عندما يكون الصقر ذبابة

اثنين, 08/07/2017 - 16:58

في احدى المفارقات والمواقف, التي مرت علينا في سنيين
ما بعد التغيير والديمقراطية المنشودة ,سأروي عليكم يا سادتي الكرام قصة من واقعنا
اليومي, الذي أصبح الامرفيه لا يستهان , في بلاد تكالبت  عليه كل الاوطان وتنفست هواءه كل رئات الزمان.
ماهي من نسج مخيلتي ,ولا هي من بنات افكاري, يشهد بذالك
الرحمن .
داء استشرا في البلاد فاخذ ينمو وينمو ويزداد ,عجز عنه
الكثير وربما  جهلوه او تجاهلوه ,وقد
استخفه  به العباد . كتب عنه الكثير وخطت
به الاقلام اروع الكلام في العلن والابهام .
لا اطيل عليكم في سرد احجيتي حتى لا ياخذنا الحديث بعيدا
إلى دهاليز الرتابة واروقتها الضيقة .
ساقتفي اثر الكلمات, واغور في جوف المفردات, عسى إن
يسعفني قلمي وحافظتي وذاكرتي الممتلئة بركام السنين وهموم الايام من تخطي عثرات
النسيان والافصاح والتبيان ..
انه الفساد ,الذي عصف في البلاد فاغرق العباد وسكب دلوه
أمام الاشهاد وفعل فعلتَ ثمود وعاد , مرغمين تارةٍ واخرى اليه راغبين, وبعضا اليه في
التأويل مبادرين وللتبريرحاضرين.
 في محض صدفة
وانا استقل احدى سيارت النقل العام وكما هي العادة في كل يوم, وانا جالس  في الكرسي الامامي ,والتي هي اشبه بعربة من
عصور ما قبل التاريخ ,في رحلة إلى المجهول منطلقين ,إلى عملنا اليومي الذي اعتدنا
عليه وسط الزحام الخانق , الذي بات  كواحدة
من يومياتنا وهمومنا, لتضيف الينا عبء أخر وثقل جديد ,وما بين الترقب والقلقل
والخوف الذي يرتسم على وجوه الركاب يوميا ,فربما ستعصف بنا احدى المفخخات التي أصبح
دويها يملى اسماعنا ,او ربما قد يكون من بين ركاب حافلتنا المهترئة, احد المشتاقين
إلى الجنة كما يعتقدون هم _الاتحاريين_  .ومابين
هذه وتلك ,ونحن منتظرين , إن تمتلئ الحافلة بركابها ,التي اعتدنا على الاغلب التعرف
على وجهوههم .مر بجنبي, عندما كنت جالس بقرب النافذة, شرطي شاب بقيافته الرسمية
الجميلة المبهرة ,وهو يحمل بيده بطاقة سيارة _ سنويه_ وقد مررها إلى مجموعة من
السائقين الذين كانوا يقفون متجمعين بجنب جدار الكراج للاحتماء من اشعة الشمس,
طالبا منهم التعرف على اسم صاحب هذه الهوية .
فخاطبهم قالاً .
_اني سوف اترك هذه النقطة وانتقل إلى مكان أخر , وقد
سحبت هويه احد السواق بسبب مخالفته  في هذا
الكراج منذ ثلاث ايام , ثم لم يعد صاحب هذه الهوية ليسأل عنها .
فعرض الشرطي الهوية  , التي كانت بجعبتة للسائق المسكين على السواق
الذين تجمهروا من حوله  ,فمررها احدهم
للاخر,  املا ً التعرف على صاحبها , فبعضا
منهم تعرف عليه لكن بشكل غير دقيق , والاخر تعرف عليه من خلال الصورة التي في
الهوية,  لكنه اشتبه بالاسم .فقال للذي
تعرفوا عليه بشكل تقريبي ,مقرتحا عليهم مشروعه الذي جعلني  اقف طويل عنده ,وانا في حيرة  من امري مما رايه وسمعتة ...قال الشرطي
_ سوف اعطيكم هذه الهوية وانتم اعطوها لصاحبها بدلا عني,
فاني سوف انتقل إلى مكان أخر, وربما لم التقي بصاحبها مرة أخرى .....وهنا استدرك
قالاً .... خذوها مني بخمسة الاف دينار! وانتم اعطوها الصاحبها بخمس عشر او عشرين
الف, التعم الفائدة ,وعلى الاقل ستذكروني بخير بعد رحيلي !!
هنا تحطمت تالك الصوره التي رسمتها في مخيلتي, لذالك
الشرطي من هيبة ,ووسامتة , واناقته, وهو بزيه الرسمي .فاصبح الصقر في نظري حينها
اقرب ليكون  ذبابة!!

حازم الشــــهابي

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف