مادفعني للخوض في هذا المقال خبر يتم تكراره عبر وسائل الإعلام المحلية التي تحذر ليل نهار من جفاف سيضرب العراق، وعطش في هذا الصيف، ونصائح لحفر آبار، وتحذيرات من تصحر قد يصيب الأراضي الزراعية في الجنوب الذي بدت نذر العطش فيه منذ سنوات.
في العراق أشهر انهار العالم وعلى ضفافها نشأت أعظم الحضارات، ومن الصعب القول بنشوء حضارة في الصحراء لأن الخالق جعل من الماء كل شيء حي. لدينا دجلة الخالد الذي قد يتحول الى بائد كما الأمم والحضارات البائدة في هذه البلاد.ولدينا الفرات الذي يصفه الشعراء ببطون الحياة حتى إن أحدهم يتعجب كيف يمور الفرات بمياهه العذبة، بينما الحسين بن فاطمة وصحبه يموتون عطشا على ضفته.ولدينا نهر ديالى، أو ديالا الذي يجري بمحاذاة الحدود الشرقية من جبال كردستان، ويصب في دجلة شرق بغداد الخاوية على عروشها. ولدينا سدود كبرى، وأنهار صغرى، ومنخفضات، ومسطحات مائية، ومعابر تفيض عبر الحدود، ولدينا، ولدينا، ولدينا. ورغم ذلك نحذر من العطش.
السعودية التي نهاجمها ليل نهار، ونخشى منها، ومن أخواتها أن يأكلن بلادنا (العطشى) صحراء ممتدة، ولاتوجد فيها أنهار ولاسواق ولاسدود، وقد تقطع السيارة مئات الكيلومترات دون أن نجد اثرا للحياة فيها، ورغم ذلك فالسعوديون لايشكون من العطش، وتجدهم يشربون المياه العذبة الخالية من الصوديوم، وهم يستحمون كما يشتهون، وإضافة الى الشعب السعودي هناك مئات آلاف المقيمين، ولاننسى ان فيها أكبر مجمع صناعي للألبان ومشتقات الحليب تغطي كامل دول مجلس التعاون الخليجي. ومثلها الكويت والبحرين والإمارات وقطر.. الكهرباء لاتنقطع، والمياه متوفرة، والشوارع معبدة، والبنايات فخمة، والبيوت فارهة، والمطارات والأسواق والجامعات عامرة، والملاعب والمتنزهات مخضرة في الصيف والشتاء.
في العراق يتوفر الماء، والمناخ الملائم، والأراض الصالحة للزراعة، وتتعدد الموارد الطبيعية حتى ليصعب إحصاؤها، والأموال تحجب الشمس لوفرتها، والخبرات، وكل مايمكن أن تعمر به البلدان وتنهض. ولكننا للأسف نمتلك بحرا من الفاسدين والحرامية، وعملاء الأجنبي، ومثلهم من السراق والقتلة والفاشلين، وعديمي الإنتماء والضمير. وفوق ذلك نغالط أنفسنا، ونعلن إننا الأفضل، وليس كمثلنا أحد، او بلد، ولاننتبه الى الفشل الذي نحن فيه، بينما نعلن خوفنا من السعودية، وكأنها اعظم دولة في العالم، ونصدق الكذبة التي سيقت بسبب عداء وصراع إقليمي نحن ضحاياه وبلدنا ساحته، ولاناقة لنا فيه ولاجمل، ولكن لم يتشجع واحد منا ويقول: طيب لماذا هذه الدول تتصارع ويضيع بينها العراق، وهي تبحث وتناقش نوع علاقاتها وتجاراتها.
العراق صار مثل ( فطيم ) بين الرعيان لاحام لها ولاناصر، وهي تتعرض الى أبشع عملية إغتصاب من هولاء الرعيان.
فينك يا(حمدي الوزير) تجي وتشوف الي إحنا فيه؟. هل عرفتم لماذا أكره السعودية؟
هادي جلو مرعي
رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية