جاء الاعتراف السعودي بحقيقة مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية البلاد في مدينة إسطنبول في صدارة عناوين الصحف العالمية لاسيما الأمريكية منها، التي تابعت قضية “خاشقجي” منذ أن تم وصفه بـ”الصوت المفقود” حتى بات “الصامت للأبد”.
ورغم محاولات الصحف سرد الرواية السعودية كما تم إعلانها، مساء الجمعة، وأفادت بمقتل “خاشقجي” إثر“شجار وتشابك بالأيدي” قبل 19 يوما داخل مقر القنصلية، إلا أن التشكيك في صحة تلك الرواية هو القاسم المشترك بين عدد من الصحف.
صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عنونت أنّ “ادعاءات السعودية بأن خاشقجي مات في شجار “يثير الشكوك الفورية”.
واعتبرت الصحيفة أنّ إعلان الحكومة السعودية أنّ ولي العهد محمد بن سلمان، سيشرف على تحقيق يحتاج نحو شهر آخر للانتهاء منه “يثير أيضا شكوكا مكثفة لإثارة تقارير استخباراتية وجود علاقة بين بن سلمان وعملية القتل”.
من جهتها، وصفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية الإعلان السعودي بأنه “أول اعتراف بمسؤوليتها عن القتل بعد صمت طويل” استمر 19 يوما نفت خلاله الرياض أية تورط لها في الواقعة.
وشددت على أن الإعلان يحمّل “الدائرة المقربة من محمد بن سلمان مسؤولية مقتل خاشقجي”.
وفيما تساءلت الشبكة عن مصير المفصولين من أعمالهم إثر الواقعة علاوة على المشتبه بهم الذين تم احتجازهم، أكدت أنّ “ما هو واضح أن وكالات الاستخبارات السعودية هي التي ستتحمل وطأة تبعات القضية”.
بدورها قالت شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية إن الرواية السعودية حول مقتل خاشقجي “تعارض الكثير من التقارير التي تحدثت عن كيفية مقتل خاشقجي داخل القنصلية، إضافة إلى الموقف السعودي الرسمي الذي تم الكشف عنه في بداية الحدث”.
وأشارت الشبكة في تقريرها إلى تصريحات بن سلمان لوكالة “بلومبيرغ” الأمريكية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، حيث أكد أنّ “الصحافي (خاشقجي) غادر القنصلية بعد فترة وجيزة من وصوله إليها”.
وتواصلت نبرة التشكيك في الرواية السعودية عبر تقارير صحيفة “يو إس أيه توداي” الأمريكية، التي نقلت السبت، عن السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال قوله: “التفسيرات التي قدمتها السعودية حول مقتل خاشقجي تتحدى أية مصداقية، العالم يستحق أن يقدم إليه تفسيرا، وألا يكون التفسير من طرف السعوديين”.
ونقلت وكالة “أسوشيتيد برس” الأمريكية عن شريف منصور، مسؤول باللجنة الدولية لحماية الصحفيين قوله إنّ ّالسعودية تعد “ثقباً أسود فيما يتعلق بالمعلومات (في إشارة إلى ممارستها التعتيم حول المعلومات)”.
وفي السياق، صنفت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية تحميل السعودية بعض مسؤوليها مقتل خاشقجي، بأنه “نوع من الجهود التي توقع خبراء الشرق الأوسط أن يلجأ إليها السعوديون للحد من الأضرار التي لحقت بصورة المملكة ومكانتها في العالم”.
وأفادت صحيفة “الإندبندت” البريطانية، بأن قضية خاشقجي “أفسدت صورة السعودية حول العالم”.
الإندبندت البريطانية: قضية خاشقجي أفسدت صورة السعودية حول العالم
وعلى هذا النحو من التداعيات، قالت صحيفة “تيليغراف” البريطانية أنّ ولي العهد السعودي “خسر مساعديه الرئيسيين إثر وفاة خاشقجي”.
في المقابل أشارت إلى أن ابن سلمان “في طريقه لنزع فتيل الأزمة الدبلوماسية لحماية العلاقات بين الرياض وواشنطن”.
وأعلنت الرياض، في الساعة الأولى من صباح السبت، مقتل الصحافي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده بإسطنبول إثر شجار مع مسؤولين سعوديين وتوقيف 18 شخصا كلهم سعوديون.
ولم توضح مكان جثمان خاشقجي الذي اختفى عقب دخوله قنصلية بلاده في 2 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، لإنهاء أوراق خاصة به.
وعلى خلفية الواقعة، أعفى العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، مسؤولين بارزين بينهم نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، والمستشار بالديوان الملكي، سعود بن عبدالله القحطاني، وتشكيل لجنة برئاسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة.
والجمعة، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، عن خطة من شأنها الدفع بنائب رئيس الاستخبارات العامة السعودية، المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، اللواء أحمد عسيري كـ”كبش فداء” في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.