إذن، لتوفير ظروف وشروط أفضل للممارسة والفعل من داخل هذه التنظيمات، ينبغي:
تعزيز انتماء ومشاركة الشباب في مجتمعهم وهمومه وقضاياه.
تنمية قدراتهم ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية، مما يتيح لهم التعرف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع.
تمكينهم من التعبير عن آرائهم و أفكارهم في القضايا العامة التي تهم المجتمع.
توفير الفضاء والفرص المتاحة في أداء الخدمات والاهتمام بمشاكلهم ومشاكل المجتمع بأنفسهم،
منحهم فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي تحتاجها البلاد، و المشاركة في اتخاذ القرارات،
ففي ظل توفير هذه الشروط، أمكن الحديث عن وجود مجتمع مدني قوي ومستقل ومهني، يكمن في النأي بنفسه عن كل الاصطفاف والانحياز الإيديولوجية والسياسية الضيقة، وتشبثه بأطروحاته المهنية والحقوقية، ليضع بينه وبين السلطة ومواليها ومعارضيها بونا يحول دون المنافسة لها، كي يضمن لنفسه هامشا من الحرية في أداء مهامه والقيام بالوظائف المنوطة به، دون أن يعني اتخاذه موقفا حياديا إزاء الحقوق والحريات، طمأنة لجميع الفرقاء، لاسيما السياسيين منهم، بأن المجتمع المدني ورموزه لا يشكلون خطرا عليهم أو على السياسة بإقحام أنفسهم للحصول على بعض المكاسب أو المناصب، وبذلك يكون المجتمع المدني قد حقق تمسكه بوظيفته في الرصد والمراقبة والاحتجاج والاعتراض والاقتراح لبدائل عما هو قائم، يساعد ذلك في إنتاج مواقفه المستقلة والناقدة تجعل منه شريكا وضامنا في الآن ذاته لديمومة عملية التغيير، على الرغم من الالتباس في هذا الدور وصعوبته،
من أجل مجتمع مدني قوي ودينامي.
دخل المغرب منذ مطلع القرن العشرين في مخاض تحولات توعية شاملة، متلاحقة، ومتصارعة تراوحت بين العنف اللطيف والعنف الحاد، تحولات كانت تأثيراتها العنيفة تتزايد كلما تعلق الأمر بتفكك للبنيات التقليدية: التنظيم القبلي، وبنيات القرابة، والبنيات العقارية، وأنماط الملكية، والتراتبية الاجتماعية التقليدية القائمة على الحظوة والشرف، وكذا البنيات السلوكية والذهنية والإدراكية ومنظومة القيم المحايثة لها.
للخروج من سيطرة السلطة على الموارد وإلغاء أدوار ووظائف المجتمع المدني، وكل الأشكال المرتبطة بأهواء التحكم المستبد في أدائه لخطابه وممارساته تحاول السلطة فيه أن تخضع جميع المؤسسات لسيطرتها وتشويه المجتمع المدني وتفكيكه واستمرار التدمير المنهجي لركائزه،
إن البناء لثقافة مدنية هي ركيزة أساس لحل الأزمات المجتمعية في انسجام وملائمة مع المواثيق والمعاهدات الدولية، لأجل ثقافة تقوم على توجيه وتأهيل الشباب الذين هم أجيال المستقبل وطليعة المجتمع وعموده الفقري وقوته النشيطة والفعالة والقادرة على تعميق التعددية والتفاعل وبعث روح المبادرة والمشاركة الطوعية بغية ترسيخ مؤسسات وتنظيمات مدنية عصرية ومتحررة من قمع السلطة وكل من يدور في فلكها، بالرفع من مستوى الوعي والمسؤولية والجدية والتفاني في العمل من داخلها، وجعلها قوة نشيطة وحيوية مؤثرة وقادرة على مواجهة التحديات وتذليل الصعاب تسمح بالرقي والتطور.
إن الانخراط والانتماء إليه يساعد على حرية اكتساب الرأي والرأي الآخر وقبول الاختلاف، والانتقال من الفر دانية والشخصانية والمركزية للرأي وللقرار إلى الاندماج في الجماعة
ما يساعد على بلورة التعددية بواسطة ثقافة الحوار والتسامح والاحترام كأساس مركزي في ثقافة المجتمع المدني، التي تدعم وترسخ البناء الفكري للشباب في وجه كل تحديات والتحولات والتغيرات الحاصلة، مما يضاعف المسؤولية المجتمعية المنوط بتنظيماته الجمعوية تجاه الشباب ليلعب دورا أساسيا تكامليا مع أدوار أجهزة الدولة وغيرها.
وكما يقول الدكتور سعيد بنسعيد العلوي: والحال أن الصورة التي يستوجبها المستقبل القريب، في الغد المنظور، تستوجب انخراطا وانشغالا على أسس من العقلانية والواقعية، إن لم نقل لدواعي براجماتية مقبولة في الوجود الاجتماعي للبشر ... يتبع
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية