الشعب الذي عبر عن حقه الديمقراطي، بمقاطعة الإنتخابات تارةً، وبتغير بعض الوجوه في البرلمان تارةً أخرى، تفاجئ بما أعلنته المفوضية العليا للإنتخابات، بأن نسبة المشاركة بلغة أربعون بالمئة، هذا ماجعل الديمقراطية على شفا حفره من الإنهيار، في أروقة الشارع العراقي .
كمية التزوير التي ظهرت بعد إعلان النتائج، جعلت حبل نجاة التجربة الديمقراطية، من الحفرة التي ستسقط بها، يتحول إلى حبل إعدام، حيث أن بعض صناديق الإقتراع في المحافظات، كانت حكراً لبعض الأحزاب التي تمتلك مليشيات مسلحة، مما جعلها تسرح وتمرح بأصواتنا الإنتخابية، التي كانت عبارة عن قارب للنجاة من الغرق بالنسبة لشعبنا البائس، الذي مازال يعاني في بحر الظلمات، والذي عانى كثيراً من تردي الخدمات الصحية وأزمات الماء والكهرباء، كل ذلك وما زالت أغلب أذان النواب، لا تسمع سوى سمفونية الأموال، وتناسوا آهات شعبنا المظلوم.
دقت طبول الحرب بين النواب ورؤساء الكتل الخاسرة، الذين لم تنجح مساعيهم وألاعيبهم، من الظفر بمقاعد البرلمان التي حلموا بها، كل ذلك بسبب عدم نزاهتهم وتفانيهم في المدة التي كانوا بها أعضاء يمثلون الشعب المسكين، حيث وصلت حربهم الكلامية إلى مستوى الحضيض، فعمدوا إلى إستغلال مناصبهم وقوتهم، لأجل إعادة العد والفرز اليدوي، لتعمل أياديهم السوداء من خلف الكواليس، وتغير أصوات الناخبين المزورة لصالحهم، فما كان من بعض الأحزاب والتيارات التي تلاعبت بالنتائج، سوى أن تحرق صناديق الأقتراع، لتقطع نزاع البرلمانيين، كما فعلها حرملة في واقعة الطف.
عقدت جلسة إستثنائية مشكوك بصحتها، ببعض النواب ممن لم يفز في الإنتخابات، فعمدوا على تعديل ثالث مشكوك بدستوريته على قانون الإنتخابات، بالإضافة إلى أقحامهم المؤسسة القضائية في العملية الإنتخابية، كل ذلك ساهم ذلك بتعقيد الأزمة بدل إيجاد حلٍ لها، هذا وبالإضافة إلى دفة المفاوضات التي تنقبت برداء الرذيلة، لما وصلت له من تصافح بين المفسدين لأعادة سيناريو 2010، ساهم بنحر الديمقراطية في نفوس شعبنا العراقي، للأسف نجد أن أغلب الساسة يحاولون إدخال العراق في الفراغ الدستوري، وإعادة الفوضى الذي لن يستفيد منه سوى الحاقدين والفاسدين، ممن يحاول إسقاط نظام الحكم في العراق، وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة الوطنية.
دائما ما يكون هناك جسراً، يربط بين أروقة الأحزاب والتيارات، لغرض الوصل لحل للأزمات التي كسرت أضلع العراق، الحكيم وتياره دائماً ما يكون هو نقطة الالتقاء، التي تعبر بالعراق إلى بر الأمان النسبي، فهل سيستطيع هذه المرة من تقريب وجهات النظر، والمضي بتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، أم الكثرة ستغلب الشجاعة، ويحكم على الديمقراطية بالاعدام حرقا؟
محمد جواد الميالي