سلطت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية في مقال لها الضوء على تداعيات أزمة خاشقجي وآثارها داخل الديوان الملكي السعودي، الذي يمر بأزمة حقيقية غير مسبوقة قد تؤثر فعليا على نظام الحكم بالمملكة.
وتحت عنوان “قضية خاشقجي قد تخلّ بالخلافة”، قال محرر الشؤون الخارجية في الصحيفة ديفد غاردنر إن الملك سلمان -الذي فوض ولي عهده محمد بن سلمان بتسيير أمور البلاد- تدخل مرتين هذه السنة لتعديل قرارين اتخذهما نجله.
فقد أوقف خطة ولي عهده بشأن طرح نسبة من أسهم شركة أرامكو النفطية في الأسواق المالية، كما أكد مجددا الدعم العربي لدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، رغم أن ولي العهد قال للأميركيين والإسرائيليين إن بلاده لا ترى مشكلة في أن تصبح كل القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وذلك في خضم نقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب سفارة بلاده إلى هناك.
ولفت غاردنر إلى أن تينك القضيتين -مثل قضية خاشقجي- وصلتا إلى مسمع الملك، نظرا لردة الفعل الدولية عليهما وليس في إطار نقاش داخل العائلة الحاكمة؛ ولم يترك فيهما الحبل على الغارب لولي عهده.
لكنه نبه إلى أن أرامكو والقدس كانتا قضيتين سياستين في الأساس، أما قضية خاشقجي فلها آثار على خلافة العرش ومستقبل بيت آل سعود.
وذكّر الكاتب بأن محمد بن سلمان هو من أُعد ليحل محل والده الكبير في السن، لكن صورته كمصلح مزقتها جريمة قتل خاشقجي وما كشفت عنه من عجز مدو وغطرسة ووحشية فجة.
لكن لا يبدو -بحسب الكاتب- أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستعد للتخلي عن بن سلمان، بل يمكن لهذا الأخير الاعتماد على دعم ترامب له.
وأشار غاردنر في هذا الصدد إلى أن ما صدر عن الرئيس الأميركي من تهديد بإنزال “عقوبات شديدة” على الرياض، إنما هو ذرّ للرماد في العيون، هدفه تهدئة نواب الكونغرس الأميركي الغاضبين -على ما يبدو- لتخفيف مواقفهم المتطرفة.
فإدارة ترامب على سبيل المثال، أطلقت دعوة لإنهاء حرب الأمير محمد العقيمة في اليمن، على حد تعبير الكاتب، الذي أضاف أنه إذا ما تجاهل التحالف الذي تقوده السعودية دعوة واشنطن هذه، فمن المحتمل أن يصوّت الكونغرس على قرار يقضي بتعليق جميع مبيعات الأسلحة للسعودية.
ويبدو أيضا -وفقا للكاتب- أن واشنطن سوف تعيد إحياء خطتها لإنهاء الحصار الذي تفرضه السعودية على قطر.
وفي نهاية مقاله، تساءل الكاتب: ما الذي قد يفعله الملك سلمان الآن؟ ليرد على ذلك بقوله إن من التدابير الجلية التي يمكن أن يقوم بها الملك سلمان هو إعادة دور التشاور الداخلي في وسط العائلة المالكة كآلية لبناء التوافق.
وهذا ما سيستدعي -بحسب الكاتب- إعادة توزيع السلطة، لكن لا يبدو أن ذلك سيكون ممكنا في الوقت الحالي بعد انقلابات القصر التي شهدها العام المنصرم، والتي استهدفت سحق منافسي الأمير محمد على ولاية العرش.