المواقف الرسمية لأغلب الدول تصب في تهدئة الأزمة القائمة بين أمريكا وإيران ، وعدم تصعيد الأمور نحو المواجهة ، لكن اغلب هذه المواقف ذات إبعاد سياسية وإعلامية بحتة .
قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم للوهلة الأولى وبسرعة فائقة ، وبدون تفكير معمق للأمور الجهات التي تستفيد من الحرب الأمريكية على إيران ، وهي معروفه من الجميع أولها إسرائيل ودول أخرى مثل السعودية والإمارات والبحرين ، وهذه الدول لا تتوقف مواقفها على قرع طبول الحرب وحسب ، بل تسعى وتدعم أمريكا على ضرب إيران ماديا وسياسيا ، وحتى المشاركة بقواتها في هذه الحرب أو المواجهة ، لكن في المقابل هناك اطراف تترقب سير الإحداث عن كثب ، وتريد إن تصل الأوضاع إلى أكثر من قرع طبول الحرب ، وهي المواجهة العسكرية المباشرة بين الطرفين ،ومهما كانت النتائج أو العواقب ، ومن المنتصر أو الخاسر من النزاع المرتقب الأهم لها تحقق من ورائه مكاسب أو منافع شتى،لان الكل متيقن أنها حربا خاسرة للطرفان، وستدخل المناطق بأسرها في حسابات أخرى ، وهذه الجهات تأتي في مقدمتها روسيا وتركيا والصين في جانب ، وفي جانب أخرى اغلب دول الاتحاد الأوربي ، ولكل طرفا حسابات معينة في قيام الحرب،وعدم حلها سلميا لأسباب عدة، لهذا نجد مواقف دول الصف الأول في الحلف السعودية والإمارات ،وحتى إسرائيل تؤيد نشوب الحرب ، وتؤيد خيار الحل السلمي ، وعدم تأزم الأوضاع ، لأنها تخشى عواقب وويلات الحرب ، والدخول في دهاليزها المظلمة .
لعل الأسباب التي وراء رغبات هذه الدول بان تكون هناك حربا مشتعلة بين الجانبين تحرق الأخضر واليابس كثيرة جدا ، ففي خسارة الطرفان أو الإضرار التي ستلحق بهما نتيجة هذه المواجهة بطبيعة الحال ستكون مهولة جدا ، وبالأخص روسيا ،لان كلا الدولتين تمتلك أسلحة متطورة وفتاكة ،وخصوصا خسارة الجانب الأمريكي أمر وارد جدا ، ففي تجارب سابقة خسرت حروبها ، وتجربة فيتنام خير دليل ،وإيران خصم لا يستهان به هذا من جانب .
جانب أخر قد يقول قائل إذا قامت الحرب ، فنتيجة ترتفع أسعار النفط ، وتتضرر مصالح هذه الدول في المنطقة ، وقد تصل الأمور إلى أكثر من ذلك ، لكن عمق وخطورة المشاكل القائمة بين هذه الدول مع أمريكا كبير جدا ،وهي تعيش تحت الضغط الأمريكي الرهيب منذ تولي ترامب السلطة في ملفات مختلفة ، وتتعرض إلى تهديد وضغط وعقوبات اقتصادية مستمرمن الإدارة الأمريكي ، لإجبارها إلى التنازل أو الخضوع للرغبات أو الإرادة البيت الأبيض ، ومهما كان ثمن الحرب باهظ عليها ، لكنها ترغب في خسارة أمريكي أو تعرضها إلى نكسة تجعل ساستها في وضع صعب للغاية .
الإدارة الأمريكية تدرك تمام مخاطر هذه المغامرة مع إيران ، وأيضا تدرك إن هناك عدة جهات ترغب في خسارتها الحرب او فشلها في تحقيق غاياتها أو أهدافها ،لهذا تصر على إجراء تفاوض وحوار مباشر مع إيران ، لان كلا الأمران في الحرب مع إيران سيكلفها الكثير ، وتكون زعامتها تحت التهديد بوجود خصوم مثل الصين وروسيا .
ماهر ضياء محيي الدين