من منا لا يسعى إلى الشعور بالهناء والسعادة؟ ! وهي فطرة فطر الله - تعالى - العباد عليها، ولكن! كثير منا احتار في تحديد طبيعة هذا الشعور وبيان أسبابه، والحقيقة أن الشعور بالسعادة نصفه يعود إلى أسباب ملموسة والنصف الآخر يعود إلى أشياء محسوسة، أشياء يمكن أن تصنع صناعة من خلال الخيال واللغة. السعادة تدفق داخلي وشعور خاص يرتبط في أحيان كثيرة بأسباب واضحة ملموسة، كشعورنا بقدوم شهر الكنوز والخير والبركات، شهر رمضان. خصوصا وإن كنت مستعدا لهذا الشهر العظيم استعدادا روحيا وعقليا ونفسيا وسلوكيا، وقمت بالتخطيط لاستثماره، وعلينا أن ننتبه قبل أن نخطط لأي شهر في حياتنا،
لابد أن يكون المرء منسجما ذاتيا، ويشعر بأنه على الطريق الصحيح، وأنه يفعل ما عليه أن يفعل، أي يؤدي الحقوق والواجبات ليستطيع أن يشعر بالهناء والسعادة وهو يخطط لشهر عظيم.
أظن عزيزي القارئ تتفق معي بأن شعور السعادة والهناء قد خالج نفسك، وامتزج مع سلوكك وأنت تمارس الصيام في النهار، وتصلي صلاة القيام، وتتبادل الزيارات، في شهر له خصوصية تعبدية وحياتية، شهر يقدم نفسه للإنسان، ويوفر له كل مقومات التخطيط اليومي، لأنه شهر منظم مرتب طقوسه متواترة ما بين الليل والنهار، تشعر بأنك على استقامة، ونفسك فياضة، وروحك مستعدة للخضوع والتذلل بين يدي الله، شهر يدفعك ل ناء وترميم علاقات اجتماعية تجعلك تشعر بالهناء والسعادة، شهر يجعلك تشعر بالإنجاز والتقدم على المستوى الشخصي، لأن الإنجاز في شهر رمضان دليلك ومؤشرك على جدارتك وكفاءتك، ويجعل يومك مليئا بالمهام الأساسية والثانوية، ويملأ فراغك عندما تمارس طقوسك الرمضانية بانتظام. إن أسباب السعادة متاحة ومتوافرة في شهر رمضان، وتستطيع أن تعيش هذا الشعور في لحظاتك وهمساتك، عندما تمارس الإحسان إلى الخلق وتتعاطف معهم تشعر بالسعادة، وعندما تشجعهم وتمنحهم الرؤية الصحيحة لشهر الخير والبركات أنت في هناء وسعادة، كما أن تلفظك بالكلمات الجميلة يشعرك بأنها عطر نفيس يعطرك ويعطر من حولك بالسعادة والفرح والهناء، دعونا نعيش في هناء وسرور في كل همسة ولمسة وركعة في شهر م ز الله به الإسلام، بالصيام والقيام وصلة الأرحام وتلاوة القرآن وبإجور مضاعفة، ونفحات ربانية متتالية، نسأل الله أن يبارك لنا في رمضان، ويسلمه لنا، ويتقبله منا سالما