سابقا .. وليس الأن، كان الاب يعلم ابنائه، الأكل في ماعون واحد، ويخبرهم بان الأكل الجماعي للأسرة، يجعل القلوب مجتمعه ولا تتفرق.
كان دائماً، تبقى لقمة اخيرة في الاناء الذي نأكل فيه، ليس لان الجميع يشعر بالشبع، وانما الجميع يشعر بالجوع، لكنه يعتقد ان أخاه أكثر جوعا منه، فيتركها له.
الجميع يعرف قصة العصى الواحدة تكسر بسهولة، ومجموعة عصي مجتمعة، حتى وان كان ضعيفة، يصعب كسرها، لكن اغلبنا يحاول ان يكون لوحده بمواجهة الصعاب، بالرغم من كون العدو واحد، وهدفه واحد.
خمسة عشر عاما غير كافية، لازالت الفوارق والمظلومية، يشعر بها جميع طبقات المجتمع، بكافة مكوناته.
ابن الجنوب، لا زالت كلمة "محافظات" تطرق سمعه، ولا يريد مغادرتها، بل الديمقراطية المنفلتة، جعلته يصرخ بصوت عالي، بانه كان مظلوم سابقا، ويريد ان يسترد حقه، فهو مصدر تمويل ميزانية العراق" ابو الخبزة" لكن ما هو هذا الحق وما هو معيار الرضا لديه، غير معلوم؟!
اما شمال العراق " الكرد" يعتبرون أنفسهم، بان بقائهم مع الدولة العراقية، فضل ومنة منهم على العراق، لأنهم ظلموا في زمن الحكومات السابقة، من خلال مجزرة حلبجة والانفال وغيرها، ولتعويض هذا الظلم، وعرفان بفضل البقاء، يجب ان يأخذوا ما يطلبون دون اعتراض.
في حين ان غرب العراق" السنه" فلا ينفكون من الصراخ " الظليمة الظليمة" باعتبار ان النظام الحالي، اخذ حقه المكتسب منذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921, حيث كانوا يحكمون البلاد منذ ذلك التاريخ لغاية عام 2003, لذلك يجب تعويضهم عن الواقع الجديد.
فيما راحت بغداد، تحاول ان تمسك بالقرار العراقي بقوة" ما تنطيهه" بالرغم من كون الدستور العراقي، يتحدث عن اللامركزية في ادارة البلد، فهي تعتقد بوجوب ان تكون السلطة والمال والقرار السياسي فيها، وبعكس ذلك فأنها تكون قد فرطت بحق عمره مئات السنين.
الجميع يشعر بالغبن، وبأن حقه مغتصب، لا بل متفضل على العراق بالبقاء فيه، لذلك بين الحين والاخر يرفع شعار الانفصال اما على شكل دولة كالكرد، او اقليم كالجنوب والغرب، والحقيقة الجميع من دون دولة اسمها العراق، يكونون في مهب الريح.
على الجميع ان ارادوا ان يحصلوا على حقهم، يجب ان يكون همهم وهدفهم غير مناطقي، فهذه سياسة خلقت لتفتت الدولة وتضعفها، ان أصبح العراق قوي، اصبحت كل أجزاءه قوية ايضا.