نقلت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية عن مصادر قالت انها “خاصة” في تل أبيب, أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز, لن يُقدِم على الإطاحة بنجله، ولي العهد محمد بن سلمان، بسبب التورط في قضية قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول، لأن خطوةً من هذا القبيل، ستؤدي إلى زعزعة كبيرة داخل العائلة المالكة بشكلٍ خاص، وفي المملكة بشكل عام.
وكتب تسفي بارئيل، محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس”، نقلا عن المصادر ذاتها أن السعودية تملك أوراقا رابحة تمنع الولايات المتحدة الأمريكية من إجبارها وإلزامها على تنحية ولي العهد، ومنها على سبيل الذكر لا الحصر، أن الأرشيف السعودي مليءٌ بالمُستندات والوثائق التي تؤكد أن المملكة وأمريكا قامتا بتنفيذ صفقات مشبوهة جدا، وإذا وجدت الرياض نفسها محشورةً في الزاوية، فإنها ستلجأ إلى الكشف عن هذه المستندات.
وقال المحلل الإسرائيلي، بارئيل، إن العائلة الحاكمة في السعودية مقتنعة بأن الاستثمارات الهائلة التي قامت بها المملكة السعودية في جميع أرجاء العالم، وبشكل خاص في أمريكا، ستكون بمثابة “بوليصة التأمين” التي ستُنقذها من العقوبات ومن المُقاطعة التي قد تُفرض عليها بسبب قضية الصحافي السعودي خاشقجي، وإذا أضفنا هذا الأمر، إلى الصفقات غير القانونية التي نفذتها الرياض وواشنطن، وفقا لتقديرات الكاتب الإسرائيلي،، فإن ترامب لن يجرؤ على الخروج عن قواعد اللعبة المألوفة.
ورأى “بارئيل” أن التصريحات التي أدلى بها السيناتور الجمهوري وصديق ترامب، ليندسي غراهام لشبكة “فوكس نيوز” تعكس حجم الضغط الذي تعيشه الإدارة الأمريكية الحالية، إذ إن السيناتور طالب برحيل ولي العهد السعودي بسبب قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي، مُضيفًا أنه لن يتعامل مع السعودية أوْ يذهب إليها ما دام محمد بن سلمان وليًا للعهد.
وتعهد السيناتور الجمهوري المقرب من الرئيس ترامب بإيقاع أشد أنواع العقوبات على الرياض في حال بقاء محمد بن سلمان في منصبه.
ووصف السيناتور غراهام ولي العهد السعودي بأنه آلة تدمير قتلت خاشقجي وشخصية مثيرة للقلاقل، مُضيفًا أنه لن يكون قائدًا عالميًا، لافتًا إلى أن ابن سلمان كان وراء اختفاء الصحافي السعودي وتصفيته المحتملة داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وردًا على مساعي تبرئة ولي العهد السعودي من قرار قتل خاشقجي والبحث عن كبش فداء، قال غراهام: لا شيء يحدث في السعودية دون معرفة الأمير ابن سلمان.
ورأى المحلل الإسرائيلي أن أقوال “غراهام” لا تترك مجالاً للشك بأن الحزب الجمهوري عاقد العزم على مُعاقبة بن سلمان على فعلته المُفترضة، كما إن تصريحاته التي لا لبس فيها، تُدمر النظرية القائلة بأن “عناصر مارقة” قامت بتنفيذ عملية القتل البشعة، والتي حاول البيت الأبيض أنْ يُمررها ويُقنِع العالم بها، بالاتفاق والتنسيق مع المملكة السعودية، بهدف إبعاد الشكوك عن ولي العهد بن سلمان، على حد قوله.
وقال “بارئيل” إن ما يُقلِق الرئيس الأمريكي ترامب ليس صفقة بيع الأسلحة للسعودية بقيمة 110 مليار دولار، وفقط، إنما يقلقه أيضا أن السعودية تُعتبر، في نظره، بمثابة حجر الأساس في العقوبات الأمريكية التي ستُفرَض على إيران في مطلع الشهر القادم، في نوفمبر القادم، إذ إنه وفقا للخطة الأمريكية، فإن الرياض هي التي ستقوم بسد الثغرات في تسويق النفط بعد منع إيران من تصدير النفط مطلع الشهر الجاري، الأمر الذي يُراد منه تهدئة سوق النفط في العالم وأسعاره التي ارتفعت كثيرًا في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وبالتالي، رأى المحلل الإسرائيلي أنه إذا قامت السعودية باللجوء إلى سلاح النفط لمنع واشنطن من فرض عقوباتٍ عليها و/أو إلزامها بتنحية ولي العهد محمد بن سلمان، فإن ذلك سيؤدي إلى زعزعة الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي أيضًا، على حد تعبيره.
وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أنه حتى اللحظة لا توجد بوادر “إيجابية” لإنهاء القضية بتبرئة ولي العهد بن سلمان، ذلك أن الأتراك يملكون الكثير من التسجيلات والدلائل والقرائن التي تقود إلى أن بن سلمان كان على معرفةٍ بخطة تصفية خاشقجي في القنصلية بإسطنبول، قائلا إن تركيا تقوم بدور فعال في تسريب المعلومات التي تُورط ابن سلمان وتجعل من قضية تبرئته من المسؤولية ضربًا من الخيال، وفقا لتعبيره.
وخلُص “بارئيل” إلى القول إنه من ناحية الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فإنه من الأحسن والأفضل أن يتوصل الرئيس الأمريكي ترامب، بضغط من الكونغرس الأمريكي، إلى نتيجة بأن ولي العهد بن سلمان ليس الشريك المفضل، بل تركيا.