عند كل مناسبة، مفرحة كانت أو محزنة، نحتاج فيها الى اعداد الطعام، نبادر فورا الى الاتصال بالطباخ الذي يجيد فن الطبخ، نخبره برغبتنا بعمل وجبة طعام للحضور، وهو بدوره يطلب منا عدد الحضور وان كان تقريبي، ونوع الطعام الذي نرغب بتقديمه لهذه المناسبة، فلكل شخص إمكانية، ولكل مناسبة طعامها الخاص، فيقوم الطباخ بإعداد لائحة من المتطلبات، يجب ان نجهزها له، والا ستكون المخرجات ليست بالمستوى المطلوب.
لذلك ان طلبت من الطباخ ان يخرج لك وجبة تتكون من خلط الدجاج مع السمك ولحم الغنم في طبق واحد، ان كان حريص على سمعته وعمله، سوف يجيبك بأن هذا غير ممكن، ويعتذر عن إمكانية الاستجابة للطلب، وان كان همه الأموال فقط، سوف يقول هذا طلبك وممكن ان اصنعه لك، ويحاول ان يجمل ما طلبته بكلمات منمقة، مثل (هذا فد شيء مميز وجديد، اكيد راح يعجب الحضور، وغيرها من الكلمات)، رغم عدم انسجامه، فيعرض صاحب الدعوة للأحراج والسخرية من الأخرين، في حين هو يأخذ أجرته ويمضي، هذا في المطبخ الطبيعي.
في المطبخ السياسي الأمر مشابه تماما، لما يحدث في مطابخ المناسبات، يجب على الرجل السياسي، ان كان حريص على سمعته ووطنه، ان وجد المكونات غير منسجمة، ولا يمكن مزجها مع بعض لتخرج لنا حكومة ناجحة، ان ينسحب، ويعتذر عن الاشتراك بهكذا طبخة، تكون مخرجاتها شاذة، والا يكون شريك لهم فيما يحاولون صنعه، من طعام منبوذ وممقوت من قبل الشعب.
أن ما يحدث من تحركات في الأيام الأخيرة, من قبل جميع الكتل النيابية الفائزة بالانتخابات, يدل على رغبة جميع الكتل للمشاركة في الحكومة المقبلة, بالرغم من الاختلاف الكبير بين هذه الكتل من ناحية أيدلوجياتها, او طريقة نظرتها لإدارة البلد, لكن ما يجمعها هو المصالح الحزبية, والمكاسب الشخصية فقط, يجعل تشكيل الحكومة القادمة, لا يختلف عن الحكومات السابقة, التي لم تحقق للشعب العراقي, الحد الأدنى من الرضا والقبول, والدليل على ذلك المقاطعة الكبيرة للانتخابات, لذلك ستكون مخرجات الحكومة القادمة, ان شكلت بهذا الشكل, الذي يجتمع فيه الأضداد, مخرجات مقرفة, ربما تؤدي الى نتائج ضارة ووخيمة, كمن يأكل الطعام الغير منسجم, حتما سوف يؤدي الى أكله لقذف كل ما في جوفه.
هناك بعض التيارات القليلة التي تلوح بعدم المشاركة بحكومة يشارك فيها جميع الكتل الفائزة دون وجود معارضة قوية تراقب وتحاسب وتدقق عمل الحكومة، وهذه خطوة إيجابية وشجاعة، لكنها تحتاج الى قرار شجاع للمضي بهذا الاتجاه.
ربما البعض يقول ان عدم المشاركة لحزب او تيار في الحكومة، هو بمثابة رصاصة الرحمة على هذا الحزب، فالشعب تعود ان يختار من هو بالسلطة، وهي وجهة نظر محترمة وواقعية قطعا، لكن للراغبين بالنفوذ على حساب الوطن والدين.
لذلك خيار عدم المشاركة هو الخيار الأمثل،
أن بقي تشكيل الحكومة يسير بهذا الاتجاه.