هل يستطيع سلمان ترميم جدار العائلة السعودية بعد تصدعه بسياساته الأذلالية لأمرائها !؟

ثلاثاء, 02/13/2018 - 01:35

في 3/2/2018 نشرت وكالة (بلومبرغ) الأمريكية تقريراً تحدثت فيه عن تحرك سعودي مفاجئ تجاه بعض أفراد العائلة المالكة، في الوقت الذي تنهي فيه سلطات بن سلمان حملتها، على ما أسماه الفساد ! ونقلت الوكالة الأمريكية عن أثنين من المصادر قولهم أن السعودية رفعت بصورة مفاجئة المخصصات لبعض أفراد العائلة المالكة، وأوضحت هذه المصادر ان آخر راتب شهري مخصص لبعض الأمراء ارتفع بنسبة 50% عما قبل.

الوكالة الأمريكية أشارت الى ان المخصصات المالية لأفراد العائلة الحاكمة، الذين يصل عددهم الى الآلاف، لا تزال سراً لم يتمكن أي طرف من الكشف عنها. لكن الوكالة ذكرت بوثيقة دبلوماسية أمريكية صدرت 1996 سربتها (ويكيليكس) ، تحدثت عن المخصصات الشهرية لأفراد العائلة المالكة تصرف منذ ولادتهم، وتختلف على حسب درجة قرابتهم من الملك عبد العزيز، وتتراوح مابين800دولار كحد أدنى إلى 270ألف دولار، بتكلفة تكبد الدولة نحو ملياري دولار في السنة الواحدة.

وكالة بلونبرغ قالت أنها اتصلت بأحد المسؤولين في الحكومة السعودية للتأكد من صحة هذا الخبر، غير أن هذا المسؤول نفى ذلك، وقال للوكالة أن تلك التقارير غير صحيحة، ولكن نفي هذا المسؤول لا يقلل من صحة الخبر،لأنه، وكما أشارت الوكالة، أن السياسة المتبعة من قبل الحكومة السعودية تجاه المخصصات الشهرية للأمراء، هي سياسة التعتيم والإخفاء، ولذلك فمن المرجح أن ما نقلته الوكالة الأمريكية ينطوي على نوع من الصحة، سيما وان هذه الوكالة تحترم نفسها وجمهورها، لا يمكنها أن تُقدِم على نشر خبر لا أساس له من الصحة...وإذا كان هذا الأجراء فعلاً قد اتخذه بن سلمان، فهو يأتي – أي هذا الأجراء- بعد الحملة الكبيرة التي شنها ضد أكثر من عشرة من الأمراء البارزين، مثل رئيس الحرس الوطني، متعب بن عبد الله، والوليد بن طلال الملياردير، والمالك لإمبراطوريات إعلامية، بالإضافة إلى المئات من رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى وإمبراطوريات الإعلام، واعتقالهم في فندق الرتيز كارلتون الذي حوله إلى سجن لهم حيث مورست بحقهم الضغوط النفسية، وعقدت معهم صفقات تنازلوا بموجبها عن أموالهم وإمبراطورياتهم وشركاتهم لقاء الإفراج عنهم... ذلك بتهمة الفساد، وهي تهمة فندها المواطنون وشك فيها الإعلام الغربي وقال إنها مجرد شماعة حاول بن سلمان من خلالها إذلال الأمراء المنافسين والمعترضين على طموحه للوصول إلى عرش المملكة بعد إزاحته ولي‌العهد السابق محمد بن نايف...وقد تسببت هذه الحملة في تصدع العائلة المالكة، فلأول مرة في تأريخ هذه العائلة يطفو التوتر بين أمراءها على السطح ويصبح حديث الصحافة الغربية، سيما بعد تمرد قاده أكثر من عشرة أمراء أمام قصر الحكم، قيل أنهم احتجوا على تحمليهم دفع أجور الكهربا وبأثر رجعي، بحسب الرواية الرسمية غير أن التقارير الواردة من هناک تقول أنهم تمردوا على سیاسات بن سلمان، وحصلت مواجهة هناک بالأسلحة النارية، غير أن بأن سلمان نجح في القضاء على تمردهم من خلال ارساله قوة خاصة له، واقتيادهم إلى فندق الرتيزكارلتون، وسجن الحائر وإلحاقهم بالأمراء الذين سبقوهم... وکل ذلک یؤشر إلى رفع رواتب بعض أفراد الأسرة السعودية، يعني أن ثمة دوافع كثيرة، حملت بن سلمان على اتخاذ هذه الخطوة، ومنها ما يلي:

1. کما أشرنا قبل قلیل، سببت سیاسات بن سلمان تصدعاً كبيراً في جدار العائلة‌السعودية، وشرحاً لا يمكن ردمه، وهذا بالطبع ما تابعته الأوساط الإعلامية الغربية، وكتبت ومازالت تكتب عنه، بل أن أمراء سعوديين ممن نجحوا في الهروب من الرياض إلى الخارج تحدثوا عن التوتر المتصاعد والاحتقان داخل العائلة السعودية بسبب سياسات بن سلمان الخارجية والداخلية منها على وجه الخصوص. وما زاد من قلق بن سلمان وأبيه الملك هو الجرأة والتحدي التي بات يمتلكها بعض الأمراء في مواجهة سياسات ولي‌العهد ‌السعودي، والتي تمثلت كما أشرنا قبل قليل في التجمهر أمام قصر الحكم والمواجهة مع حرس بن سلمان، فإذا كان هذا الأخير نجح في احتواء هذا التحدي، فإنه قد لا ينجح في تحديات مماثلة قد يقوم بها أمراء آخرون ناقدون، وهذا ما دفع ببعض المحللين الغربيين والأمريكيين إلى توقع صدامات وصراعات رامیة داخل الأسرة السعودية، ولذلك تأتي خطوة مضاعفة رواتب بعض الأمراء، من أجل تخفيف الاحتقان من ناحية، ومن ناحية أخرى محاولة بن سلمان استقطاب هؤلاء الأمراء إلى جانبه، بدلاً من اصطفافهم مع الناقمين على سياساته من الأمراء الآخرين.

2. محاولة بن سلمان جذب بعض من الأمراء، ممن شملهم زيادة الرواتب لأن تصاعد مناسيب الاحتقان في صفوف هؤلاء الأمراء، يجعل منهم جبهة عريضة مناوئة بل معادية لحكم بن سلمان، وخوف الأخير لا يمكن في ما تشكله هذه الجبهة من أخطار عليه وعلى مستقبله السياسي وحسب، وإنما من احتمالات التقاء هذا الخطر، مع خطر التحرك الجماهیری، الذی هو الآخر يعتمل في صدور أبناء الجزيرة العربية على خلفية ما خلفته سياسات بن سلمان من معاناة اقتصادية ومن خسائر بشرية من المواطنين كما من الجيران، في ما يخص الحرب المفروضة على الشعب اليمني، وفيما يخص تصاعد إجراءات القمع والتنكيل وكم الأفواه التی تواصلها أجهزة بن سلمان القمعیة بحق أحرار الشعب، فشعور بن سلمان باحتمالات اصطفاف الأمراء الغاضبين على سياساته مع الشعب الجزيري الفاقم والغاضب على سياساته، هذا الشعور بات يقض مضاجع هذا الدكتاتور الصغير، وفي هذا السياق تقول المعارضة مضاوي الرشيد في صحيفة ميدل إيست آي البريطانية في عددها في15//2018..." تعكس السياسات الاقتصادية غير المستقرة لولي العهد قلقه العمیق وخوفه من أن یتحول السعوديون إلى الشوارع في مواجهة تخفیضات الإنفاق وارتفاع الأسعار، وسيكون هذا بمثابة ربيع سعودي خشي منه آل‌سعود منذ خرجت الجماهير العربية في القاهرة وتونس وصنعاء والمنامة لتحدي حكامها بشكل جماعي. وعلى الرغم من التدابير المضادة للثورة ألتي اعتمدها آل سعود لإحباط تلك اللحظة الثورية، لا يزال آل سعود يخشون أي احتمال لظهور تمرد سلمي في الداخل. والخوف الذي يطارد بن سلمان أكثر من ذلك هو أن يكون التمرد منسقاً في البداية من قبل أعضاء ساخطين من دائرته الداخلية إضافة إلى الأمراء المهمشين ".

3. فشل بن سلمان في تحقيق إنجاز مهم يسعفه في تعزيز مكانته في الداخل أو على الصعيد الإقليمي والدولي، فبالإضافة إلى أن سياساته الاقتصادية والابتزازية للأمراء المنافسين له ولرجال الأعمال السعوديين، والتي زادت من احتقان الداخل على صعيدي أمراء العائلة السعودية، والشعب....بالإضافة إلى ذلك، فأنه لم يحقق أي نجاح في سياساته الخارجية،ففضلاً عن إخفاقات ‌السعودية في سوريا والعراق، باتت حرب اليمن تؤرق ولي‌العهد‌ السعودي وتقض مضاجعه، نظراً لانعكاساتها ‌السلبية جداً على الداخل السعودي، من جهة، ومن جهة أخرى، ان استمرارها بات لايستنزف ‌السعودية وطاقاتها وحسب، وإنما أصبحت تشكل خطراً وجودياً، ليس لحكم سلمان وابنه، بل لحكم آل‌سعود برمته، ولذلك فإن بن سلمان ينتابه الخوف من هذه الحرب، بحسب ما كشفته صحيفة ميدل إيست آي البريطانية ففي تقرير لها، كتبه كلايتون سويشر ديفيدهيرست، في 14/8/2017‌‌ تحدث فيه الكاتب عن إحباط وهزيمة يعيشها بن سلمان بسبب فشله في اليمن وهو ما ظهر في اعترافه لمسؤولين أمريكيين سابقين عن رغبته في الخروج من حرب ‌اليمن بحسب رسائل بريدية حصلت عليها الصحيفة.ومما جاء في التقرير الآنف " أن محمد بن سلمان اعترف لاثنين من المسؤولین الأمريكيين السابقين وهما فارتن انديك، وستيفن هادلي بأنه يريد الخروج من الحرب" وبحسب الصحيفة فأن هذا الاعتراف جاء في سياق حديث بين أنديك السفير الأمريكي السابق لدى الكيان الصهيوني، ويوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن، والتي حصلت عليها مجموعة حملة غلوباكس، وكانا يناقشان فيه ما وصفه العتيبة بالبراغماتية لدى محمد بن سلمان والتي جعلته، بحسب العتيبة، ينحرف عن المواقف العامة التي تتبناها المملكة. ويؤكد أنديك في رده على رسالة العتیبة والتی هاجم فیها بن سلمان، أن بن سلمان كان واضحاً معه، ومع ستيفن هادلي المستشار السابق للأمن القومي، في انه يريد الخروج من اليمن...ما يعني كل ذلك أن بن سلمان يتحسب انفجاراً في السعودية يحرق الأخضر واليابس، ولذلك يرى المراقبون أن زيادة رواتب بعض الأمراء هي خطوة مكملة للمراسيم الملكية التي أعاد فيها الملك سلمان قبل فترة علاوات الموظفين، وقرر فيها أيضاً منح هؤلاء الموظفين في داخل المملكة بعض الامتيازات التي سُلبت منهم، وذلك من أجل امتصاص الغضب ومحاولة تعطيل أو تأجيل انفجار مرجل الاحتقان والغضب في الشارع داخل المملكة.

4. ازدياد عزلة بن سلمان الدولية، فباستثناء الإدارتين الصهيونية والأمريكية، فأن بن سلمان بات معزولاً، " ويبدو أن باقي دوائر صنع‌القرار في الغرب سواء كانت أوربية أو أمريكية أصبحت تتحفظ على سياسة الرياض وعلى استقبال المسؤولين السعوديين وفي مقدمتهم بن سلمان تجنباً للحرج الذي باتت تسببه استضافة هذا الرجل، كما أصبحت تتوقى الحذر إزاء سياسات بين سعود التي جعلتها في موقف لا تحسد عليه أمام أوساط سياسية وشعبية تطالب نهاراً جهاراً بوقف التعامل مع نظام متورط بدعم الإرهاب وارتكاب جرائم حرب وانتهاكات بالجملة فيما يتعلق بحقوق الإنسان داخل السعودية وخارجها ".

وعلى خلفية ضغط الرأي العام في بريطانيا الرافض لزيارة بن سلمان للندن، بسبب جرائمه في اليمن، اضطرت الحكومة البريطانية إلى تأجيل هذه الزيارة إلى أجل غير محدد.وكان 17نائباً في مجلس العموم البريطاني قد وقعوا عريضة تطالب رئيسة‌الوزراء تيريزا ماي بإلغاء زيارة بن سلمان لبريطانيا، واتهم الموقعون الذين ينتمون إلى أحزاب مختلفة، بن سلمان بممارسة انتهاكات خطيرة ضد الشعب اليمني في الحرب التي يشنها على اليمن، وضد المعارضين في الداخل السعودي، وبحسب العريضة فأن أكثر من 70%من الإعدامات التي نفذت في السعودية تمت بعد تسلم ولي‌العهد السعودي مسؤولياته.وأشار النواب الموقعون على العريضة إلى أن ولي العهد السعودي يدعم حكومة البحرين التي تقمع النشطاء وتعتقل وتصدر أحكاماً تعسفية بحقهم. وتضمنت العريضة تأكيد الموقعين: " ان السعودية تعتبر من أكثر الدول إنتهاكاً لحقوق الإنسان في العالم، ويجري فيها التعذيب والاعتقال التعسفي على نطاق واسع" وأشارت العريضة إلى أنه " في عام 2017 وحده جرى إعدام أكثر من 100شخص هناك".وتابعت عريضة النشطاء البريطانيين في مجلس العموم القول " أن ولي العهد امر بشكل مباشر القصف على اليمن مما أدى إلى سقوط عشرات آلاف الضحايا بين قتيل وجريح" وأوضحت " أن الحرب تسببت في انتشار المجاعة والكوليرا على نطاق واسع".

يضاف إلى ذلك أن صحيفة الغارديان البريطانية، كانت طالبت في عددها يوم3/2/2018رئيسة الوزراء تيرتزا ماي بعدم التخلي عما أسمته الصحيفة " القيم البريطانية، أثناء زيارة ولي العهد السعودي المنتظرة لبريطانيا، وقالت الصحيفة ينبغي على ماي أن تتحدث مع بن سلمان بخصوص ملف حقوق الإنسان والانتهاكات التي تحدث في الآونة الأخيرة في المملكة، والتي أكدت الصحيفة، أن الجلد وعدم ممارسة الانتخابات أعمدة أساسية في بنيانها، مشيرة إلى انه لا عجب والأمر كذلك في وجود حملة من ناشطين تطالب بمنعه (بن سلمان) من دخول بريطانيا..

يشار إلى أن ألمانيا والنرويج قررتا منع الشركات الألمانية والنرويجية تزويد الجيش السعودي بالأسلحة، لأن نظام بن سلمان يستخدمها في ارتكاب الجرائم والمذابح المروعة بحق الشعب اليمني المظلوم.وكان وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل قد قال الأسبوع الماضي " إن الوضع في اليمن أكبر كارثة إنسانية نشهدها على مستوى العالم...وأضاف. إن وقف تصدير الأسلحة، موقف قوي للغاية، إذ لا يمكننا أن نكتفي فقط بأن نشتكي كل يوم مما يحدث في اليمن.وكل ذلك يشير إلى فشل بن سلمان في تسويق نفسه عند الغرب بأنه الرجل المنفتح والليبرالي، والذي سمح للمرأة بقيادة السيارة وما إلى ذلك، بل على العكس من ذلك تكرست شخصية بن سلمان في الغرب، بأنه الدكتاتور المجرم والقاتل، والذي بات غير مرحب به في كل مكان عدا البيت الأبيض والكيان الصهيوني. وذلك ما شكل ضغطاً نفسياً على بن سلمان، مما دفعه لاتخاذ بعض الخطوات التي مهما تكن ستظل شكلية لا قيمة لها، قبال ما يقوم به هذا الدكتاتور الصغير من جرائم وانتهاكات وإذلال لأبناء الجزيرة العربية بما فيهم بعض أمراء العائلة الحاكمة.

عبد العزيز المكي

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف