(ذ.محمد بدران)عرف اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين لعام 2018 في جميع أنحاء العالم احتفالات ولقاءات رسمية بسعي وتنظيم من الأمم المتحدة بهدف زيادة الوعي العام والتحسيس بمدى مأساة ملايين المعذبين الفارين من الملاحقات الأمنية وظلام السجون والناجين من القتل والتعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
إلا أن طعم اللقاءات الدينية لها وقع أكبر وأثر أعظم على النفوس من غيرها وهذا ما سنعرفه من داخل مدينة الفاتيكان في لقاء غريب وحدث غير متوقع بالمرة بالعاصمة روما حيث استدعي لهذا الحفل 315 شابًا وشابة من عرقيات وأجناس غير إيطالية أبانت عن كفاءتها وجدارتها وحبها لخدمة الإنسان لا لشيء إلا لأنه انسان والإنسانية تحتم عليه فعل ذلك ولو في غياب الفلسفات والأديان.
وكان من بين المدعويين ، المحامية الدولية كوثر بدران التي أبانت عن إنسانيتها قبل كفاءتها في قضايا عدة مهنية ناجحة ومشرفة منها من وصلت للإعلام ومنها من بقي في الكتمان ، وأخرى إنسانية تطوعية إنسانية لم تراها عين ولم تدرج على لسان ولم تخرج إلى العلن. كان آخرها مساعدة طفل مريض من المغرب كان بين الحياة والموت والفقر والحاجة وعجز الأطباء عن علاجه ورفض تأشيرة علاج إيطالية كآخر ما تبقى له من أمل. بمجرّد تدخلها وفي وقت وجيز وبفضل الله كل شيء كان على ما يرام ، تأشيرة وتذكرة سفر ومستشفى متخصص واستضافة لائقة برفقة أمه التي لم تجد إلا الدعاء والشكر والامتنان ،حالة مشرّفة بالفعل كما أشكر عليها الأستاذة والتي امتنعت عن التصريح والتعليق على هذه القضية ومثيلاتها معلّلة أنها خالصا لوجه الله ولا تريد أن يطلع عليها أحد وتبقى بينها وبين ربها وترفض أي تشهير أو منّ أو ركوب على موجة عمل خير.
لم تكن تعلم أنها ستكون يوما من ضيوف البابا أو تتكهّن بشيء من هذا القبيل إلى حين توصلها بالدعوة وحيرتها بين القبول والحضور أو الرفض والاعتذار لكن أمام طمأنة الأهل وأهمية الموقف لم يعد أي أي اعتبار آخر ينغص عليها فرحتها أو يفسد عليها مسرات من عالم آخر. في لقاء شبابي ليس ككل اللقاءات والمؤتمرات التي عهدتها ، جمعها الاختلاف والتنوّع بالغرابة والأجواء الروحانية الرهيبة كالحلم الجميل القاسي المخيف من بعد قضاء شهر من الصيام والطاعة وفرحة العيد السعيد للنزول بمكان لم تألفه وتصغي لأصوات لم تتعوّد عليها كلها ضحكات وقهقهات وتصوير ممزوجة بطقوس وأدعية وقداسة لم تحرك مشاعرها أو تؤثر عن نفسيتها بقدر ما زادتها تشبثا وعرفانا وتقوية روح إيمانية بالوحدانية وأكبر سعادة أنها خلقت مسلمة.
قبل أن تصحى من غفوتها وتتراجع خطوات إلى الوراء بين الاكتضاض المتهافت على تقبيل يد القديس
فرنسيس خورخي ماريو بيرجوليو، بابا الكنيسة الكاثوليكية السادس والستون بعد المائتين وتتعدل في وقفتها وتجذب إليها أطراف قفطانها المغربي الشاهد الواحد عن وطنيتها وهويتها الغاليتين .
تمر الأحداث متسلسلة في ثواني ودقائق ولقطات متسارعة ومتثاقلة أحيانا إلى أن وصلت مرحلة التصريح الذي ركز فيه قداسة البابا على آلام اللجوء ومآسي لما يفوق من 66 مليون شخص في العالم المضطرين لمغادرة بلدانهم وأوطانهم هرباً من بطش الحروب وشبح العنف والبؤس معتبرا يوم اللاجيء هذا بالأمل والثقة والأخوة قائلا :"دعونا نلتقي بالرب في الفقراء ، في الرفض ، في اللاجئ ، دعونا أن لا ندع الخوف يمنعنا من الترحيب بالجار المحتاج!" و "كرامة الشخص لا تعتمد على كونه مواطنا أو مهاجرا أو لاجئا ... إنقاذ حياة أولئك الذين يفرون من الحرب والبؤس هو عمل إنساني".
علينا الترحيب بهم وتشجيعهم على لمّ شمل أسرهم ؛ وحمايتهم والدفاع عن حقوق وكرامتهم؛ ووضع اللاجئين في وضع إنساني يليق بهم وباندماجهم لتشكيل مجتمع متكامل وعلى كل بلد أن يفعل ذلك بالفضيلة والحذر وأن يتقبل بقدر ما يستطيع منهم .
وركّز في مستهل كلمته على "الأمل" كحق من حقوق الإنسان المرتبط بالحق في السلام بعيدا عن خطر الحرب والقتل والخوف ، مضيفا أنّه على الجميع تقاسم المسؤوليات تجاه المهاجرين دوليا بما في ذلك الأطفال والعائلات وأن يوفّر لهم قيم العدالة والتضامن والتعاطف ويحترم تاريخهم ، وثقافتهم ، ومشاعرهم وتطلعاتهم فهم إخوة لنا وبحاجة ماسة إلى الحماية المستمرة ، بغض النظر عن وضعيتهم .
مثنيا في الأخير على انخراط المجتمع الدولي لاعتماد اتفاقيتين عالميتين ، إحداهما بشأن اللاجئين والأخرى بشأن الهجرة الآمنة والمنظمة ، شاكرا الله على الخدمات الجليلة والجهود المقدمة من أجل تلبية صرخة المتضررين الذين يطلبون منا الاعتراف بهم وتعزيز تنمية شعوبهم وإعطاءهم فرصة العيش بكرامة و سلام دائمين.