(عبد المجيد رشيدي..وكالة العرب) يعد فنان الخط العربي ثروة فنية وجمالية وتراثية يجب الاهتمام بها ، والفنان”يونس بنضريف” ، أحد الممثلين لتلك الثروة الفنية والجمالية ، وأحد المحلقين بالحرف العربي في سماء المغرب ، والذي يؤكد أن رسم الحرف العربي ، أو ما يعرف بفن الخط العربي هو من أدق الفنون التي عرفتها البشرية حتى الآن ، من حيث ضبط مسافاته وأبعاده وبنائه الهندسي ، إلى الدرجة التي تحدد فيها مهارة الفنان التشكيلي والخطاط بمدى حرصه على تجنب أي انحرافات ولو بسيطة جدا في رسمه للخط والحرف العربي ، وهو في رأيه ما لا يتصف أو يتوافر في أي فن من فنون العالم الأخرى.
الخطاط بنضريف حدثنا عن مجموعة من التجارب في حياته ومساره الفني العامر الذي حمل هم الخط العربي ، عشقه ، تطويره ، تلك اللحظات التي نقف إجلالا لها ، لأنها تحمل خبرة تلك السنوات الحافلة من عمره التي قضاها عاشقا للحرف العربي ، منتجا للكثير من اللوحات ، بأنماطها المختلفة ، الأصيلة ، والحروفية ، والحديثة ، حقا لقد اكتسب الخط العربي من روحه ، أنفاسا زكية تساعده على المضي إلى الأمام قوياً شامخا.
وعن بداياته وتعرفه على الخط العربي ، قال بنضريف ، أنه كان يتدرب في ورشات بدور الشباب وهو في سن الثانية عشر ،
وبفضل تشجيعات العائلة وتوجيهاتها ، ازداد ولعه أكثر بالخط ، أما بالنسبة إلى الكتابة بالقواعد فبدأها سنة 1998 بتوجيه من أساتذته ، ومن تم انتقل إلى الخطوط الأخرى ، ليجد نفسه ملتصقا بخط الثلث الذي وجد ضالته فيه ، حيث يعتبر من الخطوط القوية والقابلة للتشكيل .
يونس بنضريف يدمج أنواع الخط العربي بمهارة فريدة بالفن التشكيلي ، ويقول إنه مازال نقطة في بحر الخط العربي ، بالرغم من أنه بدأ ممارسته عدة سنوات ، ويرى أن الأمل مهم في حياة أي فنان ، لأنه الدافع نحو الاستمرار في العطاء.
يونس بنضريف شاب إبن مدينة الدارالبيضاء ، يقول عن نفسه أنه مازال نقطة في بحر الخط الواسع ، وهذه النقطة مازالت تطفو على السطح منذ سنين ، ويوضح بنضريف أنه لازال في مرحلة التعليم حتى الآن ، ويقول : بحر الخط لا نهاية له ، يحتاج جهدا كبيرا وإنتاجا غنيا إلى جانب المثابرة ، وأنمنى أن أعبر بلوحاتي عن هذا الفن بالشكل اللائق.
ويشير بنضريف إلى أنه يستوحي عباراته من القرآن الكريم ، و الأبيات الشعرية ، أو من الأقوال المأثورة ، ويؤكد أن الخطاط يمكن أن يكتب لوحته بلون واحد أو بعدة ألوان .
ومن جانب آخر ، أوضح بنضريف ، أنه يجب على كل خطاط أن يبدع ويتعلم ويثابر على القواعد الرئيسية ، ومن ثم يمكن أن يوجد لنفسه بعض التكوينات ، أو أن يُخرجَ الفكرة التي في داخله ، كما أشار أن الشيء الجميل دائما يلفت انتباه الانسان ، لذلك فإن الكلام الجميل سيدخل إلى القلب بسرعة ، والوسيلة التي يمكن أن يعبر بها أي شخص هي انتقاء الأقوال ، وهذه الأقوال ربما تكون حالة مررت بها ، أو رسالة تريد أن توصلها إلى شخص ما ، وهو تعبير عن الإصرار بالأمل نحو النجاح والمستقبل.
يونس بنضريف أشار كذلك ، على أن الأمل مهم في حياة أي فنان ، لأنه بدون أمل لا توجد استمرارية ، ولا يمكن أن يكتب أو يرسم ، يمكن أن تكون هناك عقبات كثيرة ، ولكن إذا كان لدى الشخص أمل في الوصول إلى شيء ما ، فلابد أن يصر عليه ، لأن بلوغ الطموح والقمة سيكون حقيقيا إذا كان الأمل موجود
بنضريف مستمر في رحلة الخط العربي ، فهو المرآة التي يراه الناس من خلالها ، سيستمر بكل إصرار وطموح ، وفي أي مكان كان هناك علم يخص الخط سيحاول أن يستفيد من ثمراته التي تعطيه النجاح .
الفنان يونس بنضريف ، شارك في مجموعة من المعارض الوطنية والدولية ، رفقة مجموعة من الفنانين المغاربة الذين يشتغلون في مجال الخط والرسم ، كما حاز على مجموعة من الجوائز والشواهد التقديرية
يبقى الخط من أقوى الفنون حيت تكمن قوته في صنع الجمال بقلم ولون واحد ، ما يصطلح عليه سواد في بياض عكس الفن التشكيلي الذي يحتاج ممارسه إلى استدعاء الألوان و المواد والتقنيات للتعبير أولا ولصنع الجمال ثانيا ، وهو من أصعب الفنون ، حيت يستلزم تدريبا يوميا ، فيما الخطاط كلما تدرب يوما ، يتقدم خطوة إلى الأمام واذا ترك التدربب ، يتراجع مستواه خطوتين إلى الوراء .
بنضريف يطمح ليخلد بصمته و يصل للعالمية لكن الطموح الأول للخطاط الحقيقي هو تخليد مصحف بخط يده .
ويضيف بالنسبة لي أتمنى التفرغ أكثر للخط العربي ونشره وجعل المدرسة المغربية تنافس كبريات المدارس العالمية كالمدرسة العراقية أو المصرية أو التركية ، لذلك فأنا أعمل حاليا على تطوير طرق للتلقين تستجيب لمتطلبات العصر ، حيت أن طريقة المشيخة التقليدية أصبحت تشكل عائقا أمام تلقين الخط ، فالأستاذ لم يعد ذلك الأستاذ الذي كان يشبه إلى حد كبير شيوخ الطرق الصوفية ، لذلك وجب التفكير في طرق جديدة تساير هذا التطور .
عندما نرى حروفا جميلة فإن ذلك يغذي أذواقنا ويجعلها تتطور ، والإنسان الثري ثقافيا يعيش حالة امتلاء ، وسيكون حرا واثقا من نفسه يسير نحو الارتقاء والإبداع ، لأن اهتمام الشخص بالخط ، إنما هو إثراء للكل.