غالبا ما تكون جميع دول العالم ذات الانظمة الديمقراطية لديها مبدأ يميز نظامها الديمقراطي عن الأنظمة الشمولية، وهو التنافس الحر في أروقة السياسة، ومهما كانت درجة التدني في مستوى القبول الشعبي أو في الأوساط السياسية، فإن الخاسر في تلك الدول ينسحب بكل هدوء، ليفسح المجال أمام الآخرين ليأخذوا دورهم. أما الديمقراطية في العراق، فإنها لا تعترف بهذا الأسلوب، اسلوب التنافس الحر، فهي ما تزال تحب الخضوع لـفكر قائد الضرورة والزعيم الأوحد.
يبدو أن النظام الديمقراطي في العراق قد أسس من أجل طبقة سياسية معينة، اي الطبقة التي جاءت مع الاحتلال الأمريكي أو في وقته، لتأسيس دولة فاشلة ولا نستطيع ان نقول فاشلة، لان الدولة وبالمعنى الضيق والحقوقي تعني حماية وسلامة امن المواطن، في حين هي غائبة كليا، ولم تتأسس لحد هذه اللحظة؛ وبالتالي انتجت هذا النظام الديمقراطي على العراق الذي يمكن معرفة بعض سلبياته على الواقع العراقي:
اولا: تضع زمام الحكم في ايدي عامة الشعب، وهي طبقة مبعثرة جاهلة بأساليب السياسة والحكم، وليس لديها استعداد طبيعي له، ولا تتمتع بدرجة رصينة من التعليم والثقافة والاهتمام بالمسائل العامة، والمعرفة بحلول المشكلات السياسية.
ثانيا: رجال الحكومة ذات النظام الديمقراطي ليس لديهم مؤهلات كافية لإدارة شؤون الدولة، فهم طبقة مترفة جاءت بمساعدة الاحتلال لتولي الحكم، كذلك لان الديمقراطية تهمل مبدأ التخصص، وفي هذا خطر كبير.
ثالثا: لا يمكن ان تستقيم الديمقراطية إلا بوجود أحزاب متعارضة، تعتبر أداة انقسام في البلاد، وهذا ما يهيأ المجال للطائفية والعنصرية والقومية وحتى النرجسية.
رابعا: فرض الإنتخابات كل أربع سنوات وتغيير حكومة، بسبب قصر المدى، ما يدفع الطبقة السياسية الحاكمة للتفكير بكيفية الفوز في الإنتخابات، بشتى الطرق لكسب الناخبين، ورفع تكلفة الإنتخابات لإنتاج حكومة الأثرياء من الطبقة الرأسمالية، وبالتالي انعدام للطبقات الكادحة والفقيرة.
خامسا: قدرة الطبقة الرأسمالية على التلاعب بأصوات الناخبين من خلال تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين او دفع الرشى الانتخابية،
وتهيأت الإعلام المزيف على أوسع نطاق، وهذا يفتح الطريق للمال السياسي بطرق غير قانونية، وبالتالي خضوع الطبقة السياسية لأصحاب رأس المال وحمايتهم.
سادسا: الحكومات ذات الأنظمة الديمقراطية، تتمتع في تعرضها للحريات الشخصية وخطر استبداد الغالبية، أو استبداد الطبقة التي يصير الحكم إليها.
سابعا: تحقق الديمقراطية حكم الغالبية، فإن هذه الغالبية ستخضع خلف المصالح، فيكون الرأي في ظاهره لعموم الشعب، أما في حقيقته فهو رأي قلة من الشعب تمكنت من السيطرة على الحكم.
ثامنا: إن الديمقراطية تفضل الكم على النوع، وذلك لأنها تطبق مبدأ سيادة الأمة والذي لا يمكن تبريره قانونيا، وبالتالي سيادة الفاشلين.
تاسعا: قدرة الفساد على التفشي دون وجود اليات او أدوات عملية على الواقع، تستطيع منعه بالشكل الكافي.
تاسعا: الرسم والتخطيط يعنى بالفشل دائما، لأنه يتم من طرف جماعة ضيقة تتأثر شعبيتها بتأثر اسلوبها في الساحة الجماهيرية، مما تتوفر الفرصة لديهم في التخريب وتحقيق اهدافهم المسمومة في ثوب التظاهر السلمي.
عاشرا: إن هذا النظام يهتم بنشر التعليم، إلا ان مستوى العلم في هبوط، إذ تتجه نظم التعليم نحو العناية بالتعليم الفني والعملي، وإهمال الثقافة والآداب والفنون، لأن غالبية الشعب العراقي بعيد عن هذه الاتجاهات.
الحادي عشر: انعدام العلاقة بين النائب ومرشحيه، وعدم دفاع النائب عن حقوق مرشحيه، بحجة انه يمثل ويعبر عن مصالح الشعب ككل.
الثاني عشر: تبعثر المسؤولية بحجة التوزيع إلى درجة تكاد ان تكون من العدم.
الثالث عشر: اما على المستوى الخارجي؛ فمن أعظم مساوئ الديمقراطية الغربية، ما يعيشه العالم الثالث من حروب وويلات دمرت شعوبه وأعادته إلى مراحله الأولى.
رغم كل سلبيات الديمقراطية فهي أرقى من النظام الديكتاتوري وأقرب إلى الشعوب، لكنها مستحيلة النجاح في الواقع العراقي الحالي، لان تطبيق الديمقراطية دفعة واحدة خطأ في مجتمع غير مهيأ فكريا وثقافيا وسياسيا. في حين هذه المجتمعات بحاجة لنظام يبدأ من اسفل واقع المجتمع الى اعلاه.
وعليه؛ استحالة الإصلاح في هذه العملية السياسية وفق النظام الديمقراطي وسلبياته ومقارنته بالواقع العراقي.
حسام عبد الحسين