وجهة لي دعوة لحضور ندوة تختص في الإدارة وهي ندوة قدم فيها أحد كبار عقول الدولة ومستشاريها واحد اعضاء اهم اللجان والتي تختص في الإدارة، حضرت وانا متفائل واحمل فرحة حبيسة الصدر تنتظر ان تستمع لفحوى بحث إداري فذ يقدمه اخيار الدولة واعلامها وكنت انصت لكل كلمة وحين بدأ الأستاذ في حديثه اختار ان يذكر بعض الأسماء الرنانة من المستشارين واصحاب الألقاب والمقامات وكان البحث يدور في فلك التغيير وكيف ان التغيير هو الحل الامثل لجميع مشكلات البلد وحين أوشك البحث على نهايته عرج الأستاذ المحاضر على تطبيق عملي وتناوله بفخر لكونه صانع احد القرارات المهمة في موضوع أصحاب العقود وانتهى حيث انتهى المثال التطبيقي وسمح للحضور بالمداخلات وكان القاسم المشترك بين المتداخلين هو الكثير من كلمة تغيير واهدار الوقت بكلام فارغ ليس له علاقة بصلب الموضوع ولكن له علاقة بالمتحدث وانجازاته وعقدة النقص التي أصبحت متلازمة لا تفارق الكثير وعلى العموم وعلى غير عادة طلبت التداخل وقلت بعد تعريف نفسي وبما معناه انك تبني بحثك على اساس إهدار الوقت والجهد والمال فالتغيير له سلبيات كثيرة وتكاليفه كبيرة وتضحياته اكبر وآثاره على المجتمع غير محمودة إضافة إلى ذلك انك ستواجه مشكلة مع السلطة فالقادة في منطقة الراحة وليس هناك ما يجبرهم حاليا على تركهم هذه المنطقة إلى مناطق اقل أمننا والمعروف ان التغيير يقود إلى مناطق قلقة وخاصة على مستوى القيادة، فقاطعني الأستاذ بقوله واقتبس انا اول مرة اقاطع فيها متداخل انتهى الاقتباس وحاول الأستاذ تسويف المداخلة لكني طلبت بحزم ان يسمح لي كما سمح لغيري ثم إن له مطلق الحرية بالرد كما هو المتداول في مثل هذه الندوات، ثم اكملت قائلا ان عليك اختيار التطوير قبل التغيير لعدة اسباب وأهمها ان الدولة الان تتجه بقشورها نحو الرأسمالية وتحتفظ ببدنها الاشتراكي المترهل على حاله والحل اننا يجب أن نحلل وندرس كل مؤسسة على حده فالتي تعتبر ناجحة نتركها ونذهب إلى المؤسسات الغير ناجحة ونحاول انجاحها بالتطوير مع الابقاء على نظامها أيا كان فأن لم نستطيع فعلينا باستعمال التغيير او الهيكلة بالجراحة الاستئصالية... ان بعض تجارب العالم في الخلط الناجح بين الاشتراكية والرأسمالية تشجع على الانتقال من الأولى إلى الثانية بسلاسة من خلال التحسين والتطوير المستمر وتحذر من اللجوء إلى الصدمات والتحويل السريع بالتغيير المفاجئ، التطوير هو جزء من التغيير ولكنه أسهل في التنفيذ والتطبيق ومعروف انه لا يسبب مشاكل لدى القادة في المضغ والهضم.، ان اقل عملية انتقال سلس بين نظامين تحتاج إلى عشر سنين.. كان رد المتداخلين بعدي يدور في فلك التطوير بعد تركه محيط التغيير الا البعض من ماسحي الأكتاف الذين لا زالوا ينادون بالتغيير منذ عام ٢٠٠٣ والذين يربطون بقائهم في عمق السلطة ببقاء قادتهم على رأس السلطة، هؤلاء هم الأولى بأن نطبق عليهم نظرية التغيير.
اخوكم مظهر الغيثي