تنتشر ظاهرة الزواج السري بشكل لافت في المجتمع الموريتاني وخصوصا في شريحة " البيظان" العنصر العربي، حيث يستخدمه بعض رجالهم للالتفاف علي الشرط الذي عادة ما تضعه العروس عند عقد قرانها بأن "لا سابقة ولا لاحقة" أي أن يكون العريس غير مرتبط بزوجة سابقة ولن يرتبط بأخرى لاحقة.
دوافع عديدة – أساسها اقتصادي - تدفع بالبعض لاختبار التجربة، فبالنسبة للشاب العاطل عن العمل، والعازف عن العلاقات الجنسية الخارجة عن القانون، هذا الزواج الذي لا يتطلب تكاليف تُذكر هو بديل شرعي عن زواج يتطلب إنفاق أموال طائلة، ونفس الشيء بالنسبة للسيدة المطلقة التي هجرها زوجها السابق وتخلى عن إعالة أبناءه منها، وكذلك بالنسبة للفتاة التي فاتها قطار الزواج، فهي تُقبل عليه مضطرة خوفا من شبح العنوسة. حسب الباحث في الشؤون الاجتماعية محمد الأمين ولد الراجل.
وقد اختلف فقهاء الدين في حكم النكاح أو الزواج السري إلى قولين متباينين، أحدهما يقول بجوازه و هو قول أغلب جمهور العلماء، والآخر يقول ببطلانه وهو مشهور المذهب المالكي ( المذهب الرسمي لساكنة البلد ) لكن الراجح هو أن الزواج السري جائز مع الكراهية، كما ذهب إلى ذلك معظم الفقهاء، وعلماء الدين، وذلك حسب ما أفاد به إمام جامع الهدى في دار النعيم في العاصمة نواكشوط الأستاذ عبد الله ولد فتى.
CNN بالعربية طرقت أبواب وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة واتصلت بمسؤول الإعلام سيدي ولد بياده الذي أكد أنه لا تتوفر لدى الوزارة أي معطيات دقيقة عن هذه الظاهرة بفعل طبيعتها التي تفرض التكتم عليها، لكن الوزارة تتدخل في معالجة مخلفات الظاهرة، عندما ينتفي طابع السرية عنها، ويقرر أحد أطراف الزواج الشكوى من الطرف الآخر،نتيجة خلاف حصل بينهما، وعادة ما تكون المرأة هي الطرف الشاكي وهي تريد إلحاق نسب ابنها من أبيه الذي كان يتزوجها سرا، يقول المسؤول.
ومن أمثلة هذا الزواج، نجد سلمها منت محمد المختار(38 سنة )، صاحبة محل تجاري في سوق العاصمة، تقطن في مقاطعة توجنين ( بوحديده ) قبلت التصريح لنا دون تصويرها، سبقت وأن مارست التجربة مع شاب يصغرها بـ 13 سنة وقد خرجت من التجربة ببنت تدخل بعد شهر عامها الرابع، وهي وحيدتها.
تقول إنها عاشت لسنتين في ظل الزواج السري، كان زوجها حينها يُحضّر لدخول الجامعة، ورغم أن زوجها الشاب لم يُعلن عن زواجه بها ولم يُبلغ أهله به إلا بعد أن بان حملها، فإنها كانت تجربة مميزة و جميلة، رغم ملامة العواذل من صديقاتها و قريباتها حسب قولها.
وتدافع آمنة منت المختار، ناشطة حقوقية موريتانية، عن حقوق النساء اللائي يمرن بالزواج السري، وقد قررت إنشاء منظمة " رابطة النساء معيلات الأسر" بعد أن كانت شاهدة علي قصة " تراجيدية" مؤلمة، كان سببها الزواج السري، عندما حضرتْ جلسة محاكمة إثبات نسب رفعتها سيدة -كانت متزوجة سرا-علي زوجها السابق الذي تنكر لابنه منها، لكن القضاء خذلها وحكم لغير صالحها، فأصيبت السيدة بنوبة قلبية فارقت الحياة على إثرها.