حسم الكيان الصهيوني الجدل حول زيارة الوفد السعودي إلى تل أبيب برئاسة جنرال الاستخبارات السعودي السابق أنور عشقي ,والذي التقى بعدد من المسؤولين الصهاينة بينهم نواب في الكنيست “الإسرائيلي” ناهيك عن إجراء مقابلات صحافية في مقرات عدد من الصحف الصهيونية, واعتزام عشقي إجراء أول مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية .
ثمة تناقض صارخ تعيشه المملكة السعودية، فالرياض التي تهرول للسلام مع إسرائيل ووضع حالة العداء جانبا حسمت أمرها لجهة تصعيد الحرب على اليمن, حيث شهدت مختلف الجبهات بما فيها جبهات الحدود تصعيدا عسكريا خطيرا وعاد منسوب الغارات الجوية إلى الارتفاع كما كان عليه في السابق .
كما عملت من خلال المرتزقة على إفشال المشاورات الجارية في الكويت, بعد تراجع وفد “الرياض” عما جرى الاتفاق عليه في اللقاءات التي جرت قبيل إجازة عيد الفطر المبارك.
ونفذ المرتزقة انطلاقا من الحدود السعودية أكبر زحف بري على مدينة حرض للاستيلاء عليها حيث جرى تمهيد ناري للمنطقة المستهدفة بعرض 13 كيلو متر لساعات, ونفذ الزحف البري من منطقتين بعرض كيلو متر واحد, لكن هذا الزحف الضخم فشل وتحول المشهد إلى أكثر المشاهد دموية في الحرب القائمة على اليمن منذ 16 شهرا .
ودون الإشارة إلى الخسائر في صفوف القوات السعودية المساندة ذكرت مصادر سعودية أنه سقط لمرتزقة الرياض ما يربو عن 200 قتيل ناهيك عن الأعداد الكبيرة للجرحى والأسرى,بعد وقوعهم في مصيدة أعدها الجيش اليمني واللجان الشعبية المساندة له بإحكام , ونقل عن أحد المرتزقة قوله إن المكان تحول إلى جحيم بالفعل وكان الرصاص يأتي من كل مكان بعد أن ظن المهاجمون أن القصف الناري قد قضى على أي حياة أمامهم .
الزيارات بين الرياض وتل أبيب اتسمت خلال العقود الماضية بالسرية التامة وأحيطت بتكتم شديد من قبل الجهتين , لكن اللافت إنه مع وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم وشنه الحرب على اليمن , تفلت العقال باتجاه ” إسرائيل” وغاب الحزم ولو ظاهريا تجاه القضية الفلسطينية , وأخذت اللقاءات السعودية مع مسؤولين صهاينة من قبل الجنرال عشقي والأمير تركي الفيصل طريقها إلى العلن وتحاط بها وسائل الإعلام.
وبرغم أن الدوائر السعودية لا تمل من تكرير مقولة إن عشقي لا يمثل السعودية ولا تكتسب زيارته صفة رسمية , لكنها إسطوانة ترتد على السعوديين أنفسهم في بلد لا تمتلك فيه حرية التصرف داخليا بدون إذن ملكي فكيف بشأن يتصل بالسياسة الخارجية للمملكة, والحديث عن جهود سعودية لإحياء مبادرة السلام السعودية المقدمة إلى قمة بيروت قبل نحو 10 سنوات هو عذر أقبح من فعل , فالمبادرة نفسها رفضت إسرائيليا , كما أن الظروف في المنطقة تغيرت جذريا , وهذا ما يقوله حتى المسؤولين الصهاينة , فكيف يذهب وفد لإعادة إحياء ما قد مات وتجاوزته الظروف المحيطة.
وبحسب تسريبات لمجتهد وهو أحد أفراد الأسرة السعودية كما يعتقد فإن أعضاء في الكنيست الصهيوني وجهت لهم الدعوة لزيارة الرياض ولقاء ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عراب الحرب على اليمن.
السعودية ماضية في التصعيد جنوبا وشمالا وإن كانت نوعية التصعيد تختلف , لكن المؤكد في كلاهما أن السياسة السعودية تفتقد العقل الراجح وتعيش مرحلة تخبط كبيرة , فلا السلام مع إسرائيل سيجني للمملكة طول العمر , ولا الحرب على اليمن سيصلح ذات البين السعودي ويحفظ ما تبقى من نفوذها في المنطقة والذي يتآكل بوتيرة أسرع من تآكل الاحتياطي السعودي وانخفاض أسعار النفط.
كان الرئيس الأمريكي اوباما صادقا – وهذه عادة الرؤساء و المسؤولين الأميركيين عند انتهاء مهامهم – حين خاطب العائلة المالكة السعودية بأن الخطر يأتي من الداخل وليس من الخارج , وإصرار الرياض على الارتماء في الحضن الصهيوني , مع إصرارها كذلك على سفك دماء الشعب الذي ينحدر منه كل العرب , سيكون الجذوة التي تجمع الناقمين على النظام السعودي, وقناعتهم بضرورة إسقاط النظام السعودي في ظل تضاؤل الآمال برجوعه عن غيه أو إمكان إصلاحه.
شواهد التاريخ العربي حاضرة ,من الرئيس السادات إلى الرئيس اللبناني بشير الجميل , ولن يخالف التاريخ عادته إكراما للسعوديين ,فلا سبيل لشرائه بالمال.
بقلم : ابراهيم الوداعي