عندما تسير في الاسواق المحلية ستشاهد عدداً من المتسولين، اللذين يمتهنون مهنة الاستجداء، نعم هناك قسم منهم فقراء، لكن من بينهم عددٍ كبير امتهن تلك المهنة لسهولتها, وعدم حاجتها لرأس المال, حيث لا توجد فيها خسارة اثناء مزاولتها، إلا ان الغريب في الامر ستشاهد من بينهم ممثلين متميزين، يجيدون ذلك الفن بحرفية عالية، من خلال ابتداع بعض الحركات التي تجلب انتباه المارة، وبعضهم ينسج الكلام وكأنه أديب يقرأ قصة درامية، او شاعر يلقي شعراً عاطفياً مملوء بالحزن والاسى، كل ذلك من اجل اثارة عواطف ومشاعر المشاهدين والمستمعين، من اجل المال.
السياسة في العراق ما بعد "مايو (آيار)" الماضي أصبحت عند بعض الساسة المحترفين، عبارة عن استجداء لموافقات الدول ذات النّفوذ، داخل الشأن العراقي، ليست الدول فقط وإنما حتى باقي الكتل والاحزاب الاخرى، التي تمتلك جزء من القرار النهائي في تشكيل الحكومة، فترى السياسيين بكل اطيافهم بين مشرقٍ ومغرب، باحثاً عن الدعم والتأييد من دول الجوار.
المالكي واتباعه نجحوا كثيراً في مهنة التسول، وشراء ذمم إعلاميين باعوا أنفسهم بثمنٍ بخس، فترى اعلامهم يهاجم السياسيين الآخرين بكل قوة، كي يشتت الأنظار عن حركة زعيمهم المحورية، الدائرة بين ايران ودول الخليج من ناحية، وبين الاحزاب الكردية والسنية من ناحية أخرى، بعد شرائه عدد من الاحزاب الشيعية التي كان ثمنها وعد ببعض المناصب الحكومية، في حال كسبه التأييد الخارجي, والرضا الداخلي.
هاجم (علي سنبه) الملقب بـ (سليم الحسيني) تحالف مقتدى والعبادي والحكيم، في نفس الليلة التي اشيع فيها ذهاب المالكي الى دولة الكويت، من اجل اللقاء ببعض المسؤولين الخليجيين، ويقال ان من بينهم (مسؤول سعودي رفيع المستوى)على الاراضي الكويتية، كي ترد له الاولى فضل هبتهم (ميناء مبارك)، نجح الاثنان (الحسيني والمالكي) في تنفيذ مهامهما، بحرفية عالية في عتمة الليل المظلم، بدعم الجيوش الإليكترونية.
هاجم (علي سنبه) تحالف مقتدى والعبادي وعمار، في مقال سابق، نشر على عدد من المواقع الإليكترونية، يومها كان المالكي والعامري يجلسان على طاولة واحدة مع (مسعود برزاني)، ويتبادلون الضحكات والقهقهات، وكأن شيئاً لم يكن بينهم، ولا كأن المالكي اتهم الأخير بضلوعه في دخول داعش، ونهب أسلحة القوات الامنية العراقية، واعتبرها مؤامرة بينه وبين ال النجيفي على العراق، ولا كأنه وقف في بداية جسر ذو الطابقين في الجادرية، عند باب قصر المرحوم (مام جلال)، وقال بالحرف الواحد "انا ولي الدم" عندما قتلت البيشمركة احد الاعلاميين، ولا كأن شيخ المجاهدين كان يطلق التصريحات تلو التصريحات، من سوح القتال، ويتوعد بدخول كركوك بالقوة، وغيرها من التصريحات المتبادلة بين الطرفين.
جلسا الاثنين مع خصمهما اللدود حسب تصريحاتهم، وتسولوا الحكومة والكتلة الأكبر من ذات الخصم، وذهب المالكي للخليج لذات السبب، بعدما كان يهاجمهم من على قناة حزب الدعوة (قناة العراقية)، كي يصبح التسول والاستجداء فن الممكن عند المالكي واتباعه المدلسون, واعلامهم المأجور، من اجل الكرسي العقيم.
الحركة المحورية الدؤوبة الداخلية والخارجية التي يقوم بها المالكي، ضيقت الخناق على التحالف المنافس، وجعلت خياراته محدودة، ومحصورة بين عدد من الأشخاص، أفضلهم متهم بالفشل والضعف والفساد، لأن حظوظ الاول أصبحت كبيرة جداً، بعدما حقق نجاحات كبيرة في التفاوض والإعلام.
غزوان البلداوي