زيارة السيد الروحاني الأخيرة وصفت بالتاريخية من البعض ، والبعض الأخر لم يكن متفائل منها لدرجة كبيرة ووصفها بالكلاسيكية أو بالشكلية حالها كحال الكثير من الزيارات الرسمية التي شهدنها في الآونة الأخيرة، وحتى في اغلب الفترات السابقة ، وبين هذا وذلك هل تحققت المصلحة للبلد وأهله من وراء هذه الزيارات ؟ .
إيران واغلب الدولة الإقليمية والدولية لديها مصالح في البلد ، لسبب بسيط جدا بلدنا خيراته وثرواته لا تعد ولا تحصى ، وموقع جغرافي ستراتيجي واليوم وضع العلاقات الثنائية مع اغلب هذه الدول في مستويات جيدة جدا وتربطنا معها عدة روابط في عدة مجالات ، لكن مازالت هناك بعض الملفات بحاجة إلى حلول مع بعضها ، ومع إيران كملف ترسيم الحدود المائية والبرية ، وحقول النفط ، وغيرها من الملفات الأخرى ، ومصلحة بلدنا تقتضي اليوم تعزيز التعاون المشترك أكثر من كل الأوقات السابقة مع كل الإطراف ، وان تكون علاقتنا حيادية مستقلة عن الآخرين مبنية على أساس الاحترام المتبادل وحسن الجوار ، بسبب تصاعد حدة الصراعات والتهديدات بين أمريكا وحلفائها ضد إيران ، وأيضا مساعي أمريكا بالمواجهة التدخل والنفوذ الإيرانية في العراق والفصائل المسلحة المرتبط بها هذا من جانب .
جانب أخر وضع البلد العام منذ السقوط ليومنا هذا معقد للغاية ولدينا مشاكل جمة في مختلف النواحي والجوانب ،وقابل للانفجار في إي لحظة أو الانهيار في إي لحظة ، ولا يحتمل أزمات أخرى ،ولا ساحة للتصفية الحسابات ،،بل نعمل ونسير في الجهة التي تكون مصلحة البلد ، ونترك السير في طريق لا يخدم البلد وأهله ،
لذلك نحن في أمس الحاجة لدعم الآخرين في أعادة استقرار وأعمار البلد ، ووضع حلول لمشاكلنا المتراكمة منذ عهود طويلة .
السبب الأول والأخير الذي جعل هذه الزيارة وغيرها من الزيارات إن تكون شكلية روتينية هو الطرف الأول وليس الثاني بمعنى أخر وأدق هي حكومة الأحزاب الحاكمة التي فشلت فشلا كبيرا في أدارة الدولة ومؤسساتها، واستثمار عدة أوراق للاستفادة منها في طاولة التفاوض والحوار من اجل مصلحة البلد كورقة الاقتصادية أو التجارية مثلا ، لكنها بقيت بين صراع السلطة والنفوذ ، وتقاسم الغنائم والمكاسب ، وتركت مصلحة البلد للحسابات الآخرين .
قد يقول قائل إن اغلب الأحزاب الحاكمة لديها ارتباطات خارجية ، وهو السبب الأول والأخير لدمار العراق وقتل أهله ، وفشلها في عملها ، فإذا كانت هذه حجة من يحكمنا ، فهي أيضا دليل إدانة ومع سبق الإصرار ، في حين هناك رؤؤس دول او أحزاب متهمة بعلاقتها الخارجية ، لكنها حققت الكثير لبلدانها ، والأمثال لا تعد ولا تحصى على هذا الحالة .
هذه الزيارة وغيرها لم تحقق لنا نتائج ملموسة ، إلا إذا كانت لدينا حكومة قوية وحكيمة تعرف من أين تأكل الكعكة من هذه الزيارات ، وتحقيق المصلحة للبلد وأهله ؟ .
ماهر ضياء محيي الدين