اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في مقال لها الثلاثاء أن الخلاف السعودي الكندي الراهن يظهر مدى هشاشة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي سعى في الأوساط السياسية والاقتصادية الدولية لتسويق رؤيته للإصلاحات في المملكة.
وذكرت الصحيفة أنه خلال اجتماع محمد بن سلمان مع صحفييها ومحرريها في مارس/آذار الماضي، أكد أنه يسعى لإطلاق تحول اقتصادي يجعل من كامل الشرق الأوسط “أوروبا المقبلة”.
لكن الصحيفة ترى أنه بات يـنظر إلى ابن سلمان على أنه المحرك لسياسة خارجية غير متماسكة وفاشلة بدرجة كبيرة، من عناوينها حصار قطر والحرب المدمرة في اليمن ومحاولته الخرقاء للتعاون مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، حيث يسود عدم ارتياح متزايد إزاء موافقة ابن سلمان على تبني ترامب للموقف الإسرائيلي بالكامل.
كما أشارت الصحيفة إلى ما وصفته بسياسة الاستقواء التي باتت تتبعها السعودية إزاء الكثير من دول العالم من كندا إلى ألمانيا منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد.
وقالت إن الانتقادات التي وجهتها كل من ألمانيا وكندا للسعودية في الآونة الأخيرة تبدو كأنها نكأت جرحا أكثر عمقا مما نكأته انتقادات سابقة، بعضها حول وضع حقوق الإنسان في اليمن.
لكن الأزمة الحالية بين الرياض وأوتاوا -تقول الصحيفة- “أظهرت هشاشة ولي العهد محمد بن سلمان”. فقد أعلنت الرياض الاثنين الماضي أنها ستجمد معاملاتها التجارية مع كندا، وطالبت السفير الكندي لديها بمغادرة البلاد.
سبب هذا الموقف “الدرامي” من قبل الرياض هو ما قامت به السفارة الكندية في الرياض حين نشرت الجمعة الماضية تغريدات تبدي فيها قلقها من موجة اعتقالات جديدة في السعودية استهدفت ناشطين حقوقيين، بينهم سمر بدوي شقيقة الناشط رائف بدوي المعتقل منذ 2012.
ردا على هذه التعليقات، استدعت السعودية سفيرها لدى أوتاوا “للتشاور” واعتبرت السفير الكندي شخصا غير مرغوب في وجوده، وأمهلته 24 ساعة للمغادرة.
كما قررت السلطات السعودية تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة مع كندا، وأوقفت برامج التدريب والابتعاث والزمالة إلى كندا، كما أوقفت رحلاتها من وإلى أوتاوا. وأصدر الديوان الملكي السعودي أمرا يقضي بـ”إيقاف علاج المرضى في كندا ونقلهم إلى دول أخرى حسب رغبتهم”.
لكن الخلاف بين البلدين أخذ منعطفا “عبثيا”، تقول الصحيفة، عندما نشر حساب تويتر ذو صلة بالحكومة السعودية صورة طائرة تتجه صوب أبراج في سماء مدينة تورنتو الكندية. ورغم أن التغريدة حذفت لاحقا لكنها أعادت للأذهان أحداث 11 سبتمبر 2001، واضطرت مسؤولا سعوديا بالسفارة السعودية في واشنطن للاعتذار.
لكن بالتوازي مع ذلك، استمرت على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية حملة مناهضة لكندا، من خلال دعم افتراضي لحقوق السكان الأصليين الكنديين ولانفصال إقليم كيبيك.
وقد دافعت كندا عن موقفها من خلال تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الكندية أكدت فيه “التزام بلادها باحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة وحرية التعبير عبر العالم”.
ويرى علي شيهابي، الباحث في “مؤسسة العربية” بواشنطن “أن على ابن سلمان أن يتفاعل إيجابا مع المواقف الغربية كما يحاول تحرير بلاده”.
ويضيف “محمد بن سلمان يرى نفسه أنه يدير مسارا إصلاحيا صعبا وغير مسبوق ولا يرغب بأي انتقادات تجعل مهمته أصعب، خاصة من حلفاء يستفيدون من السعودية”.
كما ترى بسمة موماوي، الباحثة في الشؤون الدولية بجامعة واترلو الكندية، أن الخلاف مع كندا “شكل مناسبة سانحة للزعيم (ابن سلمان) المتعود على الدعم القومي من أتباعه الشباب والمندفعين في الداخل.. في رأيه، حان الوقت لإثارة غضب الشعب السعودي مرة أخرى”.