمزا للقوة ووجه الملك “خفرع”. أما كيف بنيت الأهرامات ؟ فيقول انه لم يكن لدى المصريين القدماء آلات أو أدوات من الحديد، لكنهم قطعوا كتل الحجر الكبيرة مُستخدمين معاول النحاس والمنشار، ومعظم الأحجار تُجلب من أماكن قريبة، لكن بعضها يأتي من الضفة المقابلة للنيل، تقوم مجموعة من الرجال بجر الكُتل الحجرية إلى موقع الهرم ثم يدفعون بالطبقة الأولى من الأحجار في مكانها . بعد ذلك يصنعون منحدرات طويلة من التراب والطوب وتُستخدم في سحب الكتل إلى أعلى حيث تُشكل الطبقة الثانية ، ثم يعلون ويمددون المنحدر بعد الانتهاء من كل طبقة تالية . ولكنه أورد أيضا أن أسباب بناء الأهرامات، كان مرتبطا بالعبادة الشمسية، فخلق الكون بمصر القديمة كانت له نظريات أشهرها نظرية عين شمس أو هليوبوليس والتي تفترض أن الكون عبارة عن ماء بزغت منه الأرض كقمة مثلثة تمثل "الأرض الناهضة"، كما ارتبطت فكرة الهرم بسقوط أشعة الشمس على الأرض والتي يعطي ضوئها شكلا هرميا ومنه أخذ المصريون القدماء فكرة الهرم . ولفت السفير المصري نظرنا إلى أن والي مصر محمد علي باشا كان ينوي هدم الأهرامات الثلاثة وبناء القناطر الخيرية بأحجارها، إلا أن مهندسا فرنسيا نصحه بعدم الهدم ، ولم يقتنع بالعدول عن هذه الفكرة إلا بعدما علم أن الفارق بين هدم الأهرام واستخدام حجارتها وبين قطع حجارة جديدة من المحاجر كان عشرين مليما فقط ، وهو ما أنقذ الأهرامات وأبو الهول من الهدم والتخريب .

 

ولكن القرآن الكريم أعطانا نظرية مغايرة حيث تقول الآية 38 من سورة القصص : “وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ” هنا نجد إشارة إلى تقنية البناء المستخدمة للأبنية المرتفعة وهي الصروح في قوله تعالى : “فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا” والصرح هو كل بناء مرتفع . كما ان هذه التقنية تعتمد على الطين والحرارة في قوله تعالى :”ّفَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ” إن إعجاز القرآن أشار إلى طريقة بناء الصروح من الطين، رغم ذلك لم تُطرح الفكرة إلا في أواخر القرن العشرين، ولكن القرآن سبق إلى طرحها قبل أربعة عشر قرنا، وقد ربطها بفرعون، لأن أعظم أبنية بُنيت من الطين هي الأهرامات. أذكر اني قرأت مرة دراسة فرنسية لعالم جغرافيا طبيعية، كشفت إمكانية بناء أهرامات الجيزة في ظل وجود رافد متفرع من نهر النيل لم يعد موجودًا اليوم والذي سمح بنقل المواد اللازمة لعملية البناء . وقد أوضحت الدراسة استخدام المصريين القدماء المجاري المائية من النيل إلى منطقة الهرم لنقل الأحجار، وهذه المجاري كانت موجودة أيام الدولة القديمة عصر الأسرة الرابعة في عهد الملك خوفو ثم جفت بعد ذلك .  وإن مياه الفيضان السنوية كانت تعمل كرافعة هيدروليكية ، ما سمح للمصريين القدماء بنقل كتل ضخمة من الحجر إلى موقع البناء . اما الأحجار الخاصة بالكساء الخارجي للهرم فكان يتم جلبها من منطقة طرة شرق النيل، والأحجار الخاصة بالبناء كانت من الصخر الطبيعي الموجود عند هضبة الجيزة لابد ان نذكر ان كثير من العامة وغير المتخصصين أعتقدوا بصلة الأهرامات بقوم عاد ، وأن طول قاماتهم الذي وصل إلى 15 متراً، جعلهم وحدهم القادرين على نقل الأحجار الضخمة من المحاجر إلى موقع  بناء الأهرامات. كما ان هناك اساطير وخرافات عن كائنات من الفضاء قامت ببناء الأهرامات . الخلاصة ان البحوث العلمية  تتماهى مع ماورد في الآية القرآنية وتؤكد أن الفراعنة استخدموا الطين لبناء الأهرامات ، وأن الحجارة التي صُنعت منها الأهرامات قد تمّ صبّها في ضمن قوالب خشبية ومعالجتها بالحرارة حتى أخذت شكلاً شبه طبيعي . ويقول العلماء إنّ الفراعنة كانوا بارعين في علم الكيمياء ومعالجة الطين ، وكانت الطريقة التي استخدموها سرّية ولم يسمحوا لأحد بالاطّلاع عليها أو تدوينها على الرّقم التي تركوها وراءهم , ولأنه من غير الممكن لإنسان أن يرفع حجراً يزن آلاف الكيلوغرامات، وهذا ما جعل الفراعنة يستخدمون الحجارة الطبيعية لبناء قاعدة الهرم ، والطين المصبوب في ضمن قوالب من أجل الحجارة العالية .

 

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف