أثار الإعلان الثلاثي بين سائرون والحكمة والوطنية حفيظة بعض القوى، فيما أثار إعلان تحالف الفتح وسائرون حفيظة آخرين، وربما بدأت القوى السياسية مغادرة لغة الشعارات والوعود الإنتخابية، وإنتهت مرحلة جس النبض والمناورة، وصدمة إعادة الفرز وحريق المفوضية، والمفاوضات الواقعية، وما يترتب عليها من توزيع مناصب ووزارات، وذابت البرامج في دواعي تشكيل الحكومة ودور القوى وموقعها في قادم المفاوضات، وأزيلت التقاطعات والحواجز بين اللاعبين الكبار، لتبقي الباب مفتوح لكل الإحتمالات.
لم يتضح شيء مؤكد لحد الآن، ولكن التلميح على عدم الممانعة في مشاركة أية قوة سياسية، وكأنهم متفقون على مشاركتهم جميعاً، وسيشكلون التحالف الأكبر بمعارضة تكاد تشبة عدمها.
واجه التقارب بين كتلتي سائرون والفتح هجمة شرسة، ولكن هناك أسباب كثيرة دفعت لتشكيل هذا التحالف، والبناء على الخطابات الإعلامية قبل الإنتخابات ليس منطقياً، بعد تقارب نتائج القوى وضرورة تقارب بعضها، وإلاّ لن تستطيع مجموعة قوى تشكيل الحكومة، في ظل الإنقسامات التي ربما تصل الى أكثر من خمسة تحالفات، ولن يكون بمقدور الكتلة الأكبر هنا تشكيل حكومة، كون مقاعدها لا يتجاوز عدد المقاعد المطلوبة لإعطاء الثقة بالحكومة.
الأخبار الطويلة العريضة والشروحات في المواقع الأخبارية، تفتقد للدقة والمصداقية تتحدث عن إشتراطات لم تحصل أطلاقاً بين كل القوى المتفاهمة، وخطوة التقارب بين سائرون والفتح خطوة سياسية تتعلق بهما وحان وقتها، ولا يمكن تشكيل تحالف يستثني أحدهما، وسيوصف بالأمريكي أو الإيراني وهذا ما لا تراضاه أمريكا وأيران وكلاهما لا يراهنان على نجاح طرف بإستثناء آخر، كي لا تحسب الخسارة والفشل بسبب أحدهما.
أعطت نتائج الإنتخابات تقارب بين قوى رئيسية، وفي حال تشكيل الحكومة فأن بعض القوى لا يمكن استثنائها سواء زادت أو نقصت مقاعدها، وعلى الأرض بعد النتائج لا يمكن إستثناء سائرون والفتح والحكمة والحزبين الكورديين والقوى السنية، في حكومة أغلبية، أو توافقية تدخل كل القوى حسب حصصها، ونواتها ثلاثة قوى هي التحالف الوطني والتحالف الكوردستاني وتحالف القوى السنية، مع القائمة الوطنية وبقية مفردات القوائم.
نفس الحملة التي شنت على تحالف الفتح والنصر، والنصر والحكمة قبل الإنتخابات، واجهت في البداية تحالف سائرون والحكمة والوطنية، وأشرس تشن اليوم بعد تفاهمات سائرون والفتح، وقبل الإنتخابات كان الكلام من قبل قوى سياسية منافسة بإعتباره طعنة وحسابات سياسية تعتقد أيّ تحالف سيقلل من حظوظها، ولكن المهم تلك الأصوات غير السياسية التي لا ترغب بأيّ تحالف، وها هي اليوم بالضد من تحالف سائرون الحكمة الوطنية، وسائرون والفتح.
بغض النظر عن النتائج والأسباب لتحالف الفتح وسائرون، وكون السياسة لا عدو دائم فيها ولا صديق أبدي، لكن ردود الأفعال نتيجة المتبنيات الإنتخابية، والخطاب شديد اللهجة الذي وجهه السيد الصدر قبل الإنتخابات حين تحالف النصر والفتح بتحالف إنتخابي لا تشكيل حكومة، لكن بالنتيجة لابد للقوى أن تتحالف وهي تسير مسارين أحدهما من دولة القانون والثاني من سائرون، وفي حال نجاح أحد التحالفين وإستقطاب الفتح من قبل دولة القانون، فسيكون الفتح وسائرون أحدهما معارض والآخر في الحكومة، وبالنتيجة كل الإحتمالات السيئة واردة، والقوى الكردية والسنية تستعد لإعلان تحالفاتها وبإنتظار حسم الموقف الشيعي، وربما معظمها تشير لرفض تشكيل حكومة أغلبية.
ربما هذا التحالف مفاجيء لدولة القانون التي تعتقد قربها من الفتح، لكنها إشارة الى تضائل حظوظ الدعوة بولاية رابعة، وأن إلتحق العبادي فلن يكون إلاّ حظور تمثيلي، إلاّ إذا كان الباب مفتوح كما قال الصدر، ودخول كل القوى في تشكيل الحكومة، وكما تصف أية قوة لا تملك حظ المشاركة بالكتلة الأكبر، وتقول أن إستبعادها إستهداف سياسي ومؤامرة ستؤدي الى مشكلات مستقبلية، وبذلك تدخل كل القوى ونعود الى مربع المحاصصة الحزبية.
تفاهمات الفتح وسائرون، وعدم تخلي الثاني عن تحالفه مع الحكمة والوطنية، سيشكل تحالف رباعي محل إستقطاب لبقية القوى الكوردستانية والسنية، وسيسحب البساط من تحت أقدام التكهنات التي تتوقع ذهاب العراق للهاوية.
يأتي موقف السيد الصدر عندما قال أن تحالفه مع الفتح ضمن الفضاء الوطني وعدم تخليه عن التحالف الثلاثي، فيما لم يحدد العامري موقفه من التحالف مع دولة القانون، بينما يبقى دور الحكمة محورياً ولا يُستبعد إلتحاق العبادي بالتحالف، لكن الأهم أن تقارب الفتح وسائرون نزول من السقوف العالية، وحديث ضمن الحجوم السياسية ومصلحة كلا الطرفين والقبول بالمتاح الواقعي ولهذا التحالف إيجابيات في سرعة تشكيل الحكومة وتسمية رئيس مجلس الوزراء، وتقليل الفجوة بين القوى السياسية وجماهير الطرفين، وأما السلبيات فتتلخص بعودة القوى للأصطفاف على أساس طائفي؛ كوردي، شيعي، سني، ويفتح الباب لدخول كل القوى ورفض مفهوم الأغلبية، وفقدان المواطن الثقة بالخطابات السياسي والعودة للتوافقات والمحاصصة في حال رفض أية قوة من الذهاب للمعارضة، وبذا يكون تحالف الفتح وسائرون جناحان قلبهما الحكمة، التي لديها القدرة على إستقطاب أغلبية السنة وأغلبية الكورد لتشكيل اغلبية وطنية، حسب رغبة المجتمع والشعارات السابقة للقوى السياسية، ولكن ما يبدو من القوى السياسية، أنها لا ترغب المعارضة وستقبل الدخول في حكومة جامعة.
واثق الجابري