السلوك الديني المعاصر /علي علاء الدين عيسى الفاضلي /

خميس, 02/15/2018 - 20:28
علي علاء الدين عيسى الفاضلي

مما يجدر الإشارة إليه قبل البدء أن نتفق بأن الإسلام هو دين كامل بشكل واضح ولاغبار على ذلك ابدا،لكن تستوقفنا بعض التساؤلات حول المطبق والأثر الإجتماعي والبيئي على السلوك المذهبي المعاصر، وهنا نشير بأن التدين يعتمد على ثلاث أركان هي :(العقيدة) و(الشعائر) و(الأخلاق) وبالنسبة للعقيدة والشعائر فالمشكلة أبسط بكثير مما هي عليه في ركن الأخلاق، حيث تترجم الأخلاق بما يتطابق مع الواقع الإجتماعي وماتفرضه العوامل البيئية المحيطة،وهذا يعود بنا لتوضيح السلوك الإنساني بشكل عام لفهم عقلية وسلوك المسلم في مجتمعنا العربي،فالطبيعة البشرية تتكون من جانب مكتسب وجانب فطري والأخير يتمثل بالغرائز والدوافع أما المكتسب فهو يشكل العادات والتقاليد التي يدخل الآخرين في المحيط الأجتماعي بتغذيتها للصغار،إن أفعال الإنسان تعتمد على الأفكار والأهداف التي هي بدورها تعتمد على العادات المكتسبة،والتقاليد تستمر لأنه الأفراد يكونون عاداتهم الفردية في ظروف اوجدتها التقاليد السابقة،والنتيجة أن شخصية الإنسان تتكون من خلال التفاعل الكلي بين العادات،وهنا يأتي السؤال :البشر يولدون في كل بقاع الأرض متشابهين بالعقل والغرائز الفطرية فلماذا تكونت مجتمعات مختلفة؟والجواب هي الدوافع والقوى البيئية التي تشكل عاداتنا المختلفة،ومن خلال ذلك نتجه لمعرفة مجتمعنا العربي قبل الإسلام لنتعرف على الدوافع التي كونت التقاليد والعادات العربية،إن مجتمعنا قبل الإسلام يخضع لعادات سلبية وأخرى إيجابية أي نجد العربي صاحب مروءة كريم يمتلك الوفاء ولكننا نجده أيضا متعصب نهاب يميل للقوة والفروسية بإختصار القول هو (يكرم وينهب)وعلى أساس ذلك بنيت العادات التي نشأت نتيجة الدوافع المتكونة من أساس بيئي يتعلق بحياة العرب حيث أنه إعتماد العرب في البادية على القتال والنهب يعود إلى طبيعة معيشتهم وقلت الموارد ممادفعهم للقتال والأقتتال وكذلك المدن التي أتصفت بالصناعة والحرفة والزراعة هي أيضا نتيجة للظروف البيئية،يتصف العربي بالكرم والمروءة ليس من منطلق إنساني لكنه يهتم كثيرا بالسمعة والأفتخار لأنها عادات حسنة سارية،وكما هو الحال بالنسبة للتعصب والنهب وإستعراض القوة فهي أيضا واجبة لحماية الذات والحفاظ على المكانة الإجتماعية لأنه كان سائدا  (إن لم تقتل فإنك مقتول)وعلى أثر ذلك هي عادات بنيت على أساسها التقاليد،بعد مجيئ الإسلام ودخول القبائل العربية الإسلام تهذبت العادات السلبية الموروثة في الجاهلية وخصوصا إن الدين الإسلامي إستخدم معهم  الترغيب والترهيب ليحيدوا ويؤمنوا ويتركون ماإعتادوا عليه،وهو ماحصل فعلا لكن بقيت العادات دفينة الذات فهم لم يتخلوا عن (التعصب والتباهي بالقوة والمفاخرة وحب الوجاهة والتلهف على الغنيمة وإحتقار الضعيف)بشكل كامل وهذا ماإستمر إلى يومنا هذا،مثلا اليوم نجد أن الفرد يتكلم بالدين والتعاليم الإلهية ولكنه يثور بمجرد أن تناقشته بعكس ماتمليه قناعته أو أسأت له بقصد أو من غير قصد تراه قد نسي الحلم والصبر ورد الإساءة بالإحسان وعاد للتقليد التعصبي،والمشكلة ليست في الفرد العادي المشكلة في رجل الدين وهو الأهم شأننا  والقدوة الإجتماعية،نلاحظ أن رجال الدين في كل المذاهب تسود عليهم صبغة التعصب المذهبي برغم علمهم وتعمقهم بالمفاهيم الإسلامية ،فأحدهم تارة يدعو للقتال والإنتقام إذا كان عدوه ضعيفا نسبيا ويستشهد بالآيات التي تحث على ذلك متناسيا آيات أخرى كثيرة وحتى الآيات التي تدعوا للجهاد والقتال لايدقق في أي سبب نزلت لتدعو للجهاد لكنه متمسك بذلك،وتارة أخرى يدعو للصبر والرضوخ إذا كان عدوه أقوى بكثير هاملا آيات الجهاد والشهادة،كما نلحظ في سلوك رجال المذاهب تنامي الحقد والكراهية والله(عز وجل)  يقول:(لاإكراه في الدين)فكيف بإبن دينك وملتك برغم إختلاف المذهب لكن الدستور والمربي واحد،ومااود الوصول إليه هو أن طبيعة نوع الخلاف وإختلاق الأزمات بين أبناء الدين الواحد ليس مؤامرة خارجية إنما هي الغرائز والدوافع والقوى البيئية المحيطة التي أسست عادات وتقاليد لازالت في حيز التأثير حتى على  العقل الإسلامي العربي وجيل بعد جيل تستفحل الكراهية وتكبر الفجوة لأنه الطفل عندما يولد يكون رهينة المكتسبات من المحيط الأجتماعي وهذا المحيط يحكم ويوظف طاقات الطفل بالتقاليد والعادات السابقة(العادات الرجعية المحافظة)أي فرد في أي مذهب لايقبل أن يشكك أحد في مضامين معتقده ولكنه يقبل أن يشكك في المضامين الأخرى وكذلك لايقبل أن ينعته أحد (بالظال) ولكنه يقبل على نفسه أن يكفر ويفسق ويلعن الآخرين ،هل هذه أخلاق إسلامية أم أنها قوى بيئية واجتماعية شكلت تقاليد وعادات سيئة أستوطنت العقل العربي وأساس هذا التعصب والحقد هو قبل الإسلام فمثل: (التعصب للقبيلة والأهلين وإستخدام القوة والحدة في التعامل والحفاظ على علو الشأن وعدم الخضوع وعدم التنازل للغير)وقد شمل هذا التعصب حتى المفكر والباحث الإسلامي فهو لايقبل أن يكون على خطأ أو يتقبل الآخرين على أنهم أخوة وهنا يأتي السؤال :هل يتقبل الباحث أو المفكر الإسلامي أن يعترف بحقيقة تنصف من هو ليس على مذهبه؟ 

(علي علاء الدين عيسى الفاضلي)

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف