8 سنوات مرت من عمر ثورة الياسمين التونسية، أولى ثورات الربيع العربي.. مسئولون بسويسرا وتونس كشفوا لـDW تفاصيل جديدة عن مصير الأموال "المشبوهة" للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن على وحاشيته المجمدة بسويسرا.
56 مليون فرنك سويسري (49.4 مليون يورو) من أموال حاشية الرئيس السابق زين العابدين بن على وزمرته لا تزال مجمدة إداريا في بنوك سويسرية، من المقرر البت في أمرها خلال الأسابيع المقبلة من قبل السلطات السويسرية، حسبما ذكرت وزارة الخارجية السويسرية في تصريحات لـDW عربية.
وأضافت الخارجية أن المجلس الفيدرالي السويسري - الجهة التنفيذية للحكومة الفيدرالية السويسرية - سيقوم بتقييم قرار التجميد الإداري (أي حكومي وغير قضائي) حول أصول الرئيس المخلوع وحاشيته قبل انتهاء فترة التجميد الحالية المقررة في يناير 2019.
وكان المجلس الفيدرالي السويسري جدد في ديسمبر 2017 تجميد أموال بن على وحاشيته لعام آخر على أن تنتهي تلك الفترة في يناير المقبل، وفق بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية السويسرية آنذاك، والتي علقت وقتها على قرارات اتخذتها سلطات قضائية لبعض الدول مثل تونس من أجل التوصل إلى تسوية مع الشخصيات محل الاتهام بأنها تشكل حلا بديلا.
وبموجب المادة رقم 6 من قانون الفيدرالية السويسرية حول تجميد ورد الأصول غير الشرعية المملوكة لشخصيات أجنبية، فإن مدة تجميد الأصول داخل بنوك سويسرا لا يجب أن تتعدى أربع سنوات، ولكن يحق للمجلس الفيدرالي أن يمدد فترة تجميد الأصول عاما آخر إذا أبدت حكومات تلك الدول رغبتها في التعاون في إطار المساعدة القانونية المتبادلة مع سويسرا، ولكن على ألا تزيد المدة الإجمالية للتجميد الإداري عن عشر سنوات. وبذلك يكون عام 2021 نهاية عمر التجميد.
ومن ثم، إذا أبدت السلطات التونسية رغبتها في الإبقاء على تجميد الأصول، فقد يسفر اجتماع المجلس الفيدرالي عن تمديد التجميد لعام آخر.
من جهته، قال وزير أموال الدولة التونسية السابق مبروك كورشيد، إنه يعتقد أن يتم تمديد قرار التجميد لعام آخر، ولاسيما أن طلب الحكومة التونسية بذلك موجود قبل مغادرته من منصبه في الوزارة المعنية بملف استرداد الأموال من الخارج في نوفمبر الماضي.
وتابع: "هناك سبب آخر (يمكن أن يسفر عن تمديد التجميد)، وهو أنه كان هناك اتفاق العام الماضي في واشنطن على أن تكون هناك آليات جديدة لتسريع استرداد الأموال".
وأوضح كورشيد أن عدد الشخصيات المجمدة أموالهم حاليا 8 أشخاص، من بينهم أصهار بن علي، وكانت السلطات التونسية قد طالبت الدول الأوروبية بتجميد أموال 48 شخصا عقب ثورة الياسمين، مضيفا أن سويسرا رفعت أسماء 40 شخصًا ليست لديهم أموال في بنوكها وأبقت على ثمانية آخرين.
وقال القاضي علي الهمامي المكلف العام بنزاعات الدولة في الجمهورية التونسية إن الحكومة قدمت طلبًا بخصوص تجميد الأموال كما قدموا المؤيدات على استمرار التجميد بناءً على من وزارة العدل التونسية، مشيرا إلى أن تجميد الأصول في الاتحاد الأوروبي ككل لا يقتصر فقط على كونه إداريا، بل أيضا بناء على قرارات قضائية بالتعاون بين الحكومة التونسية ودول الاتحاد.
وبالرغم من أن الحكومة السويسرية يمكن لها رفع التجميد الإداري عن بعض الأصول، فإن لها الحق في أن يظل المبلغ المفرج عنه بحوزتها إذا ما تطلب أن تخضع لمزيد من التحقيقات والإجراءات القانونية.
وردا على سؤال عن إلى أي مدى ساهم قانون المصالحة التونسي الإداري مع عدد الشخصيات ورجال الأعمال من عهد بن علي، في الإفراج عن بعض الأموال المجمدة، قالت الخارجية السويسرية: "لا يبدو أن المساعدة القانونية المتبادلة بين تونس وسويسرا مرتبطة بشكل مباشر بقانون المصالحة الإدارية التونسي".
وأكد الوزير السابق أنه تم الإفراج عن بعض الأموال في بنوك سويسرا بعد التوصل إلى تسوية بين الحكومة التونسية وبعض الشخصيات بشكل ودي، بعيدا عن إطار قانون المصالحة الإداري. وأضاف أن من بين الشخصيات التي تم التوصل معها إلى تسوية من أصهار بن علي مثل الرئيس السابق لنادي الترجي التونسي سليم شيبوب.
أما الهمامي، فأكد أن الحكومة لا تزال في مرحلتها الأولى من عقد لقاءات مع أصحاب الأموال من أجل التوصل إلى تسوية.
وعقب الثورة التونسية في 2011، أصدر مكتب النائب العام السويسري قرارًا بتجميد 60 مليون فرنك سويسري من أرصدة بن علي وحاشيته. ولكن في أبريل 2016، أعاد مكتب النائب العام السويسري مبلغا بقيمة 250 ألف فرنك سويسري إلى تونس. وفي أبريل 2017 أيضا، بموجب طلب بالمساعدات القانونية من السلطات التونسية، رفع النائب العام السويسري التجميد عن 3.5 مليون يورو بالأرصدة المجمدة وتمت إعادتها إلى دولة تونس.
وبذلك يتبقى نحو 56 مليون فرنك قيد التحقيقات في بنوك سويسرية (وهو ما يمثل 4% من الموازنة العامة للعام الحالي في تونس والبالغة 13 مليارا و882 مليون فرنك سويسري).
وتعقيبا على تقارير وسائل إعلام تونسية أفصحت عن رغبة بن علي في العودة إلى بلاده وإعادة محاكمته، قالت وزارة الخارجية السويسرية: "إذا كانت عودة بن علي أو أي شخص آخر يخضع للإجراءات الجنائية إلى تونس يسهل إصدار القرارات في تونس، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي على إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة".
ويرى الهمامي أن رجوع بن علي وإعادة محاكمته قد تساعد في استرجاع الأموال، ويمكن بعدها أن يكون هناك تصالح ودي "إذا كانت هنالك نية صادقة لإرجاع الأموال".
بدوره، قال مكتب النائب العام السويسري إن الإجراءات القانونية وفقا للمساعدات القانونية المتبادلة بين الحكومة الفيدرالية والسلطات التونسية بشأن تجميد هذا المبلغ "لا تزال قائمة".
وامتنع مكتب النائب العام السويسري عن الإفصاح عن عدد وأبرز الشخصيات من حاشية الرئيس المخلوع المجمدة أموالهم في سؤال وجهته إليه DW، كما لم يفد المكتب عن الإجراءات التي قد يتم اتخاذها في حالة وفاة أحد الأشخاص محل الاتهام.
وبالنسبة للقانون التونسي، فإن قضايا أموال الدولة لا تسقط بالتقادم ولا بوفاة أحد الأشخاص المجمدة أموالهم، بل تؤخذ من ورثته إذا ثبت الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، وفقا للهمامي.
ووفقا للنظام السويسري، هناك 3 هيئات معنية بالأصول المجمدة، حسبما صرح مكتب المدعي العام السويسري، أولا، مكتب وزارة العدل الفيدرالية، من خلال تفويض لمكتب النائب العام، ويكون معنيا بالمساعدات القانونية المتبادلة بين سويسرا وبين دول الشخصيات المجمدة أموالهم في القضايا الجنائية.
كما يتولى مكتب النائب العام المسئولية عن تجميد الأصول فيما يتعلق بهذه الإجراءات بالتعاون مع وزارة الخارجية السويسرية التي بدورها تختص بالتجميد الإداري بموجب قرار من الحكومة السويسرية.
وعقب اندلاع ثورات الربيع العربي، أعلنت وزارة الخارجية السويسرية في مارس 2011 عن تجميد نحو مليار دولار أمريكي (882.1 مليون يورو) ببنوك سويسرية ومملوكة لزعماء دول الربيع العربي المطاح بهم. وكان نصيب بن على وعائلته قدر وقتها بنحو 53 مليون يورو.
وأول مبلغ استردته تونس من الأموال المهربة كان عقب الثورة بثلاث سنوات، حيث أعلنت مبادرة استرداد الأموال المنهوبة التابعة للأمم المتحدة في أبريل 2013 عن تسليم الحكومة التونسية شيكا بمقدار 28.8 مليون دولار أمريكي من أرصدة زوجة بن علي، ليلى الطرابلسي، في بنوك لبنانية.
وكالات