منذ أن ظهرت تدخلات روسيا في الانتخابات الرئاسية الخامسة والأربعين في الولايات المتحدة إلى العلن قام فريق من الـ اف بي آي بقيادة المحقق الخاص روبرت مولر بالتحقيق في شأن هذه التدخلات مما أدى إلى الكشف عن خيوط إذا ربطنا بعضها ببعض تتضح معالم اللعبة أكثر من قبل.
الخيط الأول جاريد كوشنر:
رجل أعمال ومستثمر أمريكي يهودي أرثوذكسي وزوج إيفانكا ترامب، ابنة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. قام ترامب بتعيينه مستشاراً له، كما أوكل إليه الكثير من المهام المتعلقة بالحرب على داعش وعملية السلام في الشرق الأوسط وبعد أن قام ترامب بتعيينه في هذه المهام استقال كوشنر عن منصبه كرئيس تنفيذي لشركات عائلة كوشنر لكنه لا يزال يستفيد من صناديق استئمانية مختلفة، بقيمة نحو 761 مليون دولار بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، تتعلق بعقارات واستثمارات أخرى، من ضمنها الكثير من العلاقات المالية مع "إسرائيل".
في مايو 2017 وصل كوشنر إلى إسرائيل مع ترامب في زيارة رئاسية رسمية. قبل ذلك بفترة قصيرة، حصلت شركة العقارات التابعة للعائلة على استثمار بقيمة 30 مليون دولار من شركة التأمين الإسرائيلية “منورا ميفطاحيم”، بحسب ما قاله مدير في “مينورا” ل”نيويورك تايمز”. المال ذهب إلى 10 مجمعات سكنية في ماريلاند تابعة لشركة كوشنر.
صفقات أخرى شملت مشروع في أبريل 2017 عملت فيه عائلة كوشنر مع عائلة شتاينمتس من إسرائيل لشراء مباني شقق سكنية في مانهاتن بقيمة 200 مليون دولار. وحصل كوشنر أيضا على أربعة قروض على الأقل من بنك “هبوعليم”، أكبر البنوك الإسرائيلية.
وقامت شركات “كوشنر” أيضا بشراء أقسام من مبنى “نيويورك تايمز” السابق في مانهاتن، من ليف ليفايف، وهو أوليغارك إسرائيلي-روسي. وقامت مؤسسة عائلة كوشنر أيضا بالتبرع بأموال لمستوطنة بيت إيل في الضفة الغربية، التي تربطها علاقات أيضا بالسفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، وفقا للتقرير. ما يثير التساؤلات حول ما إذا كان يمكن اعتباره وسيطا غير متحيز في محادثات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية التي كُلف بإحيائها. وهذا ما يعزز نظرية تواطؤ كوشنر مع اسرائيل واللوبيات اليهودية .
ومن ناحية أخرى بحسب موقع "ذا إنترست"، فإنه لعب دورا كبيرا في ملف السياسة الأمريكية تجاه الدول الخليجية، بداية من الوقت الذي أعلن فيه عن ترقية الأمير محمد بن سلمان بدلا من ابن عمه محمد بن نايف وليا للعهد، في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام، أجرى جاريد كوشنر رحلة غير معلنة إلى الرياض، حيث ألقى القبض على بعض مسؤولي الاستخبارات بشكل مفاجئ، وظل يسهر مع ولي العهد حتى الرابعة فجرا عدة ليالٍ، يتبادلان فيها القصص واستراتيجية التخطيط"، بحسب "واشنطن بوست" في ذلك الوقت.
لم يعلم ما دار بين كوشنر وولي العهد السعودي في الرياض إلا هما فقط، ولكن ولي العهد بعدها أخبر المقربين منه بأن كوشنر ناقش معه أسماء الأشخاص غير الموالين له. وكل هذا جاء سعيا لوصول محمد بن سلمان إلى ولاية العهد و إقصاء محمد بن نايف عن سدة الحكم كما يشير إليه مايكل وولف في كتابه المعنون بـ "نار وغضب في بيت ترامب الأبيض" إذ أن وكالة الأمن القومى حذرت الخارجية الأمريكية بشأن المداولات بين محمد بن سلمان و«كوشنر»، وأن العلاقة المتنامية بينهما من شأنها أن تبعث رسالة خطيرة إلى «بن نايف وكما يشير إلى قول ترامب عندما أخبر الرئيس الأمريكي أصدقاءه أنه هو وصهره «هندسا حملة التطهير» قائلا: «لقد وضعنا رجلنا على القمة. و أما السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو إذا كانت اسرائيل عدوة للسعودية والإمارات لماذا تمول كوشنر وشركاته العائلية وهو يقوم بخدمة محمد بن سلمان ومحمد بن زايد على هذا النحو ربما الخيط الثاني يكشف عن الإجابة.
الخيط الثاني جورج نادر:
ذكر موقع "ميدل إيست آي" أنّ رجل الأعمال اللبناني-الأميركي، جورج نادر، والذي يتعاون مع تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر في تمويل حملة دونالد ترامب الانتخابية، نظم قمة سرية للزعماء العرب على يخت في البحر الأحمر في أواخر 2015، واقترح نادر على القادة الذين تجمعوا على اليخت، إنشاء مجموعة إقليمية نخبوية من ست دول، من شأنها أن تحل محل مجلس التعاون والجامعة العربية.
وبحسب الموقع، قال نادر "إن هذه المجموعة من الدول يمكن أن تصبح قوة في المنطقة، ما يتيح للحكومة الأميركية الاعتماد عليها لمواجهة نفوذ تركيا وإيران".
وجمع جورج نادر على اليخت كلاً من محمد بن سلمان الذي كان آنذاك نائب ولي عهد المملكة العربية السعودية، ومحمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة؛ وملك الأردن عبد الله بن الحسين. وزعم نادر إن دولهم، بالإضافة إلى ليبيا التي لم تكن ممثلة في القمة السرية، ستشكل نواة الحلف المؤيد للولايات المتحدة ولإسرائيل.
وبحسب الموقع قال نادر للقادة "إذا وافقتم على ذلك، فسأضغط من أجل ذلك في واشنطن".
وعُقدت القمة السرية بحسب "ميديل ايست آي" على البحر الأحمر، مع اقتراب نهاية السنة الأولى من حكم الملك سلمان، ولم يكن محمد بن سلمان ولياً للعهد بعد. وكان يكمن العائق الرئيسي أمامه، بوجود ابن عمه الأكبر محمد بن نايف، الذي كان ولياً للعهد وهو المفضل لدى المؤسسة الأمنية في واشنطن. لكن بن سلمان أصبح ولي العهد في يونيو/حزيران 2017، بعد أن خلع والده بن نايف.