عاشوراء الحسين (ع) وصراع أقلام ضرب المضمون وتشويه المفاهيم

خميس, 07/27/2023 - 15:17

أحمد الحسني
ألحسين عليه السلام، ذبح عظيم ومجد رباني أدخرته السنن، سفينة نجاة ومدرسة إباء وفداء وتضحية، وللأمم كرامة، ملحمة بولادة تجدد مهما تعاقبت عليها قرون وسنين، وهَجُ نهايتها بريقُ بداية، شعار يرعب الطغاة، ويهب ألثائرين خلود، دم لم يخضع لفرائض الفيزياء، ولم تستحال ثورته قوانين الكيمياء، فكان أبد الدهور نصراً على سيوف البغاة، وعلة فوز عظيم أسقطت جيوش الجبابرة عددا وعدة.
ولاشك أن ثورة السبط(ع) لها من ألمسببات ومنهج رسالة جده المصطفى صلوات الله عليه وآله أجمعين، ماجعل أهدافها في دائرة اليقين، فأكسبها شرعية المواجهة عن رفض البيعة لدولة آل أمية (لم أخرج أشرا ولابطرا ولامفسداً ولاظالما، لكني خرجت لطلبة الأصلاح في أمة جدي، آمرا بالمعروف وناهياً عن المنكر) قد مثلت سر الخلود فيها، وباتت نهضة لثورات أساسها الوعي مهما تكدرت الأقدار بطيش الطغاة والفجار، فلم يكن تكميم ألأفواه أداة لتثبيت سلطان جائر.
ومن هنا فقد أعد الطغاة وفي محاولات بائسة، أسلحة لضرب مضمون النهضة الحسينية، وتشوه مفاهيمها الدنانير، أسلحة من المشككين والمتثيقفين، ممن أرتدى الإنحراف بقالب التطور، تصب في أذهان ألأمة حرف الحقيقة وطمس الفكر، لشقها الى مسالك تّنتهي بها الى طوفان موبوء، وابل أقلامهم أتبعت الهوى بأسم الهدى، في محاولات لضرب أمة الحسين وأبعاد سفينتها عن رواسي القيم والحكمة عبر تفكيك معاني ثورته، ومن ثم جعلها أمة مفككة مخدرة وفكر متآكل تجني ثمار الفاظهم فقط، وألأنقلاب على قيم الثورة الحسينية، متمردة على المعرفة، تُدان ولاتُدين، غائرة في رواسب من الجهل تصفق لخبث الأقلام وتنصت لصوت الباطل ويوقعها في حضيض التشكيك، تارة يأخدها هتاف شقاق ويقعدها هدير نفاق، يغرس فيها بذرة إستسلام يصم ألآذان ويعمي الأبصار، أسسوا مدارس قائمة على أعمدة النفاق والتشكيك ومن زاغ عن جادة القيم من الجاحدين، أعتمدوا فيها على الكاذب والخائن، وروجوا لخطاب المراوغ والروبيضة، هدفهم ألإنقلاب على الوقائع الثابتة، في محاولة لإجهاض معاني الطف والتمويه على رسالة سيد شباب أهل الجنة (ع)، فشرعت للهدم معاولهم في نفير عام، وتقلدوا وسائل شتى تتلون ألوانا، تستفز أدوات البناء وتروج للقعود والخدر، وتبيح الوهم والمغالطات، بأساليب ناعم ظاهرها وقاتل داخلها، فحينا كانوا يترقبون ركلات جزاء سياسية، فيما ألتوت أقدامهم وتشوهت خطوتهم، فأدركهم الوقت بالخسران، وحينا آخر كناقر الدف، طمح في أمتهان نفخ المزامير لأثارة الغافلين من ذوي عقول معاقة.
المعركة قائمة بلا شك ولانهاية لها، حتى يرث ألله الأرض ومن عليها بين طرفي الصراع، طرف يمثل أمتداد القيم ألعاشورائية، صدقت أقوالهم أفعالهم، فكانوا حكمة تحاكي الصواب وأمة تبلغ الفتح، أنحنى لهم ألتأريخ كما لأجدادهم، وطرف آخر يستظل بالخواء ويعوم في مراتع الجهل، لبث الخرافة ثم الفتنة كأمة سقيمة، دائما مايطفئ يقظة الضمير ويكدر صفاء العقول، وهو ينتقل بين أستراتيجية مواجهة وأخرى، وفق توجيه منحرف يرفض الرشد ويطمئن للضلام، مستهدفا الشعائر الحسينية والصوت الكربلائي وبيوتات الزعامات الدينية وأبنائها البررة، وألأسباب واضحة النيل من شخوصها ومشروعهم الرسالي، فطالما كانوا مصداقا رائعا وتجسيدا حيا، رفعوا شعار أبي الظيم ( والله لاأعطيكم  بيدي أعطاء الذليل، ولاأقر لكم أقرار العبيد)، فحين لاحت لهم الحتوف، حطت رحالهم عند سفينة النجاة، ليوقضوا الأمة من سبات أموي متربص، فالراية فيهم مزقت أشرعة الباطل، وجعلوها مثابة وصولة وعطاء، ولويّت أعناقهم سيوف المنكر، بعد أن أستصرخهم المجد، فأفترست رؤوسهم ضياغم الباطل، وهشموا بلاط الخوف ودولته، وثبتت دمائهم إنهم فتية أعاروا جماجمهم الى ألقدر عند عَطِش الدين، فسقوه بفرات دمائهم، كي لاتظمأ القيم، ومزقوا جلود أقلام التدوين.

فالمنابر الحسينية وخدمتها، إنما أدوات ثائرة، هدفها فك القيود عن الأجيال مغبة الجري وراء ثقافة هشة، وأن أبناء المرجعية وأبناء الحكيم ضمائر تملك من الفطرة والبصيرة والوعي، مايميزون به الرايات البيضاء عن السوداء .... بل يميزون أصحابها.!!.

 

Share

أخبار موريتانيا

أنباء دولية

ثقافة وفن

منوعات وطرائف