التاريخ يكتبه الأقوياء، وفي احيان يكتبه الحمير، وقد يكتبه المرتزقة والمتطرفون والأغبياء والباحثون عن الشهرة، وقد لايعبأ الحمار حين يكتب التاريخ بالنتائج، ولابالأسئلة المحرجة، والحمار ليس كالإنسان. فهو لايهتم بمايكتبه التاريخ عنه، فالتاريخ يكتب ماشاء عن سلوك الحمير، وأنواعها وإستخداماتها، وربما كان للحمير أن تفخر إنها اذكى المخلوقات بعد الإنسان، كما إنها ذكرت في القرآن الكريم لبيان نوع إستخدامها كما في قوله تعالى، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة. كما ذكرت لبيان الإعتبار والإعجاز الإلهي وإحياء الموتى كما في قصة العزير حين أماته الله العزير لمائة عام، ثم أحياه، وامره أن ينظر الى طعامه، والى حماره.
هناك نوع من المسخ الذي يعاقبه الرب، كما في قوله تعالى. كونوا قردة خاسئين. وهناك من البشر من يسابق الحيوان في حيوانيته، ولايعبأ بقانون ولاضمير ولادين ولاخوف من الله، فتراه يظلم ويقمع ويستولي على الأموال والضياع، ويتسلط في الحكم، ولايغادره حتى يموت، أو بالقوة القاهرة، وهناك من يسرق الحقوق، ولايؤدي الواجبات التي عليه، ويهدر أموال الناس، ولايخلص في مسؤوليته، ويتماهل، ويتكاسل، ويترك الأمور بلاتنظيم، ولارعاية، ولاأدنى إهتمام.
الحمار من هذا النوع يوغل في السرقة والتسلط والقتل والإستعباد، ويجر معه أعدادا كبيرة من الحمير الذين يمجدونه، ويدافعون عنه ويحبونه، ويبكون عليه بدموع من نار ودماء ومن طين أحيانا، ويتجاهلون مظالمه وجبروته، ويبررون له طغيانه، فيستحقون ان يكونوا بمنزلة الظالم في الآخرة، ويحشرون محشره، وفي الحديث الشريف.من أعان ظالما ولو بكلمة أدخله الله مدخله يوم القيامة.
الإنسان حين يفعل الخطايا ، ويرتكب الموبقات، ويعتدي على الحقوق، ولايخشى الله في عباده فإنه يتحول الى نوع من البهيمية التي لاأمل في الشفاء منها. الإنسان مكلف أن يسمو، لاأن يتسافل، ويتخلق بالمحامد كلها، ويفعل الخير، لكن الكثير من البشر يبحثون عن الزائل، وينسون الدائم، ولايفكرون إلا في الكثير المنقطع.
هادي جلو مرعي