كشفت دراسة ميدانية حديثة أجراها مركز “البحث العالمي” وهو مركز كندي يختص بالبحث والاستطلاع في القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أن نسبة التحرش في السعودية ارتفعت إلى 11.4 بالمائة في العام 2016 بالمقارنة مع العام 2015.
وأظهرت الدراسة التي شاركت فيها 120 ألف إمرأة من 49 دولة إسلامية أن نسبة التحرش في معظم البلدان الاسلامية كانت تظهر ارتفاعا مروعا تتصدر من بينها المملكة العربية السعودية والسودان وبنين ومالي وموريتانيا وأوغندا.
وبينت الدراسة التي اختارت 15 ألفا من السعوديات للاستقصاء أن 37% منهن تعرضن للتحرش اللفظي بينما 34% تعرضن للتحرش بالنظرات و36% تعرضن لمحاولة الترقيم وهي محاولة المتحرش إعطاء رقم هاتفه للضحية و25% تعرضن للمس أجزاء من الجسد.
وحسب الدراسة فإن أعمار النساء المشاركات في الدراسة تتراوح بين 12 و 38 سنة والمتبرجات وغيرها تعرضن بنسبة متساوية للتحرش ما يدل على أن المتحرش لا يهمه نوع الضحية.
كما أوضحت دراسة مركز البحث العالمي أن 46% من النساء يعتقدن أن قيادة المرأة للسيارة تساعد نوعا ما لارتفاع مستوى الأمن الاجتماعي للمرأة في المجتمع السعودي وحظر قيادتها يجعل النساء فريسة للتحرش من قبل السواق والمارين في الشوارع.
وتظهر الدراسة أن نسبة التحرش في السعودية أعلى من كثير من البلدان الإفريقية المتخلفة إقتصاديا وأمنيا وهذه الدراسة أجريت بين السعوديات في المملكة العربية السعودية ولم تدخل الأجنبيات المقيمات فيها بينما هناك حاجة إلى استقصاء آخر يظهر التحرش إلى هذه الفئة من النساء في السعودية لأنهن يعشن في ظل ظروف مؤسفة ومؤلمة كخادمات المنازل ويحق لكفلاءهم أي نوع من التحرش والقانون لا يحميهن.
يذكر أن 4118 امرأة سعودية تقدمن بشكاواهن للمحاكم السعودية في قضايا التحرش في 2016 حسب وزارة العدل السعودية وترى 78% من المشاركات في إستقصاء مركز البحث العالمي أن العدد الحقيقي للتحرش في المجتمع السعودي أعلى بكثير مما تعلنه الحكومة لأن المرأة تخاف من الضرب والتعدي أو ظن السوء الذي يمكن أن تعرض له من قبل زوجها ومن جهة أخرى تخاف العائلات من التشهير في المجتمع وتعتبر تقديم الشكوى للمحاكم كنوع من “التضحية بالعرض”.
وجدير بالذكر أن حالات التحرش في عام 2016 كانت 7.6 حالة يوميا حسب المصادر الرسمية وغير الرسمية ووزارة العدل السعودية توجه التهم إلى الوافدين الأجانب بينما ترى منظمات حقوق الإنسان أن حالات التحرش التي يرتكبها الوافدون الأجانب لا يتجاوز 19%.
وحسب تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء في عام 2014 السعودية تحتل المركز الثالث من بين 24 دولة في قضايا التحرش في مواقع العمل وأن 16% من النساء العاملات في السعودية تعرضن للتحرش الجنسي من قبل مدراءها في العمل.
و92% من السعوديات تعرضن لنوع أو آخر من التحرش حسب سلسلة دراسات كشفتها الباحثة السعودية نورة الزهراني.
في السعودية لا توجد قوانين تحمي المرأة التي تعرضت للتحرش ومعظم القوانين الموجودة رجولية إضافة إلى أن هناك عدة رجال الدين المتشددين كمفتي عام المملكة عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والشيخ عائض القرني ومحمد العريفي وغيرهم الذين قاموا في وجه أي إصلاح ينتهي إلى تحسين وضع المرأة السعودية وعلى سبيل المثال مشروع مكافحة التحرش الذي نوقش قبل أعوام في مجلس الشورى وتأثر بمخالفة الدعاة ما أدى إلى سحبه من المجلس بذريعة أنه “يعزز ويهيئ مفهوم الاختلاط بين الجنسين في المجتمع”.
وأطلق الداعية السعودي عبدالله الداوود في مايو 2013 هاشتاق “#تحرشوا_بالكاشيرات” يدعو من خلاله إلى التحرش بالعاملات والبائعات في محلات الملابس ولكنه لم يحاكم ولم يعاقب بسبب تصريحاته التي تنتهك القوانين الدولية والانسانية.
الحكومة السعودية حاولت أن تفصل أماكن العمل للرجال وللنساء ولكن يبدو أن هذه الخطوة لم تحظ بأي نجاح في أرض الواقع فأخيرا إدعت الحكومة أن ارتفاع نسبة التحرش في المجتمع ينبع عن ارتفاع عدد النساء العاملات. فهل تبدو هذه الذريعة مقنعة للرأي العام؟