أثارت قضية موت الصحفي التونسي عبد الرازق الرزقي حرقًا، يعمل مصورًا لدى إحدى القنوات التلفزية الخاصة «تلفزة تي.في»، العديد من الأسئلة وأخطرها أن الصحفي لم يقم بحرق نفسه وإنما هناك من يقف وراء عملية الحرق.
وفتحت النيابة العامة في محافظة القصرين، جنوب تحقيقا موسعا في ظروف وملابسات هذه الجريمة التي لفها الغموض منذ بدايتها.
وكانت وقائع القضية قد انطلقت يوم الإثنين 24 ديسمبر، عندما تم بث مباشر لشريط فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يبدو فيه الصحفي التونسي عبد الرازق الرزقي وهو يتحدث أمام كاميرا ويقول إنه سوف يحرق نفسه احتجاجا على الظروف السيئة التي يعيشها قطاع الصحافة والإعلام في تونس من مصاعب مهنية ومادية مذلة مع أصحاب القنوات الخاصة، كما يدعو في هذا الفيديو كافة المواطنين في تونس وخاصة بالقصرين إلى التحرك والتظاهر وحرق الإطارات المطاطية احتجاجا على كافة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
وعلم مراسل «فيتو» بتونس، أن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة هناك تستند إلى صور تظهر أن هناك شخصا كان يقف خلف الصحفى المذكور وأن الدلائل تشير إلى أنه هو من قام بإلقاء البنزين عليه وإشعال النار فيه وتركه يركض في شوارع مدينة القصرين حتى سقوطه ونقله من قبل الأهالي إلى أحد المستشفيات حيث توفى فيها بعد وصوله إليها.
وتسود حاليا مدينة القصرين بالجنوب التونسي مظاهرات حاشدة يقوم فيها المواطنين بإحراق الإطارات المطاطية، فيما تقوم قوات الأمن التونسية بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين لتفريقهم.
وقد عقدت نقابة الصحفيين التونسيين اجتماعا لها قررت في ختامه إعلان يوم 14 يناير القادم، والذي يصادف يوم مغادرة الرئيس الأسبق زين العابدين بن على الاراضي التونسية، إضرابا عاما في قطاع الصحافة تحت عنوان (إضراب الكرامة)، كما أكد نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغورى لدى مشاركته اليوم في جنازة الصحفى الرزقى في محافظة القصرين التي تبعد عن العاصمة التونسية نحو 500 كلم، أن النقابة ستوجه رسالة قوية جدا في حجم اللوعة التي خلفتها وفاة الرزقي، للمؤسسات الإعلامية التونسية التي لا تحترم قوانين الشغل وجهد وعرق الصحفيين والمصورين، ورسالة أخرى إلى الحكومة التي أعطت العديد من الوعود يوم 14 يناير 2017 ولم تف بها وبقيت حبرا على ورق.
من ناحيتها قالت الناطقة الرسمية باسم التحرك الوطني لمناهضة الإرهاب، بثينة القراقبة، إن مشهد حرق المراسل الصحفي لنفسه يمثل صورة كاملة متكاملة معبرة عن ثماني سنوات من العجز، الذي أصبح واضحا جليا بالأرقام والمعطيات.
وأضافت في تصريحات صحفية، أن تفكير الصحفي في الانتحار يشبه انتحار الحرية في تونس، التي قامت عليها انتفاضة الشعب التونسي في 17 ديسمبر 2010، والتي أوقدها البوعزيزي، وأنها انتحرت يوم 24 ديسمبر 2018.
وتابعت، أن "انتحار الصحفي حرقا، هو أخطر وأكثر رمزية من حرق البوعزيزي لنفسه، لأن البوعزيزي أحرق نفسه، في فترة يسميها ثوار اليوم فترة ديكتاتورية، وأن الوضع الراهن يشهد الكثير من التراجع وعدم القدرة على حل مشكلات المواطن، فيما تطالب "جماعة النهضة" بصرف تعويضات لأعضائها".