السعودية مملكة القتل والسلب

ثلاثاء, 12/05/2017 - 17:05
السعودية مملكة القتل والسلب

قام زيد بن مرخان بن وطبان (من أجداد آل سعود)، أمير الدرعية، بمحاولة ضم العيينة لحكمه، وتظاهر أمير العيينة بالصلح معه، ولكنه استطاع قتل أمير الدرعية وأربعين من رجاله، وكان مقدراً لأمير العيينة أن يقتل محمد بن سعود فيمن قتل، ولكن الجوهرة بنت عبد الله بن معمر، زوجة محمد بن عبدالوهاب وابنة أمير العيينة، قامت بالشفاعة له من أبيها، فعفا عنه، بل ونصبه أميراً للدرعية.
وفي هذه الفترة بدأت دعوة محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية تنتشر في العيينة، فقام حاكم الإحساء (من الخوالد) بالطلب من أمير العيينة قتل ابن عبدالوهاب وإلا فإنه سيقطع عنه الشرهة (الخراج).
ولكن أمير العيينة لم يقتله، بل أمره بالخروج فتوجه إلى الدرعية، ولم يهتم ابن سعود بلقاء ابن عبدالوهاب لأنه يعرف أنه إذا نصره فإنه سيطلب منه إلغاء الجزية عن المسلمين من أهل الدرعية وما جاورها (إسلامياً .. لا جزية على المسلم)، وبعد فترة قامت موضي بنت أبي وطبان، وهي زوجة ابن سعود، بالطلب من زوجها الذهاب إلى ابن عبدالوهاب ونصرته.
وتم اللقاء بينهما، واشترط ابن سعود ألا يقوم ابن عبدالوهاب بمنعه من أخذ أموال الأهالي والقرى المحيطة، وافق ابن عبدالوهاب على شرط ابن سعود، وبدأ ما يعرف بينهما "بميثاق الدرعية"، الذي أسس على نشر الدعوة "باللسان لمن يقبلها وبالسيف لمن يرفضها".
وحتى يضمن ابن سعود ولاء ابن عبدالوهاب له، فقد قام بالزواج من ابنته الوحيدة "مزنة".
وبعد ميثاق الدرعية قام أتباع ابن سعود بشن سلسلة من الغزوات صادروا فيها أرواح وأموال جيرانهم من المسلمين بدعوى أنهم مشركون كمشركي الجاهلية، وكانوا يسمونهم "بالغنائم".
وخسر العديد من المسلمين أرواحهم وأموالهم نتيجة هذه الغزوات، ويعد أمير الرياض من أكبر خصوم إمارة الدرعية وقاتلهم لسبعة وعشرين عاما، انتهت بدخول ابن سعود الرياض منتصراً، وبعد سنة توفى محمد بن سعود فخلفه ابنه عبدالعزيز بن محمد الذي توجه مباشرة إلى مناطق نفوذ قبائل يام وقبيلة الخوالد التي هرب إليها أمير الرياض، وفي معركة الحاير هزم عبدالعزيز، وقام الخوالد بشن حملة تطهير ضد أمير الدرعية وقاموا بحصار الدرعية وتمكن عبدالعزيز بالخديعة من فك حصارها، ورجع بنو خالد لمناطقهم بالاحساء.
ولكن عبدالعزيز لم ينس الهزيمة، وبعد 20 سنة قام بغزو بني خالد في عقر دارهم وهزمهم واستولى على جميع ما معهم من الأموال والأمتعة والإبل، بالإضافة إلى ما يزيد على مائتين من الخيل، وبه تمكن عبدالعزيز من السيطرة على الإحساء والبريمي بعد أن كانت خاضعة لحكم قطر لسنوات طويلة، طبعاً لم يكتف عبدالعزيز، المولع بالدماء ونهب الأموال، فقام بالتفكير للحصول على خيرات بلاد الشام والعراق ومن ثم الحجاز، ومع أن ميثاق الدرعية ينص على "نشر دعوة ابن عبدالوهاب باللسان لمن يقبلها وبالسيف لمن يرفضها" إلا أن آل سعود كانوا يرون "بالسيف لمن يقبلها أو يرفضها"، لأن هدفهم هو الحصول على الأموال والخيرات.
لذلك، وكما يقول مؤرخهم ابن بشر "إن آل سعود قاموا في 1798 بغزو عرب الشام فقصدوا أرض الجوف شرق الشام فقتل منهم نحو مائة وعشرون رجلا، وأخذوا جميع محلتهم وأمتاعهم وأزوادهم وأخذوا من الإبل خمسة آلاف بعير وأغناما كثيرة، وعزلت الأخماس فأخذها عمال عبد العزيز والباقي وزع على الجيش غنيمة، وفي 1801 تم غزو كربلاء ودخلوها عنوة وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت وهدموا القبة وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من الأموال والسلاح واللباس والفرش والذهب والفضة والمصاحف الثمينة".
أما الطائف فدخلها عبدالعزيز في 1802، وكما تقول بعض المصادر، بأن آل سعود "قتل منهم عدة مئات وأخذ من البلد من الأموال الأثمان والأمتاع والسلاح والقماش والجواهر والسلع الثمينة ما لا يحيط به الحصر ولا يدركه العد".
ويذكر مؤرخ آخر أن جيش آل سعود "قتلوا الناس قتلاً عاماً حتى الاطفال، وكانوا يذبحون الطفل الرضيع على صدر أمه وفتشوا على من توارى في البيوت وقتلوه حتى أنهم تتبعوا الهاربين وقتلوا أكثرهم. أما من تحصن وقاتلهم فقد أرسل جيش آل سعود لهم عهود الإيمان الغليظة بالأمن والأمان إن هم كفوا عن القتال ووافقوا على ذلك وتم أخذ السلاح منهم على حد زعمهم أنه لا يجوز للمشركين حمله، ثم أمروهم بالخروج لمقابلة الأمير الذي أمر بقتلهم جميعاً بقوز يسمى (دقائق اللوز)".
وذكر الجبرتي، المؤرخ المصري المعروف، "أن الوهابيين حاربوا الطائف ثلاثة أيام حتى دخلوها عنوة، وقتلوا الرجال وأسروا النساء والأطفال وهذا دأبهم مع من يحاربهم"، بعدها توجه آل سعود إلى مكة واستولى عليها وأعطى أهلها الأمان، وقبل أن يصل إلى مكة أعطى إنذاراً للحجاج الشوام والمصريين والمغاربة وغيرهم بالخروج في غضون ثلاثة أيام، فخرجوا خوفاً. واجتمع بالأهالي وطلب منهم البيعة، وأمر بهدم القبب ثم رحل من مكة واتجه نحو جدة فحاصرها فوجدها محصّنة، ولذا عاد وتركها إلى موطنه.
وفي هذه السنة قام أحد الشيعة باغتيال عبد العزيز انتقاماً لما قام به من مجازر في كربلاء. واستلم من بعده ابنه سعود زمام الأمور.
وفي 1806 أمر سعود جميع رعاياه بالمسير إلى مكة لإعادة الاستيلاء عليها ومن ثم توجّه سعود نحو المدينة التي قاوم أهاليها جيوش آل سعود لمدة 25 يوماً ولكنه في الأخير دخلها وسمى أهل المدينة "بالناكثين" واستباح دمهم، وقتل منهم عدداً لم يتم حصره، وهدم عددًا كبيرًا من الأضرحة.
العجيب أن سعود بعد مجازر المدينة دخل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولبث فيه عشرة أيام لم يحرك ساكناً.
وفي اليوم الحادي عشر أجبر خدم الحرم النبوي على أن يأخذوه لخزانة النبي، وقبل دخوله الخزانة أمر أهل الفتوى من أهل المدينة بالقول "إن الله قد حرم كنز الذهب والفضة وأمر بالانفاق في سبيل الله وأن صرفها في مصاريفها الشرعية أحبُّ إلى الله ورسوله من إبقائها واكتنازها".
وعلى هذه الفتوى أخذ كل ما فيها ولكن ليس لصرفها في مصارفها الشرعية بل لمنفعته الخاصة.
وبعدها خرج سعود محملاً بالكنوز الكبيرة يريد نجداً، وفي خروجه مر بالبقيع وأمر بتهديم كل قبة كانت فيه.
طبعاً الإمبراطورية العثمانية لم يعجبها اضطراب موسم الحج، وبخاصة أن آل سعود منعوا الحج عن العراقيين والشوام والمصريين. فبدأت بإعداد قوات مصرية لتدمير آل سعود ومركزهم في الدرعية، ولم يمهل القدر سعود كثيراً فمات وخلفه ابنه عبدالله الذي تم إلقاء القبض عليه من قبل القوات العثمانية وأخذ إلى الأستانة وأعدم هناك. وبهذا انتهت الدولة السعودية الأولى.
وفي الختام نقول إن ما عرضناه من أحداث هو قليل جداً مما حدث فعلياً. ولقد وجدنا أن المجازر الكثيرة التي أجرم بها آل سعود على كل منطقة مروا بها هي الأساس في بناء الدولة السعودية الأولى وإن الدعوة التي أسس عليها ميثاق الدرعية لم تكن سوى غطاء للقيام بكل الجرائم الوحشية ضد المسلمين الوادعين الآمنين، وأن آل سعود، الذين يدعون الإسلام، قد تسببوا في سقوط دولتهم بمنع حجاج بيت الله من تأدية مناسكهم .. وإلى المقال القادم إن شاء الله عن الدولة السعودية الثانية.

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف